كنت في تلك الأيام طفلًا صغيرًا، أعيش وسط أصوات المدافع وأزيز الرصاص، وأشهد الخوف في عيون الكبار، لكنني كنت أراقب كل شيء بعين الطفل الذي لا ينسى. واليوم، وبعد سنوات طويلة، أصبحت من أبرز علماء الفضاء، بفضل إنجازاتي في صناعة التلسكوبات والمعدات الفلكية، وتأليف الكتب عن الفضاء، إلى جانب مئات المقالات والأخبار المنشورة في الصحف والمواقع الإخبارية. حتى أن كثيرًا من الجهات الإعلامية تعتمد عليَّ بشكل رئيسي في أخبار الفضاء والفلك.
لكن رغم كل هذه المسافات التي قطعتها، لم أنسَ تلك الليالي العصيبة في ردفان، حين كانت مدينتنا تحت حصار جيش علي عبدالله صالح، محاطة بالدبابات والطائرات، والأمن المركزي الذي كان يتمركز في قلب الحبيلين. كانت أيامًا لا تُنسى، عشناها وسط الرعب والترقب، حيث كانت المدينة محاصرة، وكانت القيادات الجنوبية مطاردة في الجبال، ومن بينهم عيدروس الزبيدي وكل من له صلة بالحراك الجنوبي.
كان عمي القائد عبد الرب المطري من الذين حملوا على عاتقهم التصدي لبطش النظام، دعمًا للحراك الجنوبي، وعقد الاجتماعات السرية مع القيادات، ومنهم الخبجي، في مجلس العم الفقيد عبد الرب المطري. في أحد الأيام، طلب الخبجي كاميرا تساعدهم في توثيق الأحداث، فبادر العم حسن المطري بتوفيرها، قائلاً: "حتى وإن نُسِي موقفي، فهذا من أجل الجنوب".
واليوم، وبعد مرور سنوات طويلة، أصبح الخبجي من كبار رجال الدولة، بينما قدم القائد عبد الرب المطري حياته حافلة بالبذل والعطاء في سبيل كرامة الجنوبيين. فهل سيتم تكريم أبناء القائد عبد الرب المطري تقديرًا لتضحيات والدهم؟ وهل ستتذكر القيادات الجنوبية من وقفوا بجانبهم، أم أن الأيام تمحو الوفاء