آخر تحديث :الإثنين - 03 مارس 2025 - 06:03 م

الصحافة اليوم


رمضان في اليمن.. موسم للروحانيات والتكافل الاجتماعي

الأحد - 02 مارس 2025 - 02:13 م بتوقيت عدن

رمضان في اليمن.. موسم للروحانيات والتكافل الاجتماعي

تقرير أشرف خليفة

تتشابه العادات اليومية لليمنيين في عموم المحافظات كافة، خلال شهر رمضان المبارك، والتي تتنوع بين الحالة الروحانية التي يصنعها الأهالي، والأجواء الاجتماعية المتميزة من زيارات عائلية ولقاءات مجتمعية، بالإضافة إلى الأنشطة الرياضية والدوريات الكروية الشعبية والمسابقات القرآنية.



تغير الروتين واختلاف المواعيد


مع دخول شهر رمضان يتغير نمط حياة اليمنيين؛ إذ يتحول ليلهم إلى نهار ونهارهم إلى ليل، فساعات العمل الوظيفي الحكومي، تقلّ من 6 ساعات إلى 4 أو 3 ساعات فقط، حيث يبدأ الدوام الرسمي في العاشرة صباحا، ويستمر حتى الساعة الواحدة أو الثانية ظهرا، بشكل متفاوت.


فيما تكاد تخلو الشوارع العامة والطرق الرئيسة من الحركة، ولا تبدأ إلا قرب فترة العصر، فغالبية اليمنيين ينامون أكثرية ساعات النهار، ولا يستيقظون إلا لأداء الصلوات في المساجد المحيطة بمنازلهم والعودة لاستكمال النوم.



يُحدث رمضان على اليمنيين فارقا كبيرا في (روتين) حياتهم، إذ يبدأ غالبيتهم في النوم عقب صلاة الفجر، بينما تنتعش الحركة في ذروتها بعد صلاة التراويح، وتستمر حتى الساعة الثانية فجرا، فيها تفتح المحال التجارية أبوابها، وتستقبل العيادات مرتاديها، فالمواعيد الزمنية كافة تختلف وتتغير.



الأنشطة الشعبية


كما تزدهر في شهر رمضان الدوريات الكروية الشعبية، التي تتميز بأنها تُلعب في الملاعب الترابية سواء في ملاعب مخصصة لذلك أو في ساحات بعض المدارس الحكومية الصالحة للعب، وهذه الدوريات لها روادها الذين يحرصون على متابعتها، وغالبا ما تتشكل فرقها من أبناء الحواري.


وفي رمضان يحرص الشباب والمراهقون على ممارسة ألعاب مخصصة ارتبطت بهذا الشهر، ككرة الطائرة ولعب الورق والشطرنج والدومينو وكذا (الكيرم)، وهذه الألعاب ليس لها أماكن مخصصة، وإنما تُلعب في إحدى أزقة الشوارع، ودائما ما تكون عقب صلاة الفجر أو قبيل أذان المغرب.


الروحانيات


للجانب الروحاني النصيب الأكبر بين اليمنيين؛ إذ تعج المساجد بالمصلين، وتشهد عمومها تحديدا عقب صلاة العصر، مسابقات قرآنية تنافسية بين طلاب مدارس تحفيظ القرآن.


إلى ذلك تشهد أكثرية المساجد في اليمن، اجتماع كبار السن لقراءة ورد قرآني جماعي في حلقة واحدة، وذلك عقب صلاة الظهر، إذ تتم قراءة كل يوم جزء واحد، من خلال قراءة صفحة واحدة من كل شخص، بصوت عال، يليه الذي بجانبه لقراءة الصفحة التي تليها، وهكذا.





المائدة اليمنية والأجواء الاجتماعية


تشهد مائدة الطعام في رمضان، اختلافًا في أنواع الأطباق، مقارنةً بأيام السنة الأخرى، ومن أبرز الأطباق التي لا يمكن الاستغناء عنها في وجبة الإفطار في المائدة اليمنية الرمضانية طبق (الشوربة) الذي يُعمل من الذرة المجروش بطريقة متفردة لا تجدها سوى عند اليمنيين، وقد يمزج بقطع من اللحم أو الدجاج أو غيرهما، بالإضافة إلى طبق (الشفوت) ويصنع من خبز مُخمّر رقيق للغاية يُطلق عليه (اللحوح) يضاف إليه اللبن الرائب أو (الزبادي) المخلوطان بالبصل الأخضر أو الكراث.



بالإضافة إلى طبق يُطلق عليه (العتر) وهو عبارة عن حبوب من النبات يعرف في بعض المناطق العربية باسم (البرعي)، ويتم عمله من خلال نقعه في الماء ليوم كامل، ويتم بعد ذلك سلقه قبل طهيه مع بعض الخضار مزودا بمعجون الطماطم والصلصة مع إضافة التوابل الخاصة له، كما يتواجد في المائدة اليمنية وجبة (الكاتلس) ويُصنّع من البطاطا المهروسة والتي يتم تكوير كل واحدة بعد حشوها باللحم المفروم، ورشها بعد ذلك بالخبز اليمني (الروتي) بعد تفتيه بشكل كامل.


ويحرص اليمنيون في اليوم الأول من رمضان على التجمع في بيت العائلة للإفطار معا، في جو عائلي مميز، فيما يُخصص الأصدقاء وزملاء العمل والدراسة السابقون يوما واحدا من أيام رمضان للاجتماع معا والإفطار مع بعضهم البعض، كما يتم تبادل أطباق من وجبة الإفطار بين المنازل والجيران في الأحياء المتقاربة، وهي من العادات التي لا تقتصر على اليمنيين فقط.



وعقب الإفطار يتفرق اليمنيون بين الأسواق والمقاهي الشعبية والمنتديات التي تشهد أمسيات رمضانية عديدة، وكذا الاجتماع في (الدواوين) أو منزل أحدهم لتعاطي نبتة القات المشهورة في اليمن وتعرف بـ(التخزينة).


يُعدّ رمضان في اليمن موسما للروحانية، والتكافل الاجتماعي، والاحتفاء بالعادات المتوارثة التي تعزز الترابط بين الأفراد والمجتمع.