لجأت جماعة الحوثي في إطار محاولتها التهرّب من الانتقادات الدولية الحادّة التي تلاحقها بسبب تصرفاتها إزاء موظفي الأمم المتحدة والمنظمات المستقلة، إلى عكس الهجوم على المنظمة الأممية واتهامها بتسييس العمل الإنساني في البلاد. وتواجه الجماعة أيضا حرجا إزاء سكان بعض مناطق سيطرتها الذين باتوا مهددين بخسارة الدّعم الإنساني الأممي والدولي لهم بسبب تصرفات الحوثيين.
وجاء ذلك في غمرة الضجة الثائرة حول وفاة موظف أممي معتقل لدى الحوثيين وما استتبع ذلك من إجراءات باتجاه تقليص النشاط الإنساني الأممي في مناطق سيطرة الجماعة حماية للقائمين على ذلك النشاط. ودعت جماعة أنصار الله الحوثية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى “تحييد المساعدات الإنسانية وعدم استخدامها كورقة ضغط سياسية من قبله أو من قبل من يتحكمون بأعمال منظمات الأمم المتحدة.”
وقالت السلطة المحلية في محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن في مؤتمر صحفي إنها “تدين إقدام الأمم المتحدة على تسييس العمل الإنساني بإعلان تعليق جميع عمليات وبرامج المساعدة الإنسانية في المحافظة.”
وأضافت أن “هذا الإعلان يمثل عدوانا جديدا وسافرا على ذوي الاحتياجات الإنسانية الملحة من النازحين والمرضى والفقراء في المحافظة وحصارا جديدا ينتهك القوانين والمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية ولا يمكن تبريره.”
واعتبرت السلطة المحلية في صعدة هذه الخطوة “تجييرا للعمل الإنساني لأعمال استخباراتية خدمة للعدو الأميركي والإسرائيلي وتأتي في سياق استهداف الأمم المتحدة الممنهج للمحافظة بتقليص المساعدات خلال السنوات الأخيرة في محاولة لعقاب اليمنيين إزاء موقفهم المبدئي من القضية الفلسطينية.”
كما اعتبرت أن من أسباب هذا القرار “ارتباط قرارات الأمين العام للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي بالمواقف السياسية والأوضاع العسكرية والأمنية في المنطقة وارتهانها للقرار الأميركي، ما يجعلها شريكة في حصار اليمنيين.” وذكرت أن برنامج الغذاء العالمي أوقف توزيع المساعدات الغذائية “منذ بدء عمليات الإسناد لأبناء غزة منذ أكثر من ستة عشر شهرا.”
وأعربت السلطة المحلية في صعدة عن أملها في التراجع عن هذا الإعلان، محملة الأمين العام “المسؤولية عما سيترتب على هذا الإجراء التعسفي.” وأكدت أنها ستتخذ كافة الإجراءات والوسائل القانونية لحماية أبناء المحافظة وعدم “ابتزازهم بالمساعدات الإنسانية.”
وكانت الأمم المتحدة أعلنت قبل نحو أسبوع تعليق جميع عملياتها وبرامجها الإنسانية في محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين حتى الإفراج عن موظفيها المحتجزين لدى الجماعة.
وتوفي أحد موظفي منظمة الغذاء العالمي قبل أسبوع في معتقل الحوثيين في صعدة، وسط إدانات محلية ودولية. وكان البرنامج الأممي قد أعلن الثلاثاء الماضي عن وفاة عضو فريقه أحمد باعلوي المعتقل لدى جماعة الحوثي التي تحتجز عددا من الموظفين الأمميين وأعضاء في منظمات إنسانية ومدنية تتهمهم بالتجسس لجهات غربية.
وأثارت الحادثة القلق من أن تدفع العلاقة بين الحوثيين والأمم المتحدة نحو المزيد من التوتر بما من شأنه أن يؤثر على جهود المنظمة والعديد من المنظمات الدولية الأخرى في إغاثة سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة وتقديم مساعدات مهمة لهم بعضها منقذ للحياة.
وكتبت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، على موقع إكس “أشعر بالحزن والغضب إزاء الخسارة المأساوية لعضو فريق برنامج الأغذية العالمي أحمد الذي فقد حياته أثناء احتجازه تعسفيا في اليمن”، مضيفة “لعب أحمد الذي كرس نفسه للعمل الإنساني وهو أب لطفلين، دورا حاسما في مهمتنا لتقديم مساعدات غذائية منقذة للحياة”.