آخر تحديث :الخميس - 06 فبراير 2025 - 07:57 م

كتابات واقلام


بوحدة الصف وقوة الإرادة سيهزم شعبنا حرب الإبادة

الخميس - 06 فبراير 2025 - الساعة 04:08 م

د.يحي شائف الشعيبي
بقلم: د.يحي شائف الشعيبي - ارشيف الكاتب


كتب / د.يحيى شايف ناشر الجوبعي*


أجمع الكثير من الساسة والمفكرين من ذوي الاختصاص بشؤون الثورات بأن ما حققته الثورة الجنوبية عبارة عن معجزة مقارنة بغيرها من الثورات العابرة مما يدل بأن هناك سر عميق يدفعها لتحقيق إنجازات متفردة ، فتمهيدها للانطلاقة بمشروع التصالح والتسامح أنتج ثقافة وحدة الصف والموقف والهدف وشجعها في تبني الخيار السلمي عند الانطلاقة مما أدى إلى إنتاج ثقافة القناعة بالتضحية والتصدي بصدور عارية ، وعندما نضجت الظروف تبنت خيار المقاومة للهيمنة على الأرض متوجة ذلك بخيار التفويض الشعبي للرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي في 4/مايو /2016 لتشكيل حامل سياسي جامع وموحد للثورة الجنوبية تلتف حوله الأغلبية الساحقة مختتمة ذلك بإعلان الأخ القائد عيدروس الزبيدي تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسته.
وبتشكيل المجلس الانتقالي تمكنت الثورة الجنوبية ولاسيما بعد نجاحها المسبق في كسر الحصار الداخلي بخيار الحراك السلمي و كسر الحصار العربي والإقليمي بمشاركتها المقاوماتية في عاصفة الحزم ضد المشروع الحوثي الإيراني ، متوجة ذلك بقيادة المجلس الانتقالي برئاسة الرئيس عيدروس من كسر الحصار الدولي من خلال مشاركتها في الانضمام إلى مشروع الشراكة الدولية ضد الإرهاب العالمي ، الأمر الذي جعل كل القوى في الداخل والخارج تتعامل مع الانتقالي كقوة موجودة على الأرض وفقا ومنطق الأمر الواقع مما شجع الانتقالي وفقا وهذه الهندسة المتفردة لتبني خيار الشراكة لشرعنة المنجز الجنوبي بكل قواه الأمر الذي مكن المجلس الانتقالي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي من تحقيق نجاحات متفردة على كل الأصعدة الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والأمنية والمجتمعية والثقافية والانطلاق منها بقوة وبشكل مكثف نحو الجبهة الاقتصادية الحاسمة .
وإذا ما وقفنا أمام هذه الإنجازات المتفردة للثورة الجنوبية التي نجحت بها دون غيرها من الثورات سنلحظ بأن تلك المنجزات المتفردة لم تأت من فراغ مما يدل بأن ورائها سر عميق يدفعها باستمرار إلى إنجاز كلما هو متفرد .
ولمعرفة هذا السر الذي جعل من الثورة الجنوبية دون غيرها تتفرد بالوحدة الفولاذية للصف الجنوبي وقوة الإرادة في النضال حتى في أحلك الظروف وأشدها قساوة ، وتحقق الكثير من المكاسب المتفردة ينبغي الإجابة عن هذه التساؤلات الهامة : ما نوع الحرب التي شنت على الجنوب في العام 1994م ؟ ومن قبل من ؟ ولماذا شنت هذه الحرب دون غيرها ؟ وكيف ؟ وبالإجابة عن هذه الأسئلة ستتضح الرؤية للقارئ عن حقيقة التفرد الذي تميزت به الثورة الجنوبية دون غيرها من الثورات .
