آخر تحديث :الخميس - 13 فبراير 2025 - 12:11 ص

كتابات واقلام


القرار الصعب بين الجرأة والمخاطرة في السياسة

الأربعاء - 12 فبراير 2025 - الساعة 10:14 م

عبدالرؤوف الحنشي
بقلم: عبدالرؤوف الحنشي - ارشيف الكاتب


في عالم السياسة، كما في عالم الطب، هناك لحظات حاسمة يتعين فيها اتخاذ قرارات جريئة، قرارات قد تكون مؤلمة في وقتها، ولكنها تبقى الخيار الوحيد لضمان حياة أفضل ومستقبل مستقر، مثلاً في الطب، عندما تكون هناك عملية جراحية ضرورية أحياناً، لإنقاذ حياة مريض، فإن اتخاذ القرار الصعب في السياسة، هو السبيل الوحيد لإنقاذ وطن من الوقوع في أتون الفوضى أو الجمود.

تاريخ السياسة مليء بالأمثلة، التي تؤكد أن التردد في اتخاذ القرارات الاستراتيجية، قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات، بينما قد يبدو التوجه نحو المجهول خياراً أكثر أماناً للبعض، إلا أن التجنب المستمر للقرارات الجريئة قد يؤدي إلى الجمود السياسي، وبالتالي تفويت الفرص التاريخية، ومن هنا، يظهر الفرق بين القيادة الحقيقية، وبين من يفضلون البقاء في دائرة الأمان الوهمية.

ويمكننا القول، إن كل قرار سياسي، هو اختبار حقيقي لشجاعة القائد وقدرته على تحمل أعباء المسؤولية، في اللحظات الحاسمة، حيث تتقاطع المصالح الوطنية مع التحديات الكبرى، يصبح اتخاذ القرار الصعب ليس مجرد خيار، بل ضرورة حتمية، حتى وإن كانت تبعاته ثقيلة في البداية، في زمن تزداد فيه الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، محلياً ودولياً، لا مكان للحلول السهلة أو المؤقتة، بل يجب أن تكون الخطوات استباقية، مدروسة بعناية، ومبنية على رؤية عميقة للواقع، وفهم كامل للفرص والتهديدات، ليتمكن الوطن من تجاوز محنته وبناء مستقبل أكثر إشراقاً.

كما، إن القرار الصعب ليس دائماً هو الأكثر شهرة، أو الأسهل في تنفيذه، بل هو القرار الذي يضع المصلحة العامة فوق أي حسابات شخصية، فالقائد السياسي الذي يملك القدرة على اتخاذ هذه القرارات الجريئة، سيكون في نهاية المطاف، هو من يبني أسساً قوية لبلاده، ويضمن استقرارها على المدى البعيد.

إذن في النهاية، في عالم السياسة، كما في أي مجال آخر، يجب أن نعلم أن الانتظار والمراوحة في مكان واحد قد يؤديان إلى تراجع مستمر وانحدار، كما أن الجرأة في اتخاذ القرار الصعب، هو السبيل الوحيد لتفادي المجهول، وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.