في العام 1972 اندلعت اشتباكات حدودية بين دولتي شمال اليمن وجنوبه على خلفية مساعي إقامة وحدة بين البلدين. وفي سنة 1979 بدأت مباحثات بين الرئيس الجنوبي عبدالفتاح إسماعيل والرئيس الشمالي علي عبدالله صالح توجت بالتوقيع على اتفاقية الوحدة، وتشكيل لجنة دستورية مشتركة لوضع مشروع دولة الوحدة.
وفي 22 مايو 1990 توحد الشطران بشكل مفاجئ، وأصبح علي عبدالله صالح رئيسا للدولة، وعلي سالم البيض نائبا له، وأعلن عن دستور جديد تم الاستفتاء عليه بنجاح عام 1991. لكن في 5 مايو 1994 اندلعت حرب أهلية بين الجنوب والشمال استمرت حتى يوليو 1994، وأدت إلى انتصار الشمال وفرار القادة الجنوبيين إلى خارج البلاد ومن بينهم سالم البيض.
إيونا كريغ: يجب أن تكون شرعية تمثيل الجنوب أشمل لتتضمن كل المكونات
وعادت القضية الجنوبية للظهور في ظل التطورات التي جاءت نتيجة سقوط نظام علي عبدالله سنة 2011، ثم بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في سنة 2014. وكان لكل تلك التطورات وما يجري اليوم، وما يتخلل الحرب من حروب أخرى جانبية سواء ضد تنظيم القاعدة أو صراعات داخلية، وقعها على الجنوب وقضيته الأمر الذي دفع إلى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويشغل الزبيدي منصب رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي منذ تأسيسه، بعد أن أقاله الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من منصب محافظ عدن على أساس عدم الولاء. وأكد الزبيدي أن مشكلة الجنوب أبعد من الحرب القائمة ولها جذورها التاريخية، مشيرا إلى أن “الأزمة التي نراها اليوم ليست وليدة العام 2014 بل إن جذورها تعود إلى العام 1990 عندما جرت محاولة إقامة وحدة يمنية بين الدولتين المعروفتين حينها في جنوب اليمن وشماله. وكانت هذه المحاولة تهدف إلى بناء دولة مدنية حديثة تطلّع إليها اليمنيون آنذاك. وكانت طموحاتنا أن نعيش متساوين في دولة ملتزمة بقواعد القانون، والديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان”.
وأشاد الزبيدي بدور التحالف العربي في الأزمة اليمنية، مشيرا إلى أن المجلس “سيعمل بالتعاون مع التحالف العربي على رأسه الإمارات والسعودية لإيجاد حل شامل”، داعيا من خلال حديثه المجتمع الدولي إلى زيارة الجنوب لمعرفة الفرق بين الذي يساعد على التخريب والذي يساعد على إعادة الإعمار.
صداع مزمن
سيمون مابون: لا يمكن تخيل أن الحل في اليمن نظام مركزي يدار من صنعاء
لقيت كلمة عيدروس الزبيدي تأييدا في عدد من نقاطها، من المشاركين في الندوة التي ترأسها ستيفن دوغتي عضو البرلمان البريطاني، حيث أكدت الصحافية البريطانية إيونا كريغ أن الأمم المتحدة فشلت في تشكيل ممثلين عن الجنوب خلال سنوات عديدة، معتبرة أن سبب ذلك يعود إلى “وجود تنظيم القاعدة في الجنوب جعل من الصعوبة على المجتمع الدولي الاهتمام باستقلال الجنوب”. وأضافت قائلة “علينا أن نعي “أن هناك توجها نحو الحكم الذاتي للجنوب”.
وقال سيمون مابون، مدير معهد ريتشاردسون للسلام في جامعة لانكستر، إن الأزمة في اليمن “أكبر من الصراع بين الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي”.
وأضاف “هناك تفاصيل كثيرة في هذا الصراع تجعله أكبر من أن يكون صراعا ثنائيا. لا يمكن تخيل أن الحل في اليمن هو نظام مركزي يدار من صنعاء بعد انتهاء الحرب، هناك مطالب للجنوب، يسعى ممثلوه إلى تحقيقها ضمن اتفاق السلام في اليمن، ليكون اتفاقا شاملا”، وهذه المطالب يجب أن تكون ضمن النقاط المطروحة على طاولة أي نقاش وفي أي مبادرة للحل.
وترى كريغ، الزميلة في منظمة مستقبل الحرب في الولايات المتحدة، أن أزمة اليمن أتاحت الفرصة للجنوب لتجهيز الإمكانات لفرض الاستقلال، قائلة “أربع سنوات من الأزمة جعلت الجنوب مسلحا بعدما كان راضخا للشمال”. ودعت إلى أن تكون شرعية تمثيل الجنوب “أشمل لتتضمن كل المكونات الجنوبية. فإذا لم تمثل بشكل كامل سيستمر بعض الأطراف في القتال حتى بعد تحقيق السلام”.
ولعل ما يؤكد ندوة في القاهرة، نظمها بالتزامن مع ندوة لندن، ائتلاف يضم 14 مكونا سياسيا من الحراك الجنوبي المنادي بحل قضية الجنوب. ويقول مراقبون إن الائتلاف سينازع المجلس الانتقالي في كسب الشرعية بجنوب اليمن.