آخر تحديث :الخميس - 20 فبراير 2025 - 05:16 م

عرب وعالم


هل إعادة الإعمار ساحة معركة مقبلة بالشرق الأوسط؟

الثلاثاء - 18 فبراير 2025 - 01:56 ص بتوقيت عدن

هل إعادة الإعمار ساحة معركة مقبلة بالشرق الأوسط؟

وكالات

تمثل عملية إعادة الإعمار في مناطق مختلفة بالعالم العربي إحدى أعقد القضايا الجيوسياسية والاقتصادية؛ إذ لا تقتصر على إعادة بناء ما دمرته الحروب والصراعات المسلحة وحتى الكوارث الطبيعية فحسب، بل تتصل بشكل أو بآخر بإعادة تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدول المنكوبة، علاوة على كلفة الفرص البديلة الضائعة وتحديات تعويضها.


في غزة وسوريا وليبيا ولبنان واليمن على سبيل المثال، تتحول إعادة الإعمار إلى ساحة تجاذب مستمرة، بما في ذلك بين القوى الإقليمية والدولية، حيث تتشابك المصالح السياسية مع التحديات الاقتصادية؛ لتصبح هذه العملية اختباراً لقدرة هذه الدول على استعادة سيادتها واستقرارها، والمضي قدماً في إرساء الاستقرار الداخلي والشروع بعملية البناء التي تجابهها فيها تحديات جسام.


وبينما يُنظر إلى عملية «إعادة البناء والإعمار» بوصفها جزءاً لا يتجزأ من مرحلة إعادة هندسة مجتمعية شاملة تحتاج إلى مؤسسات سياسية قادرة على ضمان الاستقرار والتنمية المستدامة، فإن هذه المهمة تصطدم بتعقيدات واسعة، بدءاً من الاستقطابات الداخلية والصراعات على النفوذ، وصولاً إلى الحسابات الجيوسياسية التي قد تحول دون بلورة رؤية موحدة لإعادة البناء بشكل سريع.


وفي ظل التكلفة الهائلة التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات لكل عملية بشكل منفصل، تواجه اقتصادات هذه الدول معضلة مزدوجة؛ ما بين الحاجة إلى تمويل ضخم وسط انهيارات مالية محليّة تجعل التمويل الذاتي لعملية إعادة الإعمار شبه مستحيل، والتعامل مع المشروطية المحتملة للمساعدات الخارجية التي غالباً ما تكون رهينة لأجندات سياسية أو تجاذبات ورؤى مختلفة


فاتورة باهظة


يقول مستشار المركز العربي للدراسات، المفكر الاقتصادي أبو بكر الديب، لدى حديثه مع «البيان» من القاهرة، إنه: «مع تزايد حجم الدمار في مناطق عدة بالمنطقة العربية مثل ليبيا واليمن وسوريا وغزة ولبنان بعد فوضي الحروب الأهلية أو الاعتداءات الإسرائيلية كالتي حدثت على غزة ولبنان، تكون فاتورة إعادة الإعمار باهظة للغاية وتتكلف سنوات أو ربما عقود، في واحدة من أعقد وأدق العمليات التي تواجه الدول المتضررة»، مشيراً إلى أن المنطقة بحاجة لما يشبه «خطة مارشال» من أجل استعادة السلام والاستقرار والازدهار في الدول التي خرجت من نزاعات عنيفة.


يشير الديب إلى أن ثمة عدداً من المعوقات التي تهدد عملية إعادة الإعمار في بعض المناطق المنكوبة مثل الانقسام السياسي، والذي ما زال يعطل جهود إعادة الإعمار في ليبيا، بما في ذلك بعد آثار إعصار «دانيال» الذي ألحق أضراراً واسعة بمدينة درنة، في خضم تحديات يفرضها الانقسام والتنازع على السلطة.


كذلك فإن الحرب في لبنان وسوريا وليبيا خلّفت دماراً اقتصادياً هائلاً، حيث تضررت القطاعات الأساسية بشدة، وانخفض النشاط الإنتاجي والتجاري، وارتفعت معدلات البطالة والفقر بشكل غير مسبوق.


وفيما يتعلق بقطاع غزّة، فإن ملف إعادة الإعمار يشهد تجاذبات مختلفة، وسط رؤى ومشاريع مُتعددة، بما في ذلك الخطة الأمريكية التي تثير لغطاً واسعاً على الساحة الدوليّة، والتي تشمل تهجير أهالي غزّة.


أحدث تلك التقديرات صادرة في شهر فبراير الجاري عن المقرر الأممي المعني بالحق في السكن، بالاكريشنان راجاجوبال، والذي كشف عن كلفة تقديرية تصل إلى 60 مليار دولار خلال فترة بين خمس وعشر سنوات لإعادة بناء 70 % من القطاع.


ويؤكد رئيس مركز القدس للدراسات، أحمد رفيق عوض، لدى حديثه مع «البيان»، أن إعادة البناء والتنمية المستدامة شرطان أساسيان لتحقيق مستقبل مستقر، لكنهما غير كافيين دون توفير مضمون سياسي يعزز الكرامة والأمن والاستقلالية للأفراد.


وفيما يخص لبنان، يقول الخبير الاقتصادي اللبناني الدكتور طالب سعد لـ «البيان»، «إن كلفة إعادة إعمار لبنان حتى الآن قُدرت بنحو 8.5 مليارات دولار، وفقًا للبنك الدولي، مضيفاً أن هذه الكلفة تتعلق فقط بالإعمار المباشر، دون احتساب تكلفة الفرصة البديلة، أي الأموال التي كان من الممكن توجيهها إلى استثمارات جديدة بدلاً من إعادة البناء».