آخر تحديث :الخميس - 06 فبراير 2025 - 12:44 ص

كتابات


ماذا يقول هذا الترامب؟

الأربعاء - 05 فبراير 2025 - 09:59 م بتوقيت عدن

ماذا يقول هذا الترامب؟

كتب / د. عيدروس نصر ناصر النقيب.

الرئيس الآمريكي الجديد-القديم دونالد ترامب Donald J. Trump ليس مجنوناً، كما قد يتهيأ للبعض ممن يستمعون لأول مرة إلى خطاباته وتصريحاته وأوامره التي يوجهها للعالم ويطلب من العالم أن ينصاع لها ويتقيد بتنفيذها، وهو بطبيعة الحال (أي ترامب) ليس حكيماً ولا فيلسوفاً يمكن أن ينتج أفكاراً علمية ذات فائدة معرفية يمكن أن تخدم المعرفة البشرية أو حتى مصالح الطبقة الرأسمالية التي يمثلها.

إنه رجل أعمال متضخم ومستهتر ومتعالي ومغرور بغرور الطبقة الرأسمالية المتوحشة التي ينتمي إليها والتي لا حدود لأطماعها ورغباتها في الهيمنة على العالم وتوسيع دائرة مصالحها بعيداً عن كل الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية والقانونية وحتى المنطقية، . . . رجل أعمال انخرط في عالم السياسة من باب حماية وتضخيم المصالح الاستثمارية والعسكرية والاستراتيجية الأمريكية وعلى رأسها مصالحه الشخصية كواحد من كبار رجال المال والأعمال الأمريكيين.

لم يتلقَّ ترامب في مسيرته التعليمية أية معارف أو تعاليم قانونية أو أخلاقية أو سياسية بالمعنى المهني للسياسة، ولا حتى ثقافة دينية يمكن أن تبني عنده معايير قيمية أو منطقية معقولة للتعامل مع العالم، ومن هذا المنطلق فهو لا يعترف بمبادئ الأخلاق والقانون الدولي والمدني ولا يتحدث عن مقولات تتصل بهذه القضايا كالحرية، السيادة والكرامة والحق والعدل فهذه المقولات عنده تتعارض مع المصالح الاستثمارية التي يبني مواقفه السياسية وفقاً لها.

وإذا ما أضفنا إلى كل هذا تلك النزعة الصهيونية الفاقعة لتصرفات وتصريحات هذا الرئيس لعرفنا الخلفية الطبقية والثقافية والنفسية لكل ما يقول به وينوي أن يفعله في فترة رئاسته الثانية

ومن هذه المنطلقات مجتمعةً فإن الرئيس ترامب يتعامل مع العالم على إنه سوقٌ كبيرةٌ لتصريف وبيع البضائع الأمريكية وأن الدول هي شركات، أو وكالات للشركات الأمريكية وأن سكان العالم هم مستهلكون جيدون للبضائع والمنتجات الأمريكية، وأي اعتبارات أخرى يمكن أن تأتي في المرتبة الثانية أو الثالثة أو حتى الأخيرة؛ وحينما تقتضي الضرورة فقط.

ومن هذه المنطلقات أو على خلفياتها تأتي تصريحات ترامب بنيته ضم كندا إلى ولاياته الخمسين، واستيلائه على قناة بنا ودولة بنما والاستحواذ على جزيرة (أو قارة) جرينلاند ، وفي هذا الإطار تأتي تصريحاته بشأن القضية الفلسطينية ومطالبته (أو لنقل خطته وأوامره) بنقل السكان الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية إلى مصر والأردن، وستكون لي وقفة مستقلة حول هذه القضية.

رئيس أمريكا شخصية مستهترة ومستخفة بكل الاعتبارات، ليس فقط الأخلاقية والقانونية والسياسية، بل ومستخفةٌ بالعقل الاعتيادي والمنطق الفطري السليم لكل ذي عقلٍ وبصيرة، فهو يتصرف ككائن وحشي يتحكم في غابة على سكانها الانصياع لرغباته وإرادته وأهوائه، ومن لا ينصاع لأوامره سينال غضبه وعقابه الذي سيختاره هو ومنظومته اليمينية المتطرفة الحاكمة اليوم لأقوى دولة في العالم.

للأسف الشديد لم نسمع من الساسة الأمريكيين (بيمينهم ويسارهم) صوتاً جاداً في نقد هذا الاندفاع الهائج لهذا الكائن المستهتر، كما يمكن للمتابع الدقيق أن يرصد حالة القلق والتخبط الذي تعيشه الحكومات الأوروبية وهي الدول الأكثر تبعية للمركز السياسي الأمريكي، لكن لحسن حظ العالم أن أصواتاً حرةً ما تزال تتعالى هنا وهناك وعلى مقربة من البوابة الجنوبية للولايات المتحدة الأمريكية، كما تجلى ذلك في رسالة الرئيس الكولومبي ورئيسة وزراء المكسيك إلى هذا الترامب، وهي مناسبة للتوجه بالتحيات الصادقة للشعب المصري رئيساً وبرلماناً وحكومةً، ولملك الأردن وشعبها لرفضهما سياسة الترانسفير التي يتبناها ترامب تجاه الفلسطينيين، هذه السياسة الهادفة إلى إخلاء الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين لمصلحة الدولة العنصرية الصهيونية، ومحو القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني من الوجود، وهي سياسة محكومً عليها بالفشل المحتوم.