آخر تحديث :الأحد - 23 فبراير 2025 - 12:00 ص

كتابات واقلام


المعلم .. نبراس الأمة وعنوان مجدها

السبت - 22 فبراير 2025 - الساعة 04:56 م

عبدالرؤوف الحنشي
بقلم: عبدالرؤوف الحنشي - ارشيف الكاتب


في ميدان بناء الأمم، لا تقتصر القوة على الجيوش ولا الحكمة على السياسيين فقط، بل تكمن القوة الحقيقية في العقول التي تشكلها الأيدي الطيبة، المعلم ذلك الكائن الذي لا يتعب ولا يكل، والضابط الأول في معركة الوعي، والمحرك الأساسي لكل عملية نهضة، إذ لا تبنى الأمم ولا ترسخ السياسات إلا على أسس معرفية راسخة، ولا يمكن للأوطان أن تظل واقفة على قدميها دون أن يكون لها معلم يوجهها ويضيء لها الطريق.
المعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو بوصلة ترشد العقول، وروح تسري في جسد الأمة، إن أرادت العظمة، كان هو سبيلها، وإن أرادت النهوض، كان هو سلمها، هو من يأخذ بيد الطالب من عتمة الجهل إلى سطوع الفهم، ومن التيه إلى الرشد، ومن العجز إلى القوة، فمن ذا الذي يجرؤ على تجاهل من يخط على ألواح الزمن خرائط المستقبل؟
لذلك، يمكننا القول أن لحظة تهميش الأوطان لمعلميها، فإنه لا تضر هذه الإساءة شخصه فحسب، بل تمس أسس الدولة نفسها، فحين تتقاعس الدولة عن احترام معلميها، فإنها تسحب البساط من تحت قدميها، وتخلق جيلاً غير قادر على المساهمة الفعالة في بناء وطنه، فالمعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو المصدر الأول للقيم التي تجعل من أبناء الوطن قادة فاعلين وأفراداً مسؤولين.
إن الدول التي تبني سياساتها على إهانة المعلم، تكتب لنفسها تاريخاً حزيناً، فالمعلم هو من يرسم المستقبل، فكيف يمكن لأي دولة أن تدعي الرغبة في التقدم إذا كانت تستهين بمن يصنع هذا التقدم؟ وكيف نطالب بحكومة رشيدة وأجيال واعية إذا كان أول من يهمش دوره هو النظام نفسه؟.
إلى كل من يتجاهل دور المعلم، تذكر أن هذه الأمة لم تبلغ ما هي عليه إلا بفضل عقول نبتت تحت يديه، وأن من لا يحترم معلمه لا يحترم أجياله، وأنت أيها المعلم، لا تلتفت إلى الجحود، فمكانتك في قلب الأمة أكبر من أن تهتز بأصوات الجهلاء، رسالتك سامية، وقيمتك لا تقدر بثمن، فإنك في قلب كل إصلاح، وفي عقول كل قائد سيقود هذا الوطن نحو المستقبل.
أخيراً، أيها الوطن، إذا أردت أن تصنع لنفسك تاريخاً مشرقاً، فاجعل من المعلم رأس مالك الأول، فإن احترامه ليس مجرد واجب، بل هو شرط أساسي لبناء دولة عظيمة، دولة تعرف قيمة علمها وتعتز بمعلميها.