شحنة من البنزين المغشوش تشل حركة آلاف السيارات والمركبات في مناطق سيطرة الحوثيين مما أظهر فساد المليشيات من السر للعلن.
ومنذ أيام باتت الشحنة حديث الملايين في اليمن وتصدرت الرأي العام خصوصاً بعد بلاغات متكررة من المواطنين عن تعطل مركباتهم بعد ساعات فقط من تعبئة البنزين (وقود السيارات) من محطات وقود تابعة لمليشيات الحوثي.
وكشف ما بات يعرف بـ"أزمة البنزين المغشوش" مدى فساد مليشيات الحوثي وتسببها وتجارتها بالوقود غير المطابق للمواصفات والذي كبّد المواطنين وملاك المركبات خسائر مالية فادحة.
ما القصة؟
يقول المواطن اليمني فيصل نصر وهو أحد سكان صنعاء لـ"العين الإخبارية"، إن مركبته تعطلت بعد أن قام بتعبئتها مادة البنزين من إحدى المحطات التابعة لشركة النفط اليمنية بصنعاء.
وأضاف أنه تحرك بسيارته مسافة قصيرة حتى بدأت تظهر عليها علامات فقدان القدرة على السرعة وتغير صوت المحرك قبل أن تتوقف بشكل كلي.
وأشار إلى أنه "عندما ذهب بسيارته إلى أحد الميكانيكيين أبلغه أن مشكلته في المحرك بسبب استخدام بنزين مغشوش ذو جودة رديئة وغير صالح للاستخدام".
وأوضح نصر أن "الميكانيكي أكد له أنه استقبل عشرات المركبات والدراجات النارية، وجميعها تعاني من نفس العطل، بسبب تشغليها بوقود مغشوش".
أما عبدالله الخولاني، فأكد أن سيارته تعطلت بأحد شوارع منطقة حدة بصنعاء، بعد أن قام بتعبئتها مادة البنزين من إحدى محطات بيع الوقود.
وقال الخولاني في حديثه لـ"العين الإخبارية"، "تعطلت سيارتي بسبب البنزين المغشوش ومثلي الآلاف من المواطنين، وإصلاحها تطلب تكلفة مالية باهظة".
الخولاني أكد أنه قام بتعبئة البنزين من إحدى المحطات التي تقول شركة النفط الحوثية إنها تابعة لها، مشيراً إلى أن الحوثيين وعبر شركة النفط يسيطرون على جميع المحطات لبيع الوقود.
اعتراف متأخر
في اعتراف متأخر، أقرت مليشيات الحوثي بوجود وقود مغشوش في مناطق سيطرتها، حيث أصدرت بيان تحذر فيه من "شراء المشتقات النفطية غير المطابقة للمواصفات" حد تعبيرها.
وقالت المليشيات إنها "تلقت خلال الأيام القليلة الماضية عدداً من بلاغات المواطنين في صنعاء وبعض المحافظات عن حدوث أعطال فنية في سياراتهم ودراجاتهم النارية نتيجة تعبئة كميات من مادة البنزين من بعض المحطات البترولية".
ويشير مواقع تتبع حركة السفن والناقلات، فإن آخر ناقلة بنزين وصلت إلى ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة كانت الناقلة "LOVE"، والتي رست في الغاطس بتاريخ 26 ديسمبر/كانون الأول 2024 وعلى متنها نحو 60,639 طناً من البترول، وهي كمية ضخمة وغير معتادة مقارنة بالسنوات السابقة.
وبحسب المصادر فإن الناقلة بدأت بتفريغ حمولتها بعد قرابة شهرين، وتحديداً في 20 فبراير/شباط الماضي، حيث تم ضخ الكمية مباشرة إلى السوق عبر القاطرات دون فحص أو تخزين.
ووفقاً للمصادر فإن شحنة البنزين المغشوش التي ضربت المحطات النفطية في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة للحوثيين تتبع شركة تحمل اسم "تاج أوسكار" وهي إحدى الشركات الوليدة للحوثيين والتي لا يتجاوز عمرها الـ10 أعوام.
فساد مستشري
اعتبرت الحكومة اليمنية أن أزمة الوقود المغشوش في مناطق سيطرة المليشيات، يكشف "جانباً من فساد الحوثيين المستشري، حيث يقومون باستيراد وقود رديء الجودة بهدف جني المزيد من الأرباح على حساب معاناة المواطنين".
وقالت الحكومة على لسان وزير إعلامها معمر الإرياني إن "الوقود المغشوش التي أدخلته المليشيات، أدى إلى تعطل آلاف السيارات والمركبات، وارتفاع تكاليف الصيانة في ظل الظروف المعيشية الصعبة".
وأضاف الوزير اليمني، أن" التقارير تؤكد أن النظام الإيراني يزود مليشيات الحوثي، بشحنات نفط رديئة، والتي تقوم بضخها مباشرة إلى الأسواق عبر القاطرات، وبيعها بأسعار مرتفعة رغم رداءة جودتها، واحتوائها على شوائب ومواد غير صالحة للاستخدام، مما يؤدي إلى تلف المحركات وتوقف السيارات عن العمل، وتكبيد المواطنين خسائر مادية فادحة".
وأضاف أن "هذه الأزمة، تعد امتداداً لسلسلة من الفضائح التي طالت تجارة الوقود في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، حيث سبق وأن كشفت تقارير عن دخول شحنات نفط إيرانية ملوثة عبر موانئ الحديدة".
وحققت شركات تابعة لقيادات نافذة في المليشيات بينهم المدعو محمد عبدالسلام ناطق الحوثيين، أرباحاً هائلة تجاوزت مئات الملايين من الدولارات، في وقت يتحمل فيه المواطنون أعباء مالية متزايدة لإصلاح سياراتهم.
كما تكشف هذه الممارسات وفقاً للوزير اليمني، عن استغلال المليشيات للأوضاع الراهنة لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة، دون مراعاة للأضرار التي تلحق بالمواطنين.