آخر تحديث :الأربعاء - 19 مارس 2025 - 05:48 م

كتابات واقلام


اللهجات اليمنية ثراء ثقافي ام ساحة خلاف؟

الأربعاء - 19 مارس 2025 - الساعة 05:05 م

عارف ناجي علي
بقلم: عارف ناجي علي - ارشيف الكاتب




عارف ناجي علي

في الوقت الذي يجب ان يكون التنوع اللغوي واللهجي في اليمن مصدر فخر واعتزاز، اصبح للأسف ساحة للخلافات والانتقادات المتبادلة ، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي هذا المشهد يعكس حالة من التعصب غير المبرر تجاه لهجات معينة حيث ترى كل محافظة ان لهجتها هي الافضل والاوضح متناسية ان لكل محافظة او منطقة في العالم لهجتها الخاصة التي تشكل جزءا من هويتها الثقافية والتاريخية.

اليمن بلد يمتاز بتنوعه اللهجي الكبير، وذلك نتيجة لعوامل تاريخية وجغرافية اثرت على طريقة النطق والمفردات المستخدمة في كل منطقة ، فاللهجات اليمنية ليست مجرد وسيلة تواصل بل هي سجل شفوي يحمل في طياته تاريخ المنطقة وثقافتها وعاداتها وتقاليدها وهذا التنوع ليس امرا شاذا بل هو سمة عالمية حيث ان معظم الدول تمتلك لهجات مختلفة وبعضها يمتلك لغات متعددة داخل حدودها.

وبدلا من الاحتفاء بهذا التنوع تحول الامر إلى صراع بين ابناء المحافظات حيث يتم تبادل السخرية والاستهزاء بلهجات الاخرين ، سلوك لا يعكس فقط عدم النضج الثقافي بل يشير الى مشكلة اعمق تتعلق بنقص الوعي والتقبل للاخر. والاسوا من ذلك ان هذه الخلافات قد تمتد إلى مجالات اخرى مما يكرس الانقسام داخل المجتمع بدلا من تعزيز التنوع الثقافي.

ان التعامل مع اللهجات المختلفة يجب ان يكون من منطلق الفهم والتقدير لا من منطلق الاستعلاء او السخرية وعلى الجميع ان يدرك ان اللهجة اليمنية عامة ليست مجرد طريقة نطق بل هي انعكاس لهوية جماعية عريقة، يمكن ان يكون التفاعل مع اللهجات الاخرى فرصة للتعلم والاستكشاف بدلا من ان تكون ساحة للتنابز والتجريح.

من المهم ان نرتقي بخطابنا ونتجاوز هذه النزاعات السطحية، فاللغة وسيلة للتواصل وليست مقياسا للتفاضل وفي النهاية تظل الحكمة القديمة صالحة: "كل قرد بعين امه غزال" وكل لهجة في عين أهلها اجمل واعذب، فلنحترم هذا التنوع ونجعل منه وسيلة للتقارب لا للتنافر..