مع صدور القرار الأمريكي بتصنيف ميليشيا الحوثي "منظمة إرهابية أجنبية" بشكل رسمي، يرى خبراء في ذلك فرصة ثمينة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
ويؤكد الخبراء أن الحكومة اليمنية تستطيع تحقيق جملة من المكاسب السياسية والاقتصادية، في سياق استراتيجيتها الرامية إلى إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة.
ويوم أمس الثلاثاء، أعلنت الخارجية الأمريكية، تصنيف الحوثيين بشكل رسمي، منظمة إرهابية أجنبية، تنفيذا للقرار الذي أصدره رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وعزت الولايات المتحدة القرار إلى أنشطة الحوثيين "المهددة لأمن المدنيين الأمريكيين والموظفين في الشرق الأوسط، وسلامة شركائنا الإقليميين، واستقرار التجارية البحرية العالمية".
وشددت وزارة الخارجية، على عدم تسامح واشنطن "مع أي دولة تتعامل مع منظمات إرهابية مثل الحوثيين، تحت ذريعة ممارسة الأعمال التجارية الدولية المشروعة".
وردا على المخاوف من تداعيات التصنيف على حياة المدنيين اليمنيين، أكدت الحكومة اليمنية الشرعية اتخاذها الإجراءات اللازمة لمواجهة الآثار المحتملة على الوضع الإنساني.
وأشارت إلى استعدادها للتعاون الكامل مع الشركاء الدوليين لضمان تنفيذ القرار، "بما يخدم مصالح الشعب اليمني ويعزز السلام والأمن في المنطقة".
تفادي التبعات
وقال وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أسامة الشرمي، إن الحكومة شكّلت لجانا وزارية ولجنة فنية لدراسة التأثيرات المتوقعة للقرار الأمريكي.
وقال إن "هذه اللجان تعكف حاليًا على دراسة العقوبات التي قد تفرض على الحوثيين بعد التصنيف، وتستكشف الخيارات الممكنة التي تجنّب اليمنيين أي تداعيات متوقعة".
وأشار الشرمي في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن "جميع قنوات الحكومة اليمنية مفتوحة مع المجتمع الدولي ومع الأشقاء في التحالف العربي، وأيضًا الإدارة الأمريكية، بغية الوصول إلى تفاهمات حول التأثيرات المتوقع امتدادها إلى حياة المواطنين".
وبيّن أن الحكومة ما زالت تواصل قراءة الآثار المترتبة في الجوانب الاقتصادية خاصة، وتسعى لإعداد آليات تمكنها من تفادي التبعات المرتبطة بالمؤسسات المالية والاقتصادية والحركة التجارية في المناطق المحررة على الأقل.
ووفقا للشرمي، فإن واشنطن حريصة على شراكتها مع الحكومة اليمنية في مكافحة الإرهاب وقرصنة ميليشيا الحوثي، "وهذا ما سيسهم بشكل أكبر في معالجة أي ارتدادات جانبية لقرار التصنيف".
وأكد أن القرار في مجمله "يصبّ في مصلحة اليمنيين، لكن يجب النظر بدقّة ومسؤولية إلى تداعياته، بحيث لا تضيف تعقيدات جديدة إلى حياة المدنيين الذين يواجهون أوضاعا سيئة جراء أفعال الميليشيا".
من جهته، شدد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، على ضرورة توفير اقتران التصنيف الأمريكي بضمانات مناسبة، للحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية والإمدادات الغذائية.
وحذر دوجاريك، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، من تأثيرات إنسانية مدمّرة، ستؤدي إلى الحيلولة دون قدرة المدنيين على الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية، إذا ما وضعت عراقيل أمام عملية الاستيراد التجاري إلى مناطق سيطرة الحوثيين.
سد الفراغات
ويرى المحلل السياسي، أنور التميمي، أن هدف تصنيف الحوثيين والإجراءات الأمريكية المقبلة، هو ضرب قوة الميليشيا العسكرية والاقتصادية، "وبالتالي، فإن على الحكومة إسناد هذه التحركات، وتعزيز دور مؤسساتها الخاملة بفعل تغوّل الحوثي، وتمكينها من سدّ الفراغات الناتجة عن التدابير الأمريكية".
وتوقع التميمي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن تؤدي الإجراءات إلى إغلاق بنوك ومؤسسات مالية على صلة بالحوثيين، رغم فاعليتها في دورة الاقتصاد اليمني، وارتباطها بنشاط بعض المؤسسات الاقتصادية المملوكة لأفراد أو مؤسسات لا صلة لها بالميليشيا".
وقال إن دور الحكومة اليمنية يأتي هنا في إيجاد المعالجات البديلة عبر البنك المركزي اليمني والمؤسسات المالية الشرعية، "وهكذا يكون الأمر بالنسبة لباقي التداعيات الناشئة، التي أعتقد أن تأثيراتها السلبية ستكون محدودة ومؤقتة إن وجدت".
وأشار إلى أهمية اقتناص الحكومة الشرعية لهذه الفرصة، من خلال الذهاب إلى أقصى حدّ ممكن في استثمار نتائجها، وعدم التهاون في ترك التسهيلات للحوثيين، تحت مبرر تخفيف التداعيات بحجة الدواعي الإنسانية، ما قد يمكّن أذرع الميليشيا الاقتصادية والمالية من الالتفاف على الإجراءات الأمريكية.
السيطرة المالية
بدوره، قال الخبير الاقتصادي، وفيق صالح، إن المتغيرات الجديدة قد تدفع الحكومة الشرعية إلى تعزيز نفوذها وترسيخ حضورها على صعيد الأوضاع العامة في الداخل، "لكن ذلك يبقى مرهونا بمدى استجابتها لهذه المتغيرات".
وأكد صالح في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن أهم أشكال الاستجابة الحكومية الجادّة تتجسد في السيطرة على الأوضاع النقدية والمصرفية، من خلال التنسيق مع المؤسسات الدولية لضمان استمرار الأنشطة المالية، بما لا يؤثر على الأوضاع في البلاد وبما لا يمسّ حياة المواطنين.
وأضاف أن على السلطات الشرعية المعنية تقديم تسهيلات للقطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين، من أجل نقل المراكز الرئيسية للبنوك والمصارف، من صنعاء إلى المحافظات المحررة، إلى جانب الحفاظ على استمرار آلية عمل البنوك بمعزل عن السيطرة الحوثية.