آخر تحديث :الإثنين - 17 مارس 2025 - 11:42 م

كتابات واقلام


الخذلان

الإثنين - 17 مارس 2025 - الساعة 08:48 م

حسين أحمد الكلدي
بقلم: حسين أحمد الكلدي - ارشيف الكاتب


عندما قال مارك توين هذه العبارات التي استقيت منها مقالي هذا انه : "أقبح ما في الطبيعة البشرية هو: عندما يحتاج إليك يتملقك بكل الطرق، وعندما لا يحتاج إليك يتقلب عليك بلا رحمة". وبذلك أدركت أن كل ما يُقال في اللحظات التي تجمعنا فيها الأقدار مع بعض البشر، ونكون فيها على السجية والتلقائية في التعامل معهم في وقت الصفاء، ينساب منا الحديث بتلقائية وصدق، بعكس ما يقوله المراوغون المخادعون، فهم يشعروننا بأن ما يقولونه من كلمات تنبع من القلب، وأن نواياهم صافية، بمستوى صفاء تلك اللحظة التي غمرونا فيها بتدفق المشاعر التي تفيض فيها الروح الطيبة أثناء الحديث.حتى تشعر حينها أنها اختلطت بصفاء السماء الصافية التي تعلو رؤوسنا،وعذبة بعذوبة المياه التي تنهمر من السماء، حتى لم تشب نفوسنا شائبة من الشك فيما تنطقه تلك الألسن أو التعبيرات والإيماءات التي تظهرها تلك الوجوه عند تدفق الحديث، الذي تصحبه الضحكات اللطيفة والابتسامات المعبرة التي تشعرك بالود، ولطف ودفء المشاعر، وسمو الأخلاق.لكننا لا نعلم بالنوايا التي تحملها تلك القلوب وتلك النفوس، حتى لا نستطيع كشفها بسهولة حتى تلك الأقنعة المتعددة التي يتغمصوها لم ندرك أنها شراك تحاك للنيل منا في لحظة تملق وزيف ومغالطة تحملها تلك النفوس اللعوبة الخائنة المريضة التي من طباعها الاصطياد في الماء العكر على الدوام، وهي قد جُبلت على هذا السلوك وتربت عليه، ومتمرسة في الخداع واللعب على النفوس الصادقة. فهي لا تعرف إلا تلك الطرق الملتوية المتعرجة، ولا تسلك إلا طرق أروقة الدهاليز المظلمة وتعيش فيها، فهي تتقن اللعب على كل الحبال. فهؤلاء لم يدركوا أو يتعلموا يومًا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ". فلا تجزع ولا تخف، اجعل ثقتك بالله ثقة غير محدودة، وثقتك بنفسك عظيمة. فأنت سوف تكون أكثر صدقًا وأمانة مع نفسك، وقد يظهرك ذلك في تعاملاتك مع الآخرين أكثر قدرة على العطاء واكثرحبًا وسعادة، ومقبولًا لدى الجميع، وتصبح محل ترحاب أينما ذهبت، لأنك تحمل صفات الشجاعة والصراحة والأمانة والصدق في تعاملاتك، وتكون محط إعجاب كل من حولك، ويتدفق عليك التقدير والاحترام. لأن الإنسان الصادق الأمين سوف تُفتح أمامه كل الأبواب، ويتبواء المكانة العالية والمناصب الرفيعة، ويقدم له الناس كل شيء بدون شروط، حتى يفوق ذلك تخيله. فأكثر ما يؤثر على حياتنا اليومية هو ضياع الوقت مع تلك النفوس المتحورة المريضة، فهذه الصفات هي التي تحدد فشلك أو نجاحك. وأكثر ما يؤثر عليك هو مجالستك الأشخاص السلبيين، المراوغين، والكذابين الذين يظهرون بأقنعة متعددة الوجوه، حتى لا تستطيع كشفها في الحال إلا بعد فوات الأوان. ولذا عليك أن تدرك أن كل شيء له أهمية في حياتنا اليومية، فكل شيء يؤثر عليك. فابتعد عن العلاقات السامة، إن كانت في العمل أو في علاقاتك الإنسانية أو في التعاملات مع الآخرين.