آخر تحديث :الجمعة - 07 مارس 2025 - 02:07 ص

كتابات واقلام


‏لا تقنطوا من رحمة الله يا شعب الجنوب

الخميس - 06 مارس 2025 - الساعة 11:06 م

انور الرشيد
بقلم: انور الرشيد - ارشيف الكاتب


أدرك تماما المعاناة التي يعانيها الشعب الجنوبي بالذات المخضرمون منهم أي الذين ذاقوا حلاوة الجنوب ما قبل الاحتلال الشمالي، وما قبل ما تسمى بالوحدة المشؤومة التي دمرت حياتهم، وقلبتها رأسًا على عقب.

الذين لا يعرفون الشعب الجنوبي ودولته المستقلة التي كان لها مقعدٌ في الأمم المتحدة وبقية المنظمات الدولية، وأيضًا لها علمٌ، وسفاراتٌ، وعملةٌ كانت تساوي قبل الوحدة التي يسميها الشعب الجنوبي الوحلة 3,5 دولارات للدينار الجنوبي، و26 ريالًا يمنيًّا شماليًّا، و5.60 ريالات سعودية، و9.70 درهم إماراتية، أما سعر الريال اليمني اليوم في الجنوب تحديدا الدولار الأمريكي يساوي 600-800 ريال يمني، والريال السعودي يساوي 160-210 ريالات يمنية، والدرهم الإماراتي يساوي 160-210 ريالات يمنية، ولكم أن تتصوروا الكارثة التي يمر بها الشعب الجنوبي من إفقار وإرهاب وفساد، وأُصرُّ على إفقار وفساد وإرهاب.

ناهيكم عن الجنوب البلد العربي الوحيد الذي قضى على الأميَّة، وأول بلد عربي دخلته الكهرباء عام 1928 واليوم ليس لديه كهرباء، وغيرها من الإنجازات التي يتحسر عليها الشعب الجنوبي اليوم.

لا أهدف من ذلك تقليب المواجع واسترجاع ذكريات ذهبت مع التاريخ وإنما لإثبات أن ما حدث للجنوب هو مؤامرة كبرى لتدمير وضرب نهضته العلمية والثقافية والحضارية لذلك سلَّطوا عليه أرذل البشر، ولاحظوا بدعم أعتى مستبد دمَّر الشعب العراقي الشقيق بحروبه العبثية الكارثية ألا وهو صدام حسين الذي شارك بجيشه بالغزو الشمالي للجنوب عام 1994 وأمام صمت دول الإقليم والعالم بحجة الوحدة.

المراد من كل ذلك هو محاولة لفهم ما يتعرض له الشعب الجنوبي وتبيان حقيقة واقعه اليوم الذي يمر بأسوأ مما يتصوره المرء، ويمكنني وصف ما حدث ولا يزال يحدث له بالإبادة الاجتماعية للإرث الحضاري الجنوبي الممتدة جذوره في عمق التاريخ، ولا بد من تحطيمه، وهذا الذي يحدث اليوم للشعب الجنوبي، ومع ذلك لا يزال وبكل روح معنوية عالية ذات الهمة العالية التي تقاوم كل ما يفرض عليها لتدميرها وهذا ما أتلمسه كمراقب في الروح الجنوبية، وأني لعلى ثقة تامة بأن الشعب الجنوبي سيسترد عافيته يوما ما؛ وسيكون منارة يقود بشعاعها حضارة سيُشار لها بالبنان والإعجاب -قريبا بإذن الله- ، لذلك لا أملك إلا أن أستذكر قول المولى -عز وجل- في محكم كتابه الكريم "ولا تقنطوا من رحمة الله"، وأيضًا "ألا إن نصر الله قريب".