آخر تحديث :الأربعاء - 05 فبراير 2025 - 08:43 م

كتابات واقلام


التعيينات ما بين المحاصصة وتدوير الفشل

الأربعاء - 05 فبراير 2025 - الساعة 06:06 م

عبدالرؤوف الحنشي
بقلم: عبدالرؤوف الحنشي - ارشيف الكاتب


في مشهد سياسي مزدحم بالقرارات والتعيينات التي لا تكاد تهدأ، حيث أصبحت التغييرات في المناصب أشبه بعملية روتينية، لا تحمل معها سوى استبدال الأسماء، فيما يبقى النهج ذاته والمخرجات نفسها، ورغم تسارع هذه التعيينات وتكرارها، إلا أن الواقع يظل على حاله: لا تطور، لا إصلاح، ولا تغيير حقيقي، وكأن الكفاءة والنزاهة أصبحت مجرد شعارات لا مكان لها في معادلة الحكم.
فإن إعادة تدوير الشخصيات ذاتها، التي أخفقت مراراً وتكراراً، تكشف عن أزمة أعمق في آليات اتخاذ القرار، حيث تمنح المناصب وفقاً للولاءات الحزبية والانتماءات الضيقة، لا بناءً على الجدارة والقدرة على الإنجاز والتغير، وهكذا تستمر عجلة الفشل في الدوران، بينما تتفاقم الأزمات، حيث من يديرها لا يملك رؤية جديدة، بل يكرر النهج ذاته الذي أثبت عجزه.
كما إن الأخطر من ذلك، أن هذه السياسات لا تعير اهتماماً حقيقياً لحاجات الداخل، بقدر ما تنشغل بإرضاء الخارج، عبر تنازلات سياسية واقتصادية لا تخدم الوطن، بل تزيد من الاحتقان الاجتماعي، وتعمق الشعور بالخذلان لدى المواطن، الذي يرى كيف تتلاشى مطالبة الحقيقية أمام حسابات المصالح الضيقة.
لذلك، فيمكن القول، إذا كان هناك أمل في الخروج من هذا النفق، فلا بد من تبني نهج جديد قائم على الكفاءة والنزاهة والشفافية والمحاسبة، وبعيداً عن المحاصصة والمصالح الضيقة، كما يجب أن تكون التعيينات انعكاساً لحاجة المجتمع للإصلاح، لا مجرد توزيع للسلطة بين أطراف اعتادت على محاولة تقاسم النفوذ.
في النهاية، لا تشيد الأمم بتكرار الأخطاء ذاته، بل بتصحيحها بعزيمة صادقة وقرارات جريئة تصوغ المستقبل، كما أن النهضة لا تتحقق بالانصياع لإملاءات الخارج، بل بالتمسك بالمصلحة الوطنية وجعلها فوق كل اعتبار، فهي الأساس الراسخ لبناء دولة قوية ومستقلة.