تلعب العملات الأجنبية دوراً محورياً في حياة الناس والاقتصاد الوطني، إذ تؤثر على الأسعار، والدخل، والقدرة الشرائية، وحتى على الاستثمارات والادخار. تؤثر العملات الأجنبية على الناس من عدة جوانب مثل :
.في ظل الحرب والأزمة الاقتصادية وشحة العملات الصعبه الشديد تزداد علاقة السكان بالعملات الأجنبية الصعبة حيث كل شي يقاس بالعملة الصعبة.
.سببت الأزمة في انخفاض قيمة الريال اليمني وتزايد اعتماد المعاملات على العملات الصعبة، وهو ما يزيد من صعوبة الحياة اليومية للمواطنين.
.مع تدهور قيمة الريال يزداد اعتماد المواطنين على العملات الصعبة الأجنبية وخاصة الدولار والعملات الأجنبية الأخرى وخاصة الريال السعودي حيث ينافس العملة المحلية (المختلف عليها بين عدن وصنعاء ) في كافة المعاملات المالية في كافة مناحي الحياة .
يعد انخفاض قيمة الريال اليمني من أبرز مظاهر الأزمة الاقتصادية إذ أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتآكل القدرة الشرائية للمواطنين. يلجأ الناس في ظل انخفاض قيمة العملة المحلية إلى العملات الأجنبية لتأمين احتياجاتهم ما يفاقم بدوره مشكلة ندرة النقد الأجنبي في السوق ويزيد من التباين في الأسعار. وقد أشارت بعض التقارير غير الرسمية إلى أن هناك اتهامات بتهريب مبالغ كبيرة من العملة الصعبة إلى خارج البلاد، مما يسهم في استمرار التدهور الاقتصادي ويضعف قدرة الدولة على تغطية احتياجاتها الأساسية .
إجمالا تتجلى معاناة اليمنيين في ارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه. فا لانخفاض الحاد لقيمة الريال يجعل تكلفة المعيشة ترتفع بشكل يفوق قدرات الدخل المحدود للكثير من الأسر، خاصة في ظل توقف صرف الرواتب وتأجيل دفع المستحقات الحكومية. وهذا يؤدي إلى ازدياد معدلات الفقر والبطالة بالإضافة إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية التي يعيشها المواطن يومياً .
*اهم مصادر العملات الأجنبية*:
. تعد الصادرات اهم مصادر العملات الصعبة إلا أن الاهمية النسبية لهذا المصدر قل تراجعت كثيرا بسبب توقف صادرات النفط والغاز.
. تحويلات المغتربين يعتمد السكان بدرجات متفاوتة على العملات الأجنبية من خلال الحوالات الأجنبية من قبل المغتربين في الخارج والذي يعد أهم مصدر للعملات الاجنبيه الواردة إلى البلد في ظل توقف صادرات النفط والغاز .
. القروض والهبات والمساعدات والتي تأثرت سلبا بسبب الاضطرابات و الحروب .
. الدعم والودائع المقدمة من الدول المتحالفة مثل السعودية والإمارات والذي يساعد في الحد من تدهور سعر صرف الريال وتوفير سلع غذائية أساسية ومشتقات نفطية .
*استخدامات العملات الصعبة*:
. تمويل الواردات والتي تلتهم كل موارد البلد من العملات الصعبة و لاتكفي على الاطلاق .
. تهريب العملات الصعبة إلى خارج الدولة بشكل جنوني .
. خزن العملات الصعبة بسبب انهيار العملة المحلية.
. استخدام العملات الصعبه في البيع والشراء والمعاملات والتوفير وغيرها من المعاملات والتي أصبحت تنافس العملة المحلية كعملة الدولة الرسمية .
*الريال والعملات الصعبة*
يمر الاقتصاد في البلاد بمرحلة استثنائية حيث تنهار العملة المحلية بشكل حاد وخطير للغاية كما أصبحت ظاهرة الدولره عامه تسود المعاملات التجارية والمالية في مختلف الأنشطة الاقتصادية وبناء علية يعتبر سعر الصرف في اليمن من المؤشرات الاقتصادية الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس والاقتصاد الوطني.
تتأثر حياة المواطنين بأسعار الصرف سواء من خلال تكلفة السلع المستوردة و تأثيره على المدخرات الفردية أو حتى من خلال أثره على التحويلات المالية و الحوالات التي يعتمد عليها الكثيرون في تغطية نفقات معيشتهم في عموم البلاد وخاصة في ظروف الحرب الجارية منذ أكثر من عشر سنوات .
إن تراجع سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي من 215 ريال قبل الحرب إلى 2300ريال حاليا يعد دلالة صارخة على أزمة اقتصادية عميقة و تدهورا حادا في قيمة العملة المحلية وأهمية حيازة العملات الأجنبية الصعبة.
إن لانهيار سعر صرف الريال مقابل العملات آثار سلبية متعددة على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية مثل :
. تدهور مستوى المعيشة حيث
يواجه المواطنون تراجعاً ملحوظاً في مستوى معيشتهم نتيجة لارتفاع الأسعار وتقلص القوة الشرائية، ما يؤدي إلى تفاقم معدلات الفقر وزيادة الفوارق الاجتماعية.
. مع انخفاض قيمة الريال، يتأثر الدخل الشهري الثابت بالريال سلباً على الأسر ويزيد من صعوبة تلبية احتياجاتهم الأساسية.
. زيادة معدلات البطالة وتقليل فرص العمل، مما يفاقم من معاناة الطبقات المتوسطة والفقيرة، وقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات اجتماعية ونزاعات على الموارد المحدودة.
. انتشار الفقر والجوع وسوء التغذية على نطاق واسع .
. عجز السكان عن تلبية حاجاتهم من التعليم والصحة والخدمات الأساسية.
. عدم القدرة على الادخار وترتكم الديون وخسارة المدخرات والمقتنيات التي تراكمت عبر سنين .
عموما يمثل تراجع سعر صرف الريال اليمني من 215 إلى 2300 تحدياً هائلاً يفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن. إذ يساهم في ارتفاع الأسعار والتضخم، وانخفاض القدرة الشرائية، وتفاقم معاناة المواطنين على كافة الأصعدة. لمواجهة هذه الأزمة .
*الإجراءات الصعبه*
يحتاج اليمن إلى إصلاحات اقتصادية شاملة تشمل ضبط السياسات النقدية وتعزيز الثقة في النظام المالي وإعادة بناء الاحتياطيات الأجنبية إلى جانب دعم البرامج الاجتماعية لتخفيف وطأة الأزمة على الفئات الأكثر تضرراً.
إن من الضرورة بمكان تنفيذ القرارات الصعبة التالية :
. اعتماد إصلاحات جذرية تشمل إعادة هيكلة النظام المالي ومكافحة الفساد وتوحيد السياسات النقدية.
. ضرورة وقف النزاعات وتوفير بيئة مستقرة تتيح للدولة استقطاب الدعم الدولي وتنشيط الاقتصاد المحلي.
. تعزيز الرقابة على عمليات صرف العملات الصعبة ومنع تهريبها لتأمين احتياطيات الدولة وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
ترتبط معاناة المواطن اليمني ارتباطا وثيقا بتدهور قيمة الريال والاعتماد المفرط على العملات الصعبة، وهو ما يترجم إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وتردي الخدمات الأساسية. ولحل هذه الأزمة، يجب معالجة جذور المشكلة من خلال إصلاحات اقتصادية شاملة وإنهاء الصراعات الداخلية.
د. حسين الملعسي رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية