آخر تحديث :الأربعاء - 12 مارس 2025 - 02:50 م

الصحافة اليوم


صحيفة دولية : علي ناصر يعود إلى الساحة اليمنية في مظهر رجل الوفاق وداعية الوحدة

الثلاثاء - 11 مارس 2025 - 02:59 م بتوقيت عدن

صحيفة دولية : علي ناصر يعود إلى الساحة اليمنية في مظهر رجل الوفاق وداعية الوحدة

عدن تايم/ العرب

بدأت أفكار طرحها علي ناصر محمّد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا بشأن مستقبل اليمن ورؤية تحقيق السلام فيه، بإثارة جدل ساخن بشأن واقعيتها ومدى إمكانية تجسيدها على أرض الواقع وإقناع فرقاء الصراع بها كونها مضادة بالكامل لمصالح بعضهم ومناقضة لمشاريعهم السياسية.


وقال السياسي المخضرم إنّه يمتلك مشروعا سياسيا، معلنا بذلك عودته الفعلية إلى الساحة التي غاب عنها لبعض الوقت قبل أن يعود للظهور الصيف الماضي من خلال اجتماع في إسطنبول انطلقت بعده موجة من التحليلات بشأن تكليفه من قبل جهات إقليمية بقيادة محاولة للتقريب بين بعض فرقاء الصراع اليمني تمهيدا لضمّهم إلى سلطة موحدة تحت قيادته.


ولم يكن الرئيس الجنوبي الأسبق بعيدا عن هذه الفكرة عندما تحدث أخيرا لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي عن تأييده مشاركة الحوثيين في الحكم بدلا من أن يكونوا حكاما لصنعاء، وكذلك تأييده مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في حكم اليمن موحّدا بدلا من أنّ ينفرد بحكم الجنوب.


وتبدو مثل هذه الأفكار في ضوء الوضع القائم في البلاد صعبة التحقّق على أرض الواقع إذ أنّ محاولة الجمع بين الحوثيين والانتقالي الجنوبي في وعاء سلطوي واحد هي بمثابة محاولة للجمع بين مشروعين متضادين.


ولم تتأخر جهات مقرّبة من المجلس الانتقالي في قراءة ما طرحه الرجل باعتباره دعوة لتخلي المجلس عن فكرته الأساسية التي قام أصلا بهدف تحقيقها والمتمثّلة في إقامة دولة الجنوب المستقلّة.


ويبدو أن ناصر محمّد اختار مظهر رجل الوفاق وداعية الوحدة والسلام لتدشين عودته إلى الساحة السياسية اليمنية، وهو ما جسده في اجتماع عقده بإسطنبول في يوليو من العام الماضي وضم ممثلين عن الحوثيين والفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين وحضره سفيرا اليمن لدى تركيا وقطر.


وقالت مصادر مقرّبة من حزب الإصلاح الذراع المحلية لتنظيم الإخوان عن الاجتماع بأنه جزء من محاولة لإرساء سلام في البلاد يقوم على ضمّ الحوثيين إلى مجلس القيادة الرئاسي الذي يقوده حاليا رشاد العليمي.


وذهب الصحافي المقرب من الحزب عبدالله دوبله حدّ القول إن الرئيس الجنوبي الأسبق مرشّح أصلا لخلافة رشاد العليمي على رأس مجلس القيادة، موضحا “ما فهمته من لقائنا مع الرئيس علي ناصر في إسطنبول أنّه يمكن توسيع مجلس القيادة الرئاسي ليشمل الحوثي واختيار علي ناصر رئيسا للمجلس بدلا عن العليمي والعودة إلى إدارة مرحلة انتقالية من صنعاء”.


ويبرز سيناريو التعويل على شخصيات سياسية مخضرمة مثـل ناصر محمّد في خضمّ عملية البحث عن مدخل إلى مسار سلام ينهي الصراع الدائر في اليمن، وهي عملية تنخـرط فيها بقوّة المملكـة العربيـة السعودية المـدعـومة في جهودها بسلطنة عمان والأمم المتحدة.


