آخر تحديث :الثلاثاء - 11 فبراير 2025 - 11:09 ص

كتابات واقلام


11 فبراير نكبة ودمار على كل اليمنيين

الإثنين - 10 فبراير 2025 - الساعة 09:57 م

محمد العماري
بقلم: محمد العماري - ارشيف الكاتب


في الحادي عشر من فبراير 2011، خرجت اليمن إلى الشوارع في موجة احتجاجات شعبية عارمة، متأثرة بربيع الثورات العربية التي اجتاحت المنطقة. كانت الشعارات براقة، والآمال عالية، والوعود كبيرة. لكن بعد أكثر من عقد من الزمن، يبدو أن الحلم تحول إلى كابوس، والثورة التي كان يُعتقد أنها ستُخرج اليمن من دوامة الفقر والفساد والاستبداد، أصبحت رمزًا للدمار والخراب.

منذ ذلك اليوم، لم تحقق الثورة شيئًا يُذكر. بل على العكس، تحولت اليمن إلى ساحة حرب مفتوحة، حيث تتصارع القوى المحلية والإقليمية على السلطة، بينما يعاني الشعب اليمني من ويلات الحرب والمجاعة والمرض. لقد تحولت الثورة إلى نكبة حقيقية، ليس فقط لأنها فشلت في تحقيق أهدافها، بل لأنها فتحت الباب أمام فوضى عارمة لم تشهدها البلاد من قبل.

في عام 2011، خرج الشباب اليمني مطالبًا بالحرية والعدالة والكرامة. كانت الاحتجاجات سلمية في البداية، وحظيت بتأييد واسع من مختلف شرائح المجتمع. لكن سرعان ما تحولت الأمور إلى صراع على السلطة، حيث استغلت الأحزاب والقوى السياسية الثورة لتحقيق مكاسب خاصة، متناسية المطالب الحقيقية للشعب.

بعد الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، دخلت اليمن في مرحلة انتقالية هشة، لم تكن لديها القدرة على تحقيق الاستقرار. بدلاً من بناء دولة جديدة، انزلقت البلاد إلى حرب أهلية طاحنة، حيث تحالفت القوى السياسية مع أطراف خارجية، مما زاد من تعقيد الأزمة. اليوم، اليمن مقسم بين عدة أطراف، كل منها يدعي الشرعية، بينما يعاني الشعب من نقص الغذاء والدواء والخدمات الأساسية.

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: ما الذي حققته ثورة فبراير؟ هل حققت الحرية؟ أم العدالة؟ أم الكرامة؟ الإجابة المؤلمة هي أن الثورة لم تحقق أيًا من هذه الأهداف. بل على العكس، أصبحت اليمن أكثر فقرًا، وأكثر انقسامًا، وأكثر تدميرًا.

لقد تحولت الثورة إلى حرب دموية، حيث تُقتل الأبرياء كل يوم، وتُدمر البنية التحتية، وتُهجر العائلات من ديارها. لقد أصبحت اليمن ساحة لتجارب القوى الإقليمية والدولية، حيث تُستخدم كمسرح لتصفية الحسابات، بينما يُترك الشعب اليمني ليواجه مصيره بمفرده.

الأمر الأكثر إثارة للاستغراب والأسى هو أن هناك من يتفاخر بثورة فبراير، وكأنها إنجاز تاريخي. فمن أي وجه يتحدث هؤلاء عن الثورة؟ هل يتحدثون عن الدمار الذي خلفته؟ أم عن الحرب التي أشعلتها؟ أم عن المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني يوميًا؟

إن التفاخر بثورة لم تحقق شيئًا سوى الدمار هو أمر لا يمكن فهمه. فالثورة التي كانت تهدف إلى التغيير الإيجابي، تحولت إلى كارثة حقيقية. والأحزاب التي تتباهى بها، هي نفسها التي تسببت في تعميق الأزمة، من خلال صراعاتها على السلطة وتحالفاتها المشبوهة.

ثورة الحادي عشر من فبراير كانت بداية لنهاية اليمن كما نعرفه. لقد تحولت من ثورة شعبية سلمية إلى حرب أهلية دموية، لم تُبقِ ولم تذر. اليوم، يعيش اليمنيون في ظل دمار شامل، حيث لا أمل في الأفق، ولا حل في المدى المنظور.

إن الحديث عن إنجازات هذه الثورة هو ضرب من الخيال. فالثورة التي كان من المفترض أن تحرر اليمن من الفساد والاستبداد، أصبحت رمزًا للفشل والدمار. واليمنيون اليوم يدفعون ثمن هذا الفشل بدمائهم وأرواحهم.

في النهاية، يبقى السؤال: هل كان الحادي عشر من فبراير ثورة أم نكبة؟ الإجابة واضحة لكل من ينظر إلى الواقع المرير الذي تعيشه اليمن اليوم.