أعتقد أن مخرج مسلسل #دروب_المرجلة وليد العلفي تعمد أن يصور بعض حلقات المسلسل التي فيها قطاع طرق وما يرتكبونه من جرائم بحق عابري السبيل، في مناطق الصبيحة.. حيث تم تصوير الحلقتين (الثانية والثالثة) بالقرب من مصنع الحديد الواقع في خبت الرجاع التابع لمديرية طور الباحة، وربما ستكون هناك حلقات أخرى قادمة في المكان نفسه، والتي سيكون فيها إظهار لجرائم قطاع الطرق..
لا ننكر نحن أبناء الصبيحة أن مناطقنا وطرقنا كانت تشهد تقطعاً لعابري السبيل من قبل قطاع طرق (أفراد يمثلون أنفسهم ولا يمتون بصلة للأعراف والقيم القبلية والدينية التي عرف بها المجتمع الصبيحي عبر تاريخه المشرف)، ولا ننكر أن أولئك الخارجين عن النظام والقانون والعرف القبلي ارتكبوا جرائم شنيعة بحق عابري السبيل في السابق.. جرائم آلمتنا وأوجعتنا وأرهقت أرواحنا كثيراً، وكانت تلك الممارسات الشاذة مدانة ومستنكرة جملة وتفصيلاً من قبل كل أفراد المجتمع الصبيحي، بل وسعى مشايخ ووجهاء الصبيحة بكل السبل لمحاربتها والتبرؤ من أصحابها، ونفذت العديد من الحملات الأمنية لملاحقتهم.
لكن ومنذ عامين اختفت ظاهرة التقطع نهائياً بالتزامن مع الحملة الأمنية والعسكرية المشتركة في مناطق الصبيحة، التي يقودها الشيخ حمدي شكري، بتوجيه من الفريق الركن محمود الصبيحي.. ووضعت الحملة حداً لتلك الظاهرة المقيتة، حيث تم ملاحقة قطاعي الطرق والمطلوبين أمنياً والقبض عليهم والزج بهم في السجون..
نقولها بكل اعتزاز بأن تلك الحملة الأمنية بلسمت جراحنا وأعادت الاعتبار لتاريخ قبائل الصبيحة المجيد، وعززت في أنفسنا قيمة الافتخار والاعتزاز بالانتماء للمجتمع الصبيحي المثالي المسالم..
ليست ذلك فحسب، بل نجحت الحملة الأمنية والعسكرية في القضاء على كل المظاهر المسلحة في مديرية طور الباحة (حاضرة الصبيحة) خاصة وفي مناطق الصبيحة بشكل عام.. بل ومنعت الحملة إطلاق الرصاص الحي في أي مناسبة في كل قرى ومناطق الصبيحة.. فصارت مناطق الصبيحة التي كانت تشتهر بالسلاح نموذجاً يحتذى به في الأمن والأمان والسلام..
لتواصل الحملة نجاحاتها بعد ذلك بتشكيل لجنة للفصل بين قضايا الثأر، وتم حل جميع قضايا الثأر ولله الحمد في وقت قياسي، وساعد في ذلك ما أظهره مشايخ ووجهاء القبائل والمجتمع الصبيحي بشكل عام من وعي وحكمة ونضج منقطع النظير، وتُوّجِت المبادرة بعد ذلك بتوقيع كل مشايخ ووجهاء وأعيان جميع قبائل الصبيحة بمديرياتها الثلاث (طور الباحة، المضاربة ورأس العارة، كرش) على وثيقة عهد قبلي لإغلاق ملف الثأرات، ليتم الإعلان عقب ذلك عن انتهاء ظاهرة الثأرات تماماً في مناطق الصبيحة بشكل عام، وبدء عهد جديد يسوده السلام والمحبة والوئام، والمعاهدة بالحفاظ على النسيج الاجتماعي الصبيحي..
خلاصة القول.. إذا كان مسلسل دروب المرجلة يحمل أهدافاً حقيقية لتشكيل الوعي المجتمعي، فإنه لابد أن لا يغض الطرف عن ما حدث بعد ذلك من وعي وتحول تاريخي في المناطق التي كانت تشهد تقطعاً لعابري السبيل (مناطق الصبيحة نموذجاً) بإعلان حملة أمنية وعسكرية وقبلية واسعة جريئة ضد هذه الآفة والقضاء عليها نهائياً، والقبض على المتورطين ومحاكمتهم والانتصار لتاريخ القبيلة وقيمها المثلى..
لكن إذا لم يلتفت مخرج المسلسل لهذا التغيير الإيجابي، فإننا نعتبر ذلك فشلاً ذريعاً للمسلسل أولاً، وثانياً سنعتبر الهدف من المسلسل سياسياً خبيثاً بإعادته إلى الذاكرة فصولاً دموية لمرحلة تم طي صفحاتها إلى الأبد.
صديق الطيار