آخر تحديث :الجمعة - 21 مارس 2025 - 04:51 م

كتابات واقلام


ها هي العشر الأواخر من رمضان قد دخلت

الخميس - 20 مارس 2025 - الساعة 10:19 م

محمد عبدالله المارم
بقلم: محمد عبدالله المارم - ارشيف الكاتب


ها هي العشر الأواخر من رمضان قد دخلت، وقد ذكر العلماء أن هذه الليالي أفضل ليالي العام، ومن سنّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان. فعَنْ عَائِشةَ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ» (متفق عليه).

من رحمة الله تعالى بعباده أن نوّع لهم الأعمال التي تقرِّبهم إليه، ووقَّت الطاعاتِ البدنيّةَ والماليّةَ بأوقاتٍ تؤدَّى فيها. فمنها ما هو متكررٌ في اليوم كالصلوات، ومنها الأسبوعيُّ كالجمعة، ومنها ما هو موسمٌ سنويٌّ كرمضانَ والحجِّ. كلٌّ من هذه العبادات يمثل فرصةً عظيمةً لالتماسِ الزُّلفى لدى الله تعالى، يجب أن ينتهزها المحسنُ التائقُ إلى زيادة حسناته، والمسيء الراغب في التخلص من سيئاته. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» (رواه مسلم).

وهذا وعدٌ من الله تعالى لمن أدى الفريضة في هذه العبادات، غير أن الفرص لا تقتصر على ذلك، ففي اليوم نوافلُ صلاةٍ تُرفع بها الدرجات، وفي الجمعة ساعةُ إجابة، أما رمضان فموسمٌ حافلٌ بالفرص المتنوعة. ونحن الآن مقبلون على العشر الأواخر، وهي أفضل ليالي الشهر، بل من أفضل ليالي العام. ولي مع بقاء الفرصة وقفات:

الوقفة الأولى: فضل شهر رمضان
رمضان متجرٌ حاشدٌ للحسنات، تُجنى فيه الأجور الوفيرة مقابلَ الأعمال الميسورة. فمن دخل هذا المتجرَ وخرج منه صفرَ اليدين، فقد فرَّط تفريطاً عظيماً. فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه، أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عليه وسَلمَ قَالَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ» (رواه الترمذي وصححه الألباني). ومع أنَّ صومَ الشهر فريضةٌ لا تتجزأ في حقِّ من لم يُعذر، إلا أن للموسم وظائفَ كثيرةً تمتدُّ إلى آخر ليلةٍ من لياليه. ومن فاتته الليلة الماضية، فعسى أن يُدرَك بالعتق من النّار الليلة المقبلة، فَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ في كُلّ لَيْلَةٍ من رمضان.

الوقفة الثانية: العشر الأواخر وليلة القدر
العشر الأواخر أفضل ليالي العام. عن عَائِشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ» (متفق عليه). وفيها ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر. وقد أخفى الله تعيينَها ليتحرى المسلمون قيامها في الوتر من العشر الأواخر. عن سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي اللهُ عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا - أَوْ نُسِّيتُهَا - فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الوَتْرِ» (متفق عليه).

الوقفة الثالثة: اغتنام ليلة القدر
قيام ليلة القدر سببٌ لمغفرة الذنوب. فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه). وتلاوة القرآن في هذه الليلة تعادل عبادة ألف شهر. وكذلك الصدقة، فإنها تُضاعف في الأوقات العادية إلى سبعمائة ضعف، فما بالكم بصدقةٍ في ليلةٍ هي خيرٌ من ألف شهر؟!

هذه الليالي العظيمة فرصةٌ عظيمةٌ لمن أراد إصلاح نفسه، وزيادة حسناته، وبلوغ رضوان الله. فهل نغتنمها؟!