تثير مواقف الشيخ عمر بن حبريش، وكيل أول محافظة حضرموت، الكثير من التساؤلات حول حقيقة توجهاته السياسية، خاصة فيما يتعلق بمستقبل حضرموت ضمن الدولة الجنوبية أو في إطار دولة الأقاليم اليمنية. ففي الوقت الذي يدّعي فيه بن حبريش حرصه على حقوق أبناء حضرموت في إدارة شؤونهم وثرواتهم، فإنه يواصل دعمه لبقاء قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للقوى الشمالية في وادي وصحراء حضرموت، متجاهلاً مطالب الانتقالي الجنوبي بإحلال قوات حضرمية بديلة لضمان استقلالية القرار الحضرمي بعيدًا عن الهيمنة اليمنية.
*ازدواجية المواقف ومساندة قوى النفوذ اليمنية
رغم دعواته لحماية حضرموت، لم يتخذ بن حبريش موقفًا واضحًا للمطالبة برحيل القوات الشمالية من الوادي، بل على العكس، يظهر موقفه داعمًا لاستمرار نفوذ حزب الإصلاح وقوى النفوذ اليمنية، التي تسعى لترسيخ دولة الأقاليم ضمن النظام الاتحادي اليمني. هذا الطرح الذي تسوّقه قوى الشمال يمنح حضرموت استقلالية شكلية، بينما تبقى السلطة الفعلية بيد الدولة المركزية، وهو ما يتناقض مع ما يروج له بن حبريش حول "حكم الحضارم لأنفسهم".
*نظام الأقاليم والدولة الجنوبية
تكشف الوثائق الرسمية لكل من مشروع الدستور الاتحادي اليمني ونظام المجلس الانتقالي الجنوبي الفارق الكبير بين النظامين، حيث يتضح الآتي:
في الدولة الاتحادية اليمنية:
يتم ضم حضرموت إلى إقليم مشترك مع محافظات أخرى، ما يعني تقاسم السلطة والثروة وفق قرارات مركزية.
تخضع السلطات المحلية في حضرموت لتوجيهات حكومة الإقليم التي تعمل بدورها تحت سلطة الدولة المركزية.
يحق لأي مواطن يمني، حتى من خارج حضرموت، المشاركة في الانتخابات والترشح للمناصب الإدارية في المحافظة بعد فترة إقامة محددة.
القوات الأمنية والعسكرية تخضع بالكامل للسلطات المركزية، مع عدم وجود أي ضمانات لاستقلالية القرار الأمني لحضرموت.
في الدولة الجنوبية الفيدرالية:
تكون حضرموت محافظة فيدرالية ضمن ثمان محافظات جنوبية، مع احتفاظها بحقوق إدارية موسعة.
تحصل حضرموت على نصيب الثلث في إدارة الدولة الجنوبية، مما يمنحها تأثيرًا قويًا في صنع القرار السياسي والاقتصادي.
تُدار شؤونها من قبل أبناء المحافظة، دون تدخل من خارجها، ويُمنع على أي شخص من محافظة أخرى الترشح أو التصويت فيها.
تمتلك سلطاتها المحلية الحق الكامل في تعيين القيادات الأمنية، ومنع دخول أي قوات عسكرية إلا بموافقتها.
حقيقة التوجهات ودعوة للاطلاع على الوثائق
إن ما يروج له بن حبريش حول استقلالية حضرموت ضمن دولة الأقاليم لا يعدو كونه وهمًا سياسيًا، بينما الواقع يؤكد أن هذا المشروع ما هو إلا وسيلة لضمان بقاء نفوذ القوى الشمالية في المحافظة. في المقابل، يمنح المشروع الفيدرالي الجنوبي حضرموت مكانة قيادية داخل الدولة الجنوبية، معززة بحقوق واضحة تضمن لأبنائها السيطرة الكاملة على ثرواتهم وإدارتها.
لذلك، فإن الدعوة مفتوحة لكل أبناء حضرموت للاطلاع على مسودة الدستور الاتحادي اليمني ووثائق المجلس الانتقالي الجنوبي، حتى يكونوا على دراية تامة بالفوارق بين المشروعين، بعيدًا عن التضليل الإعلامي والمواقف السياسية المتناقضة.