تواجه سوريا أزمة حادة في قطاع الخدمات الأساسية، تمتد من الكهرباء إلى الغاز والمحروقات، وصولاً إلى النظافة العامة والخدمات البلدية. ويبدو أن هذه الأزمة باتت تشلّ الحياة اليومية لمعظم السكان، خاصة مع استمرار النقص الحاد في الموارد، ما جعل تأمين أبسط مقومات المعيشة تحدياً يومياً.
ومنذ اندلاع الحرب في 2011 وتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية، فقدت الدولة جزءاً كبيراً من قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية، وهو ما انعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين في مختلف المناطق.
تضرر الكهرباء
يُعدّ قطاع الكهرباء من أكثر القطاعات تضرراً في سوريا، حيث انخفضت ساعات التغذية إلى أدنى مستوياتها، إذ تصل الكهرباء في بعض المناطق إلى ساعة واحدة فقط خلال اليوم، بينما تعيش مناطق أخرى في ظلام تام. ويرجع ذلك إلى نقص موارد التشغيل، سواء من وقود أو قطع غيار لمحطات التوليد، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية نتيجة الحرب والعقوبات الاقتصادية.
ومع استمرار هذه الأزمة، ارتفعت تكاليف البدائل كالمولدات الخاصة والألواح الشمسية، ما جعل الحصول على الكهرباء أمراً مكلفاً للغاية وغير متاح لشريحة واسعة من السكان.
في ظل هذه التحديات، تحاول الحكومة في دمشق إيجاد حلول جزئية للتخفيف من حدة الأزمة. ومن بين هذه الحلول الاتفاق الذي أعلن عنه مؤخراً بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، والذي ينص على تزويد دمشق بـ 15 ألف برميل نفط يومياً.
يُفترض أن يُسهم هذا الاتفاق في تأمين جزء من الاحتياجات النفطية، وبالتالي تحسين تشغيل محطات الكهرباء وتحريك عجلة بعض القطاعات الحيوية. ومع ذلك، لا يُتوقع أن تكون النتائج فورية، إذ تحتاج هذه العملية إلى وقت حتى يظهر تأثيرها الفعلي على الأرض.
كما أن مدى التزام الأطراف ببنود الاتفاق، والقدرة على تجاوز العوائق اللوجستية والسياسية، سيحددان مدى نجاحه في تحقيق أهدافه. تُشكّل هذه الأوضاع تحدياً كبيراً، حيث أصبحت الخدمات معياراً رئيسياً لقياس مدى رضا السكان عن أدائها، ومؤشراً لعلاقتهم المستقبلية معها.
إصلاحات
في المحصلة، لا تزال الحلول المطروحة غير كافية لمواجهة عمق الأزمة، إذ تحتاج سوريا إلى إصلاحات جذرية وبنية تحتية قوية، إضافة إلى استقرار سياسي واقتصادي يتيح إعادة تشغيل القطاعات الخدمية بشكل مستدام.
وحتى ذلك الحين، سيظل المواطن السوري يواجه يومياً معركة تأمين أبسط متطلبات الحياة، في ظل وضع دولي بات لا ينظر إلى سوريا كأزمة ملحة بحاجة إلى حل وعلى رأسها الرفع التام للعقوبات الغربية، لأن الاستمرار فيها – أي العقوبات – قد يصبح أداة لعدم الاستقرار الأمني والسياسي