آخر تحديث :الأربعاء - 12 فبراير 2025 - 01:32 ص

كتابات واقلام


الكهرباء في عدن بين الإهمال الرسمي و الاستجداء الدائم للوقود

الثلاثاء - 11 فبراير 2025 - الساعة 11:15 م

د/ عارف محمد عباد السقاف
بقلم: د/ عارف محمد عباد السقاف - ارشيف الكاتب




بين الحين والآخر، تطفو على السطح أخبار "البشائر السارة" كما يطلق عليها البعض بشأن تحسن خدمة الكهرباء في عدن، وكلها تدور حول تأمين كميات متفرقة من الوقود، وكأن توفير الطاقة الكهربائية بات منّة أو هبة، لا حقاً أصيلاً من حقوق المواطنين. ما يحدث اليوم هو انعكاس مباشر لحالة من التراخي الرسمي والتنصل الحكومي من المسؤوليات، حيث أصبحت محطات التوليد رهينة شحنات متقطعة، بدلاً من وجود خطة مستدامة لضمان إمداد مستمر بالكهرباء.
إن إعلان مدير محطة الحسوة عن تأمين بضعة آلاف من البراميل من شبوة وصافر، مع وصول باخرة تحمل شحنة ديزل، لا يمثل إنجازا بقدر ما يعكس عمق الأزمة، حيث أصبح الوضع الطبيعي لمحطات الكهرباء في عدن هو التعطل المستمر بانتظار جرعات من الوقود تضمن تشغيلها مؤقتا. وبدلا من قيام الحكومة بواجباتها في تأمين الخدمة للمواطنين، باتت الكهرباء تدار بمنطق الإغاثة والوعود التي لا تتوقف، فيما يستمر المواطن في دفع الثمن، سواء بارتفاع درجات الحرارة التي لا تطاق، أو بشراء الوقود بأسعار مرتفعة لتشغيل مولداته الخاصة أو منظومات الطاقة الشمسية باهضة الثمن، أو بالعيش في الظلام الدامس.
إن الأزمة الحقيقية تكمن في أن عدن، رغم كونها عاصمة مؤقتة للحكومة، لا تزال تعيش في ظل أزمة كهرباء متفاقمة دون أي خطة واضحة لحل جذري، رغم كل ما تمتلكه البلاد من موارد. فمن غير المنطقي أن تبقى الكهرباء رهينة لشحنات متفرقة من الديزل، بينما العالم ينتقل نحو مصادر طاقة أكثر استدامة. إن اعتماد الحكومة على الوقود المستورد، مع غياب أي مشروع استثماري حقيقي في الطاقة، يعني استمرار الأزمة لعقود قادمة.
والأخطر من ذلك، أن التحالف العربي، الذي يدّعي دعم الاستقرار في اليمن، يغض الطرف عن تمويل الكهرباء، في حين أن إنفاقه السخي على التسليح لا يتوقف. إذا كان الهدف هو إعادة الأمن والاستقرار، فإن أبسط مقومات الحياة، مثل الكهرباء والماء، يجب أن تكون أولوية، لكن يبدو أن ما يحدث هو العكس تماما.

إن استمرار الوضع بهذا الشكل لا يبشر بأي خير، فبدلاً من حلول جذرية، يقتصر الحديث على "شحنة جديدة من الديزل" أو "قواطر جاهزة للتحميل"، بينما يظل المواطن أسيرا لانقطاع الكهرباء ولسياسات حكومية عاجزة عن إيجاد حل دائم لهذه الأزمة المزمنة.