وتشهد عملية السلام في اليمن حالة من الجمود جعلت المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ يحذّر من سيناريو قطع التهدئة القائمة حاليا والعودة إلى الصراع المسلّح.


ومن هذا المنطلق قد يكون شخص علي ناصر محمّد، خيارَ بعض القوى المهتمة بالسلام اليمني بناء على ما يمتلكه الرجل من كاريزما وخبرات سياسية متراكمة ومن شبكة علاقات واسعة ومن براغماتية.


وقال محمّد إنّ مجموعة السلام اليمنية التي يرأسها تملك مشروعا سياسيا تسعى من خلاله إلى دفع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية للحوار من أجل استعادة الدولة اليمنية برئيس واحد وحكومة واحدة وجيش واحد.


وأضاف “جربنا الحروب في الجنوب والشمال وبين الجنوب والشمال لذلك نحن ندعو إلى وقف الحروب والاحتكام إلى لغة الحوار”.


كما كشف عن سعي مجموعته إلى إجراء حوار مع السعودية والإمارات وإيران وقطر وغيرها من دول المنطقة، موضّحا “نحن نطالب هذه الدول بمساعدتنا حتى لا نكون عبئا عليها”.


وتتطابق هذه الأفكار مع محتوى مبادرة كان تقدّم بها ناصر محمد نفسه من قبل وضمّنها رسالة كان وجهها إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي. ومما ورد ضمن بنود تلك المبادرة “الدعوة إلى حوار وطني أوسع لا يستثني أحدا برعاية مجلس التعاون الخليجي، والأمم المتحدة والجامعة العربية”.


ناصر محمّد يختار مظهر رجل الوفاق وداعية الوحدة والسلام لتدشين عودته إلى الساحة السياسية اليمنية، وهو ما جسده في اجتماع عقده بإسطنبول في يوليو من العام الماضي


كما نص أحد بنودها على “استعادة الدولة ومؤسساتها والاتفاق على رئيس توافقي وحكومة وحدة وطنية لفترة انتقالية معقولة زمنيا وغير قابلة للتمديد، يجري الاتفاق عليهما وعلى شكل الدولة الاتحادية”.


ونحت الانتقادات الموجّهة لأفكار علي ناصر محمد بشأن السـلام والـوحدة منحيين انطلق أحدهما من عدم واقعيتها، وانطلق الثاني من تضاربها مع مصلحة دعاة دولة الجنوب المستقلة ومشروعهم.


وقال المحلل السياسي والباحث في الأكاديمية الروسية علي الزامكي إن الدعوة إلى إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي في الحكم إلى جانب الحوثيين تواجه تحديات جوهرية قد تعرقل نجاحها.


وأوضح في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن هذه الشراكة رغم ما يبدو عليها من طابع تسوية، قد تعني النهاية السياسية للطرفين إذا لم يتم التعامل معها بحذر، مشيرا إلى أنّ الحوثيين لن يقبلوا بمثل هذه الشراكة، لأن الدخول فيها يعني تقويض مشروعهم السياسي القائم على السيطرة الأحادية وأن المجلس الانتقالي الجنوبي يواجه المعضلة ذاتها حيث إن انخراطه في تسوية شاملة قد يؤدي إلى إضعاف نفوذه السياسي والعسكري.


وكانت الجهات المتبنية لمشروع دولة الجنوب المستقلة أكثر وضوحا في انتقاد أفكار علي ناصر محمّد ورفضها. وقال الباحث حسين لقور بن عيدان إنّ ما ورد على لسان الرجل يسلط الضوء على مواقف القوى القومية والاشتراكية الجنوبية التي رأى في تصريحات لصحيفة الأيام المحلية أنها لا تزال تتمسك بفكرة الوحدة مع اليمن رغم الرفض الشعبي الجنوبي الواضح لها.