آخر تحديث :الثلاثاء - 11 فبراير 2025 - 12:31 ص

كتابات واقلام


أسئلة مهمة للحركات الإسلامية المعاصرة؟

الأحد - 09 فبراير 2025 - الساعة 04:56 م

د.عارف الكلدي
بقلم: د.عارف الكلدي - ارشيف الكاتب


وقبل الأسئلة أكتب مقدمة تنطلق الأسئلة منها:
القضية الأساسية التي دارت عليها رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هي قضية التوحيد.. فمهمة رسول الله الأولى والأساسية التي أرسله الله بها هي ترك عبادة الآلهات المتعددة والتقرب بالعبادة إلى إله واحد، هو الله جل جلاله خالق الكون الذي له الكمال المطلق..الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، فيعبده العالمون كلهم: عربهم وعجمهم، وأبيضهم وأسودهم وأسمرهم وأصفرهم وأحمرهم، وشرقهم وغربهم وشمالهم وجنوبهم.

لم تكن قضية الحاكمية هي مركز الدين الإسلامي وإنما ظهرت كضرورة لخدمة هذه القضية عندما جابهت المعارضين ذوي البأس الشديد الذين يريدون استئصال قضية توحيد الألوهية، فاضطرت إلى تأسيس دولة لخدمة القضية الدينية وحمايتها، فالدولة كانت وسيلة للقضية وليست غاية، ولو كانت الدولة قضية رسول الله الأولى التي بعث من أجلها لما وجدنا هذا الإجمال في شأنها، ولوجدنا في الشريعة تفاصيل كل شيء يتعلق بها، ولاختار رسول الله منزلة (الملك النبي) بدلا من منزلة (العبد الرسول) ولما اختلفت الشرائع بين الأمم التي جعل الله لكل منها شرعة ومنهاجا، ولو أن قريشا والعرب لم يستخدموا العنف لاستئصال هذه الدعوة لكان مسار الدولة مختلفا.

الحاكمية تضخمت عند المعارضات الإسلامية للنظام الحاكم، وأول معارضة تضخم عندها هذا الأصل هي معارضة قبائل نجد لسلطة قريش، وهي التي عرفت في التاريخ باسم (حركة الخوارج) فهذه المعارضة استغلت الحاكمية شرعيةً سياسيةً لها، فجعلوها قضية الإسلام المركزية عندما رفعوا شعار (لا حاكم الا الله) بدلا أو موازاة مع (لا إله إلا الله).

ومن المعارضات الإسلامية السياسية القديمة التي تضخمت عندها الحاكمية حركة المعارضة الهاشمية لحكم بني أمية، والتي التف حولها العجم المسلمون لمعارضة حكم العرب الذين استفردوا بالحكم الإسلامي، وهي المعارضة السياسية التي تمخض عنها فيما بعد معارضة سياسية علوية لحكم بني العباس، وهذه المعارضة العلوية هي التي ابتدعت سردية سياسية جديدة لدين رسول الله تقوم على الحاكمية أطلقت عليها (الإمامة) وقد تضخم هذا الأصل السياسي عند الشيعة عموما، وعند الفرس بالتحديد بعد نكبة هارون الرشيد للبرامكة ومجيء الأتراك إلى القصر العباسي بدلا منهم، إلى أن صارت قضية (الإمامة) في سرديتهم هي أصل الدين، وتناسوا قضية توحيد الألوهية إلى درجة أن صارت لهم أوثان من أضرحة الأئمة المزعومين يقدمونها على الكعبة المشرفة، وصار لعلي بن ابي طالب وابنه الحسين في سرديتهم مكانة الإله أو مكانة الرسول.

في ضوء المقدمة السابقة تطرح في هذا الزمان أسئلة في غاية الأهمية على المعارضة الإسلامية السياسية للنظام الدولي الحديث، وللأنظمة الحاكمة التي تسير في فلكه، منها:

- هل الأصل الذي تنطلق منه الدعوة الإسلامية المعاصرة هو توحيد الألوهية أو توحيد الحاكمية؟ هل يبدأون من الدعوة إلى توحيد عبادات الآلهات المتعددة في عبادة إله واحد للعالمين كلهم كما بدأ رسول الله؟ أو من الدعوة إلى الحاكمية والدولة كما فعل الخوارج والشيعة؟

- ما أطلق عليه في هذا العصر (توحيد الحاكمية) هل يرقى فعلا إلى درجة توحيد الألوهية بحيث يكون قسيما له؟

- هل النظام الدولي الحديث يقف من قضية توحيد الآلهات المتعددة في إله واحد (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) هل يقف منها نفس موقفه الإقصائي من قضية توحيد الحاكمية؟ أم أنه يتيح مجالا لهذه الدعوة إذا لم تخلط بالدعوة إلى الحاكمية وإقصاء النظام الدولي الحديث؟

- إذا تبين لهم أن النظام الدولي الحديث يقف من قضية توحيد الألوهية إذا فُصل منه توحيد الحاكمية موقفا محايدا، فهل يستغلون هذا الحياد لنشر توحيد الألوهية؟ أم يصرون على أن الحاكمية قبل الألوهية أو متزامنة معها لا تنفصم عنها مطلقا؟

- ما هو موقف الإسلاميين المعارضين للنظام الدولي الحديث من منتجات العصر الحديث في مسألة الدولة التي تقوم على حياديتها وعلى الفصل بين سلطاتها وعلى التداول السلمي لسلطاتها بدلا من التداول الدموي؟

- ماذا سيفعل الإسلاميون بعدما يصلون إلى السلطة؟ هل عندهم نظرية سياسية تتفوق على نظرية الدولة الحديثة؟ أم أنهم سيختلفون اختلافا دمويا وفق رؤية حكم المتغلب فينقسمون كما انقسم الشيعة والخوارج من قبل إلى سبعة وسبعين فرقة؟

- ما هو موقفهم من الدولة الوطنية ذات الحدود التي قامت في النظام الدولي الحديث بدلا من الدولة الإمبراطورية التي كانت لا تعرف الحدود في النظام الدولي القديم؟

- وما هو موقفهم من حركات التحرر الوطني التي لا تتبنى قضية توحيد الحاكمية وفي نفس الوقت لا تعارض قضية توحيد الألوهية؟
د. عارف الكلدي