ليست الاحتجاجات التي اجتاحت شوارع عدن اليوم سوى القشة التي قصمت ظهر المواطن الجنوبي، الذي يعيش تحت وطأة أزمات مصنوعة ببرودة دم، كجزء من حرب خدمات غير معلنة تُستخدم فيها الكهرباء والماء والغاز كأسلحة عقاب جماعي.
فخلال الأشهر الماضية والى اللحظة، تحوّلت الحياة في عدن إلى معادلة مستحيلة: انقطاعات كهرباء تمتد لأيام، وندرة قاتلة في الوقود، وارتفاع جنوني في أسعار المواد الأساسية، بينما تُغلق العشرات من محطات الغاز أبوابها دون تفسير، كل هذا يجري تحت سمع وبصر سلطات وحكومة ورئاسي تتجاهل صرخات المواطنين، بل وربما أنها تتعامل مع الأزمة كـ"ورقة ضغط" سياسية.
ولم تعد المطالب الجنوبية خفية فوقف حرب الخدمات التي تستهدف كرامة الإنسان، وإنهاء سياسة "التجويع الممنهج" التي تحوّل المواطن إلى رهينة في معركة لا ناقة له فيها ولا جمل، فالأزمات لم تأتِ نتيجة عجز طارئ، بل هي جزء من سيناريو مُحكم لاستنزاف صمود الشعب وإجباره على القبول بشروط مهينة.
والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: من المستفيد من تحويل عدن إلى ساحة حرب خدمات؟ ولماذا تُستخدم معاناة البشر كأداة في صراعات النفوذ؟ .