في صيف عام 2015، تحولت عدن، المدينة الساحلية الجميلة، إلى ساحة حرب مروعة. اجتاحتها ميليشيات الحوثي، وفرضت عليها حصارًا خانقًا وقصفًا عشوائيًا لم يرحم شيئًا. لم يكن أمام أهل عدن سوى خيارين قاسيين: إما الاستسلام والخضوع لقوة غاشمة، أو الصمود والمقاومة من أجل البقاء والكرامة.
اختار اهل عدن الخيار الثاني، وكتبوا بدمائهم وأرواحهم ملحمة بطولية ستظل خالدة في ذاكرة التاريخ. لم تكن المقاومة في عدن مجرد معركة عسكرية، بل كانت أيضًا معركة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
كان الصمود في وجه الحصار والجوع والخوف بحد ذاته عملاً بطوليًا، كان كل شخص في عدن، سواء كان مقاتلاً أو مدنيًا، جزءًا من هذه الملحمة.
تحت القصف المتواصل، كان الناس يكافحون من أجل الحصول على الغذاء والماء والدواء. تحولت المنازل إلى أنقاض، والشوارع إلى ساحات قتال. فقد الكثيرون أحباءهم وأصدقاءهم، وشاهدوا مدينتهم تتحول إلى خراب. ومع ذلك، لم يستسلموا.
كانت هناك قصص لا تُحصى عن الشجاعة والتضحية. مقاتلون شباب دافعوا عن مدينتهم ببسالة، وأمهات فقدن أبناءهن ولكنهن واصلن تقديم الدعم للمقاومة، وأطباء وممرضون عملوا بلا كلل لإنقاذ الجرحى. كان هناك أيضًا متطوعون يقدمون المساعدة للمحتاجين، ويوزعون الطعام والماء على من فقدوا منازلهم.
لم تكن المقاومة في عدن مجرد معركة بالسلاح، بل كانت أيضًا معركة بالإرادة والإيمان. كان العدنيون يؤمنون بأنهم سيتمكنون من هزيمة الغزاة، وأنهم سيعيدون بناء مدينتهم. هذا الإيمان كان هو الذي منحهم القوة للاستمرار في المقاومة، حتى في أصعب الظروف.
اليوم، وبعد مرور سنوات على تلك الأيام الصعبة، تقف عدن شامخة، تروي للعالم قصة صمودها وبطولتها.
إنها مدينة تستحق أن تبقى رمزًا للكرامة والإباء، ودرسًا في التضحية والفداء. إنها مدينة تذكرنا بأن الإرادة الإنسانية يمكن أن تنتصر على أي قوة، وأن الأمل يمكن أن يزهر حتى في أحلك الظروف."
عبدالناصر مختار علي