آخر تحديث :الجمعة - 21 فبراير 2025 - 07:24 م

كتابات واقلام


بلهارسيا الجنوب .. عند ما تداوى الأعراض ويُهمَل أصل الداء

الخميس - 20 فبراير 2025 - الساعة 05:09 م

د. عيدروس نصر ناصر
بقلم: د. عيدروس نصر ناصر - ارشيف الكاتب


حينما يأتي المريض إلى الطبيب ويشكو له من أنه يعاني من آلام في البطن وأجزاء أخرى من الجسم، قشعريرة وحمى، سعال وضيق تنفس، حالات تناوب بين الإسهال والإمساك، وظهور دم في البراز (أعزكم الله)، ارتفاع في ضغط الدم وأعراض أخرى، فإن الطبيب، لا يصرف له علاج لهذه الأعراض كلٍ على حدة، بل يوجه له أول سؤال: هل توجد في منطقتك، بحيرات مياه راكدة، وهل تتعرض لهذه المياه بشكل متكرر؟ فإذا كان الجواب نعم فإن أول احتمال يضعه الطبيب هو تعرض المريض لطفيل البلهارسيا، لكنه ولمزيد من التيقن يطلب من المريض إجراء فحص للبراز والدم، وحتى للبول، للتأكد من الفرضية التي وضعها.
أعتذر لإطالة هذه المقدمة لكنني وددت أن أضرب مثلا للحالة المأساوية التي يمر بها الجنوب والمواطنون الجنوبيون وفي المقدمة العاصمة عدن.
إن التصريحات والكتابات والتغريدات والأحاديث التي يتناول بها السياسيون والإعلاميون الجنوبيون (وأيضا بعض الشماليين) الأوضاع المأساوية في محافظات الجنوب تنحصر في عرض الحالات: أزمة الكهرباء، المجاعة والتجويع، انهيار قيمة العملة، أزمة الوقود، أزمة الخدمات الطبية والبلدية والتعليمية، وقضية مرتبات موظفي الدولة المدنيين والعسكريين (العاملين والمتقاعدين)، ويتصور الكثيرون من هؤلاء الطيبين أن هذه القضايا، أو الأزمات يمكن أن يتم تجاوزها منفصلةً عن بعضها، من خلال معالجات جزئية موسمية ترَحِّل الأزمة الأم ولا تجتث جذورها.
جذر الأزمات الجنوبية أو أعراض البلهارسيا في الجنوب يكمن في منظومة الإدارة التي تتحكم في الجغرافيا والديمغرافيا والموارد الجنوبية، والتي اختطفت الانتصار الجنوبي الوحيد وحولته إلى غنيمة مثلما حولت كل شيء في الجنوب إلى غنائم حرب، بل وأكثر من هذا تتبجح بأن ما تفعله هو أمرٌ شرعي، بينما شرعيته تتكئ على نتائج الغزو والحرب على الجنوب في العامين 1994م و2015م.
إن كل أعراض الكارثة في الجنوب هو دودة البلهارسيا السياسية، وباقتلاع الدودة ستزول كل الأعراض الجانبية التي تسببها، ودودة بلهارسيا الجنوب هي "الشرعية" المتناسلة عن أسلافها "شرعيي 1994م" وما بعدها.
فاقتلعوا الدودة تزول جميع أعراضها، وإلا فلا آلاف سفن النفط ولا عشرات محطات الكهرباء ولا مئات شاحنات الأدوية والأغذية الإغاثية، ولا حتى استبدال كل الموظفين ببدلاء جدد يمكن أن تقضي على حالة البلهارسيا المزمنة التي يعاني منها الجنوب منذ 7/7/1994م
والله على ما أقول شهيد