تغلف حالة من الضبابية السيناريوهات المتوقعة والمتداولة خلال الأيام الأخيرة، بشأن المواجهة المحتملة بين إسرائيل وميليشيا الحوثي، عقب إعلان الأخيرة أنها ستستأنف الحظر البحري للسفن الإسرائيلية وستستهدفها بعملياتها العسكرية في البحر.
ويرى خبراء ومراقبون يمنيون، في حديثهم لـ "إرم نيوز"، أنه رغم التهديد الحوثي، إلا أن لهجة التصعيد تجاه إسرائيل هذه المرة يبدو أنها جاءت أقل حدة وضجيجًا، مستندين في ذلك إلى فحوى إعلان الحوثيين الأخير.
وأشار الخبراء إلى أن الإعلان اقتصر هذه المرة على استئناف استهداف السفن الإسرائيلية فقط، المارّة في المياه الإقليمية المحاذية للحدود اليمنية، بعد أن كانت عملياتهم خلال أكثر من عام تستهدف كافة الناقلات البحرية المتجهة إلى إسرائيل والخارجة من موانيها.
وقال المحلل السياسي خالد سلمان إن "بيان المتحدث العسكري للحوثيين، بشأن إعلان استئناف عملياتهم العسكرية في البحر ضد السفن الإسرائيلية، اتسم بأنه جاء مع سقف منخفض".
وأوضح أنه "بعد أن كان الحوثي يستهدف كل السفن المتجهة لإسرائيل، اقتصر فقط على التلويح باستهداف السفن الإسرائيلية وحدها، وهذا يعد خطوة للخلف ونبرة تصعيدية باهتة بلا أثر ملموس".
وأضاف سلمان: "ليس هناك ما يشي بجدية فتح أبواب المواجهة بذات قوة الجولة السابقة، بعد أن أدرك الحوثي ماذا يعني تخطي الخطوط الحمراء والمضي خلف غطرسة أن تقدم نفسك كقوة إقليمية ما فوق المحلية، ودفع ثمن ذلك الوهم غاليًا من تماسك بُناه العسكرية وجبهته الداخلية ومصادر تمويل ترسانته المسلحة".
ولفت سلمان إلى أن "الظرف تغيّر كثيرًا، وصرامة الإدارة الأمريكية الأكثر حدة واضحة، وبالتالي فإن مخرجات ونتائج أي تصعيد يتسم بالجدية والمخاطر الحقيقية، ستُجابه بخيار لا يعيد سابق سياسة تطييب خواطر الحوثي، بتقديم التنازلات، بل سيعمل على تحييد هذا الخطر ونزع فتيله إلى غير رجعة".
ويرجّح سلمان أن "الحوثي لن يذهب هذه المرة خارج غوغاء الخطابة واستجداء مشاعر البسطاء، وسيظل يستخدم غزة كغطاء لمزيد من الاستنفار العسكري".
في المقابل، يتبنى سياسيون يمنيون وجهة نظر مغايرة، مرجحين فرضية ذهاب الحوثيين إلى أوسع من ذلك، من خلال عدم اقتصار عملياتهم العسكرية على السفن الإسرائيلية وحدها، وأنها ستشمل سفنًا لا علاقة لها في الأساس بإسرائيل ولا ترتبط بها.
واعتبر رئيس مركز "ساوث 24" للأخبار والدراسات يعقوب السفياني، أن "إعلان الحوثيين استئناف الهجمات ضد السفن الإسرائيلية، يعد استئناف واحدة من أخطر الحملات العسكرية ضد الملاحة الدولية".
ورأى أنه "لا يمكن التحقق من أن هجمات الحوثيين فعلًا تقتصر على السفن الإسرائيلية، لأنهم يضعون إطارًا واسعًا يشمل تلك التي تذهب إلى مواني إسرائيل لمرة واحدة وغيرها".
وأشار السفياني إلى أنه "خلال التصعيد السابق هاجم الحوثيون سفنًا لا علاقة لها بإسرائيل، نظرًا لبدائية الأدوات التي يستخدمونها لرصد السفن، كما أنهم وسعوا بنك أهدافهم ليشمل السفن المرتبطة بأكبر دول اقتصادية في العالم وهي أمريكا وبريطانيا".
وقال: "تنخرط القوات الأمريكية والأوروبية في البحر الأحمر في عملية التصدي مجددًا لهجمات الحوثيين سواء نحو إسرائيل أم نحو أي سفينة، وهو ما يعني أن الجماعة اليمنية ستوسع تلقائيًا بنك الأهداف كما فعلت من قبل وتضم الولايات المتحدة وبريطانيا".
من جانبه، استبعد المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي العميد محمد الكميم، ذهاب سيناريوهات المواجهة بين الطرفين إلى أبعد مما ذهبت إليه في المرات السابقة.
وقال الكميم، لـ"إرم نيوز"، إن "الحوثي لا يمتلك وسائل هجوم رادعة أو قوية تمكنه من إلحاق ضرر حقيقي، فأسلحته عبارة عن مقذوفات بدائية، ذات قدرات تدميرية بسيطة جدًا، بل إن بعضها يفتقر تمامًا إلى أي قدرة تدميرية فعلية".
ويرى الكميم أن "إسرائيل ستعتمد على استهداف مقدرات الدولة اليمنية، مثل محطات الغاز والكهرباء وخزانات الوقود والمواني، أي أنها لم تتمكن حتى الآن من إلحاق أذى مباشر بالحوثيين إلا من الناحية الاقتصادية، وهو أيضًا نوع من حفظ ماء الوجه أو رد الاعتبار".
وأوضح المحلل العسكري: "عندما تخوض إسرائيل حربًا على بُعد ألفي كيلومتر، مع حاجتها إلى طائرات خاصة أو طائرات تُزوّد بالوقود جوًا، فإن ذلك يشكّل تحديًا استراتيجيًا ولوجستيًا كبيرًا في هذه المعركة".
وذكر الكميم أن "وجود الحوثيين في اليمن يبرز عدة مشاكل أبرزها انعدام المعلومات الدقيقة، وصعوبة استهداف الأهداف المتحركة".
وخلُص الكميم إلى أن "النتيجة واحدة تقريبًا، إذ ستستمر إسرائيل في استهداف مقدرات اليمن، وسيستفيد الحوثيون من هذه الضربات لتعزيز موقفهم، حيث سيزعمون أنهم في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، ما يمكنهم من الحشد والتعبئة".