آخر تحديث :الإثنين - 03 فبراير 2025 - 07:50 م

كتابات واقلام


لا نناشد المسؤولين، فقد أداروا ظهورهم منذ زمن

الإثنين - 03 فبراير 2025 - الساعة 04:38 م

عارف عادل ابو الخضر
بقلم: عارف عادل ابو الخضر - ارشيف الكاتب


يهل علينا شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة، حاملاً معه نسائم الأمل والطمأنينة، لكن أيُّ أملٍ يبقى عندما يتحوَّل الجوع إلى رفيقٍ دائم لكثير من البيوت، وعندما تصبح لقمة العيش ترفًا بعيد المنال؟ كيف يُفرح الفقراء بقدوم رمضان وهم عاجزون عن توفير كسرة خبزٍ تسد رمق أطفالهم؟

ألم المواطن البسيط وجوعٌ بلا رحمة، في حديثٍ عابر، التقيت بصديقٍ أرهقه الفقر، سألته كيف حالك اجاب وكان صوته خافتًا وكلماته متلعثمة بالحسرة، قال لي "لا أملك حتى مئة ريال، والدقيق قد نفد من المنزل، اضطررت للاستدانة من الجيران لأطعم أطفالي.."
وصديق آخر، حين سألته عن حاله، أجابني بحرقة
"أطفالي يتضورون جوعًا..!"

يا الله! أيعقلُ أن نصل إلى هذا الحد؟ كيف لقلوبٍ رحيمة أن تتحمل مشهد أبٍ لا يجد ما يقدّمه لصغاره سوى العجز والحزن؟ كيف لنا أن نُحسن استقبال هذا الشهر الفضيل، وهناك من لا يجد قوت يومه؟

الأسواق تشتعل والجيوب خاوية الأسواق تعجّ بالمتسوقين، والمحال التجارية تفيض بالبضائع، لكن كم من هؤلاء المتجولين مجرد ناظرين عاجزين؟ كم من أبٍ وقف أمام الرفوف يتنهد، ثم رحل دون أن يشتري شيئًا؟
الأسعار تشتعل الدقيق، الزيت، السكر، الحبوب، كل شيء تضاعف ثمنه، ولم يعد المواطن البسيط قادرًا على توفير أبسط مستلزمات رمضان. كيف لنا أن نفرح برمضان، والمائدة خاوية إلا من الحسرة؟

رمضان بين نفحات العبادة ووجع الفقراء رمضان شهر الصيام، نعم، لكنه ليس شهر الجوع! الصيام عبادة، لكن ماذا عن طفلٍ نام وهو يبكي جوعًا؟ عن معلمٍ أفنى عمره في تربية الأجيال، لكنه لا يجد ما يسد به رمقه؟ عن أمٍّ عجزت عن توفير لقمة تسكت بها بكاء أطفالها؟
لقد تحوّل الجوع إلى كابوسٍ يلاحق الجميع، وأصبح الحصول على الطعام أمنية مستحيلة، في زمنٍ كان يجب أن يكون فيه رمضان موسمًا للعطاء والتكافل، لا موسمًا للمعاناة والخذلان.

لا نناشد المسؤولين، فقد أداروا ظهورهم منذ زمن، لكننا نصرخ بنداءٍ حارق إلى التجار، أصحاب رؤوس الأموال، أهل الخير ارحموا هذا الشعب المقهور، خفضوا الأسعار، وساهموا في كسر حلقة الجوع التي تطوّق أعناق الفقراء، وزعوا زكاتكم وصدقاتكم على المستحقين، اجعلوها نورًا يضيء بيوت البائسين.
تذكّروا أن التجارة مع الله رابحة أضعافًا مضاعفة، وأن الجائع اليوم قد يكون سببًا في نجاتكم غدًا.


دعوة من القلوب المنكسرة
في هذا الشهر المبارك، نرفع أكفّنا إلى السماء، ونناجي الله بقلوبٍ موجوعة:
اللهم فرّج كرب الفقراء، أطعم الجائعين، وارحم الضعفاء، وأصلح أحوال الأمة..
اللهم إن الفقر قد بلغ مداه، والجوع قد أدمى القلوب، فكن عونًا لعبادك المظلومين..