آخر تحديث :الخميس - 20 فبراير 2025 - 05:16 م

كتابات واقلام


المجلس الانتقالي الجنوبي بين صراع الإرادة ومخططات الاستنزاف

الإثنين - 17 فبراير 2025 - الساعة 11:05 م

عبدالرؤوف الحنشي
بقلم: عبدالرؤوف الحنشي - ارشيف الكاتب


يمر الجنوب بمرحلة فارقة، حيث تختلط التحديات بالمؤامرات، ويصبح التمييز بين العدو والصديق أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، في ظل واقع خانق، يرزح المواطن الجنوبي تحت وطأة أزمات متلاحقة، ليست وليدة المصادفة، بل نتاج مخطط مدروس يسعى لتركيعه، وتحويل قضيته العادلة إلى ملف ثانوي يغرق في دوامة من الفوضى والخذلان.

المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي انبثق من تضحيات جسام، يجد نفسه اليوم أمام مسؤولية تاريخية، لكنه في الوقت ذاته محاصر بمخططات إنهاك ممنهجة، تهدف إلى تحميله وزر حكومة لا تمتلك الإرادة، ولا الرؤية، ولا حتى الحد الأدنى من النزاهة لخدمة الجنوب وأبنائه، فلا يمكن أن يكون المجلس الانتقالي راضياً عن هذا الوضع الكارثي، ولكنه خطط له للوقوع إلى هذا المستنقع، حتى يفقد الشارع ثقته به، وتهدم أسس المشروع الوطني الجنوبي من الداخل.

لا شك أن المجلس الانتقالي الجنوبي قد قدم تنازلات أثرت سلباً على المشروع الجنوبي، وكانت الأوضاع المأساوية التي يعيشها الجنوب اليوم هي إحدى تبعات تلك التنازلات، التي يدفع ثمنها كافة أبناء الجنوب، ومع ذلك، فقد جاءت هذه التنازلات في إطار معركة سياسية معقدة، فرضت فيها خيارات صعبة، وأملاً في تحقيق تطلعات أبناء الجنوب وانتزاع الاعتراف بحقوقه، لكن النتائج لم تأت على قدر التوقعات. ورغم كل ذلك، فإن الحفاظ على المجلس الانتقالي لم يعد مجرد خيار، بل أصبح ضرورة وطنية، فهو السفينة التي تحمل آمال شعب الجنوب، والعنوان السياسي الأبرز لقضيته، وأي استهداف له، مهما كانت مبرراته، هو في جوهره استهداف مباشر للقضية الجنوبية ذاتها، ومحاولة لضرب المشروع التحرري من الداخل، لذا، نعم فإن التصحيح مطلوب، والنقد البناء ضرورة، لكن الهدم والتفكيك هما السلاح الذي يسعى إليه خصوم الجنوب.

وفي خضم كل هذا، يظل السؤال الأكثر إلحاحاً: كيف يمكن للجنوب أن يحمي قضيته وسط هذا التلاعب السياسي؟.. الإجابة: تكمن في الوعي، فالاحتجاج حق، لكنه لا بد أن يكون أداة ضغط منظمة، لا فوضى تستغلها الأطراف المتربصة، يجب أن تبقى مطالب الشارع واضحة ومحددة، وضمن إطار نضال سياسي يحافظ على سلمية التحركات، ويمنع جر الجنوب إلى صدام داخلي يخدم خصومه.

القوات الأمنية الجنوبية ليست العدو، بل هي جزء من نسيج هذه الأرض، تعاني كما يعاني شعبها، وتحمل بندقيتها في معركة لم تنته بعد، وأي مواجهة معها ليست سوى هدية لمشاريع الاستنزاف التي تريد أن ترى الجنوب مفككاً، مستنزفاً، يائساً، علينا أن نعي أن إسقاط الفوضى في الجنوب هو الهدف الأول للقوى التي فشلت في إسقاطه عسكرياً.

في الختام، نحن اليوم أمام مفترق طرق، فإما أن نصطف خلف قضيتنا بحكمة، ونفرض إرادتنا دون أن نكسر سفينتنا، أو نسمح للمتربصين بتمزيق مشروعنا بأيدينا، فالقضية الجنوبية ليست شعاراً، بل مشروع تحرري لا يمكن أن ينجح إلا بالثبات ووحدة الصف، وإدراكنا أن أخطر المعارك ليست تلك التي تخاض بالسلاح، بل التي تدار بالعقول.