إن ما تعرض له الشعب الجنوبي في صيف عام 1994 م لم يتعرض له أي شعب في العالم في زمننا المعاصر فما حدث ليس بمثابة حرب استعمارية ولا حرب استيطانية ولا حرب عقائدية لأن جميع هذه الحروب تعترف بهوية الشعب الذي تشن الحرب ضده مما يدل بأن الحرب التي شنت ضد الجنوب في صيف 1994م لم تستهدف احتلاله ونهب ثرواته إلى حين تنهض ثورته التحررية كما هو في الحروب والثورات الأخرى ، وإنما هي حرب إجرامية استهدفت طمس هويته ومحوه من الخارطة السياسية للعالم بل وإزالته من الوجود كليا ، وهذا النوع من الحروب محرمة دوليا وتسمى بحرب (الإبادة) ، وحرب الإبادة كما ورد في موسوعة ويكيبيديا هي (نوع
من الحرب يكون فيها الهدف هو الإبادة الكاملة لدولة أو شعب من خلال الإبادة الجماعية أو من خلال تدمير سبل عيشهم) .
وهذا ما حدث تماما للشعب الجنوبي في صيف عام 1994م حين شنت قوى النفوذ القبلية في اليمن حرب إبادة شاملة ضد الشعب الجنوبي مستهدفة إبادته كليا والقضاء على مشروع دولته المدنية المناقض لمشروعهم القبلي المتخلف والهيمنة على مختلف سبل العيش في كل المجالات مستخدمين وبخبث أبشع أنواع العبث والدمار بالجنوب أرضا وإنسانا وهوية .
فما حدث من حرب إبادة في الجنوب بعد احتلاله كان متطابقا لما ورد في الموسوعة ، إذ عمدوا إلى ارتكاب جريمة الإبادة الكاملة للشعب والدولة الجنوبية بوسيلتين كما ورد بالموسوعة وهما: إما عن طريق الإبادة الجماعية أو عن طريق تدمير سبل العيش للشعب والدولة الجنوبية من خلال تجفيف منابع المال بل بلغت بهم الجريمة إلى استخدام هاتين الوسيلتين معا ضد الجنوب والدولة الجنوبية ، فإذا كانوا قد تمكنوا بهذه الجرائم من تدمير مؤسسات الدولة ، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على مشروع الدولة كثقافة في الذهنية الجنوبية ، وإذا كانوا قد تمكنوا تدريجيا من القضاء على كل القوى والكوادر المدنية والعسكرية الجنوبية إما بالنفي أو التشريد أو الطرد أو التسريح أو الإبعاد أو القتل ، لكنهم لم يتمكنوا من قتل الإرادة والأمل والعزيمة الجنوبية ، وكما حاولوا أن يدمروا كلما له صلة بالوجود والهوية والانتماء الجنوبي إرثا وموروثا وهوية محققين بعض النجاح في التدمير للكثير من المعالم الأثرية وإتلاف الملايين من الوثائق الجنوبية ، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على العقل الجنوبي والإرادة والوحدة الجنوبية ، وإذا كانوا قد تمكنوا من إضعافنا وتأخيرنا وإرباكنا ، لكنهم لم يتمكنوا من قتل الطموح والكبرياء والشموخ فينا .
لهذا لا غرابة إن تفردت الثورة الجنوبية عن غيرها من الثورات في زمننا المعاصر بالكثير من المنجزات المتميزة والنادرة لإنها ليست ثورة تحرير وحسب بل هي ثورة هوية ووجود ضاربة في عمق التاريخ وأحد ركائز الأمن والسلم الدوليين في الخارطة السياسية للعالم ولا زالت ، بما تقوم به قواتنا المسلحة والأمنية الجنوبية وكل القوى السياسية والمجتمعية والشعبية من مهام جسيمة بقيادة الأخ الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي بهدف الحفاظ على الأمن والسلم الجنوبي والعربي والإقليمي والدولي .
وبهذه المنجزات المتفردة للثورة الجنوبية بآلياتها المستوحاة من ثقافة العصر أنتجت بمجملها ثقافة جنوبية جامعة بين (وحدة الصف وقوة الإرادة) وهو ما ميز الثورة الجنوبية عن غيرها من الثورات وجعلها قادرة على التصدي للحرب بكلها أشكالها بما فيها التصدي لحرب الإبادة والانتصار عليها.

*باحث أكاديمي ومحلل سياسي