الأهداف الأمريكية من قصف الحوثيين في اليمن تتعلق بعدد من العوامل الجيوسياسية والدبلوماسية التي تشمل مصالحها في المنطقة وعلاقاتها مع دول أخرى مثل إيران، الصين، وروسيا.
ولفهم الأهداف الأمريكية بشكل أكثر تفصيلا يجب النظر في السياقات العسكرية، الاقتصادية، والدوبلوماسية المتشابكة ، ويمكننا اختصارها في :
أولا : الهدف الأمريكي المباشر من قصف الحوثيين
قامت الولايات المتحدة الأمريكية بعدد من الهجمات ضد الحوثيين في اليمن، وخصوصًا بعد تصاعد هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب ، وهذا يمثل الهدف المعلن و الرئيس من هذه الهجمات ، حيث أن حماية الممرات الملاحية البحرية الدولية وضمان حرية التجارة في المنطقة يمثل أولوية لدى الولايات المتحدة و تهديد الحوثيين للحرية الملاحية يشكل خطرًا على الأمن الإقليمي والدولي .
ثانيا : علاقة الهجمات الأمريكية بإيران :
الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر الحوثيين جماعة مدعومة من إيران ، مما يجعل سياستها تجاههم جزءًا من استراتيجية أوسع لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة ، والمؤكد أن إيران تدعم الحوثيين سياسيًا وعسكريًا، وقدمت لهم الأسلحة والتدريب ، وهو ما يعزز النفوذ الإيراني في شبه الجزيرة العربية ، والهجمات الأمريكية ضد الحوثيين يمكن أن تكون جزءًا من سياسة الضغط على إيران لتقليص دورها في اليمن والمنطقة.
تسعى الولايات المتحدة من خلال ضرب الحوثيين على تقليص قدرة إيران على التأثير في الأمن الإقليمي ، حيث تعتبر واشنطن أن دعم الحوثيين من قبل طهران يشكل تهديدًا لمصالحها وحلفائها في المنطقة .
ثالثا : العلاقة مع الصين
على الرغم من أن الصين ليست طرفًا مباشرًا في الصراع اليمني ، إلا أن هناك مصالح أمريكية متقاطعة مع الصين في المنطقة ، والصين تسعى لتعزيز حضورها الاقتصادي في منطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي ، وتعتبرها منطقة استراتيجية لأمن الطاقة والاقتصاد العالمي ، وبهذه الهجمات الأمريكية ضد الحوثيين يمكن أن يكون لها تداعيات غير مباشرة على الصين ، حيث قد تؤثر على طريق التجارة في البحر الأحمر الذي يمر عبره العديد من شحنات النفط والغاز ، لذلك ستحاول الصين الحفاظ على استقرار المنطقة لضمان استمرار تدفق تجارتها عبر هذه الممرات الملاحية .
رابعا : العلاقة مع روسيا
روسيا كذلك ليست طرفًا مباشرًا في النزاع اليمني ، إلا أنها تدير سياسة مستقلة في الشرق الأوسط وتهتم بتوسيع نفوذها في المنطقة ، وطبيعة علاقات روسيا مع إيران وحلفائها تجعلها جزءًا من معادلة معقدة في الشرق الأوسط ، إضافة إلى وجود اتهامات بتسليح روسي للحوثيين سواء بالتعامل مباشرة أو عن طريق إيران وهذا ما تحدثت عنه ولمحت إليه العديد من المراكز ووسائل الإعلام .
ولا شك فإن الهجمات الأمريكية على الحوثيين ستؤثر على مصالح روسيا في المنطقة ، خاصة في إطار جهودها لتعزيز تحالفاتها مع إيران ، كما أن أمريكا وروسيا تتنافس على النفوذ في مناطق معينة ، ولذا فإن التصعيد الأمريكي ضد الحوثيين يمكن أن يكون له تداعيات على هذا الصراع الجيوسياسي في المنطقة .
خامسا : التأثير على التوازن الإقليمي
من خلال الهجمات ضد الحوثيين ، تسعى الولايات المتحدة إلى دعم حلفائها التقليديين والحفاظ على توازن القوى في المنطقة لصالح الدول التي تعارض التوسع الإيراني ، ومع تزايد النفوذ الإيراني في اليمن فإن الولايات المتحدة ترى في الحوثيين أداة لزعزعة استقرار المنطقة وخطر يهدد مصالحها وحلفائها وتهديد للسلم والأمن وبيئة مناسبة لانتشار الجماعات الإرهابية بالتعاون أو التضاد وهذا ما يدفعها للتحرك العسكري.
سادسا : الجانب الاقتصادي
التجارة البحرية عبر البحر الأحمر وباب المندب تعتبر من أهم الممرات الملاحية العالمية و الهجمات الحوثية ضد السفن التجارية تشكل تهديدًا لهذه الممرات ، و تؤثر على الاقتصاد العالمي بشكل عام .
الولايات المتحدة باعتبارها أكبر قوة بحرية في العالم ، تسعى لحماية هذه الممرات لضمان استقرار الأسواق العالمية ، وبالتالي تقليل التأثيرات الاقتصادية السلبية على أسواق الطاقة والتجارة .
الأهداف الأمريكية من قصف الحوثيين ترتبط بشكل وثيق بحماية مصالحها الأمنية والاقتصادية في المنطقة ، مع التركيز على تقليص النفوذ الإيراني ، كما أن الهجمات تحمل أبعادًا جيوسياسية تتعلق بالتنافس مع القوى العالمية مثل الصين وروسيا في منطقة استراتيجية ذات أهمية عالية على صعيد الطاقة والتجارة العالمية.
وبغض النظر عن مدى أهمية التأثير على الصين وروسيا فإن الحفاظ على المصالح الأمريكية هي العنوان الأبرز لهذه الهجمات التي لن تتوقف وستستمر مادام والحوثيون يهددون الملاحة البحرية والسفن الأمريكية والإسرائيلية .
#عادل_الشبحي