آخر تحديث :السبت - 01 مارس 2025 - 08:11 م

الصحافة اليوم


ارتفاع تكاليف المعيشة يُفقد رمضان بهجته

السبت - 01 مارس 2025 - 05:53 م بتوقيت عدن

ارتفاع تكاليف المعيشة يُفقد رمضان بهجته

عدن تايم/ العرب

يأتي شهر رمضان هذا العام على اليمنيين في ظل أوضاع معيشية صعبة وغلاء فاحش أفقدهم القدرة على تلبية أبسط احتياجاتهم اليومية في هذا الشهر، مما جعل سعادتهم ناقصة ومعاناتهم أكثر وضوحًا.


ويشكو الكثير من اليمنيين من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، بسبب انهيار تاريخي طرأ على العملة المحلية مقارنةً برمضان السابق. ويتم صرف الدولار الأميركي في اليمن حاليًا بنحو 2300 ريال يمني، مقارنة بـ1630 ريالًا للدولار الواحد خلال رمضان العام الماضي.


وتقول الباحثة المتخصصة في الشأن الإنساني افتخار عبده إن “غلاء المعيشة وانهيار الخدمات أثّرا بشكل مخيف على واقع اليمنيين خصوصًا في الفترة الأخيرة نتيجة استمرار انهيار العملة إلى أدنى مستوى لها”.


وأضافت أن “هذا التأثير له سلبيات في جوانب عديدة، سواء في الضنك المعيشي وما ينتج عنه من تدهور في الجانب الصحي لليمنيين، بالإضافة إلى تأثيره على العلاقات المجتمعية نتيجة الحرمان الذي يتعرض له الغالبية منهم”.


وأشارت إلى أن “الغلاء المعيشي وانهيار الخدمات أثرا بشكل كبير أيضًا على نفسيات اليمنيين، فاليوم الكثير من المواطنين يعيشون مرحلة الصدمة، ومنهم من يعاني من الاكتئاب نتيجة عجزهم عن توفير القوت الضروري لأسرهم في ظل واقع قد لا يبشر بالخير”.



وتابعت “اليوم، الفئة التي كانت ميسورة الحال أصبحت تشكو من عدم قدرتها على الحصول على الأمن الغذائي، والموظفون على سبيل المثال أصبحت مرتباتهم لا قيمة لها بسبب انهيار العملة”.


وأوضحت أن “الأسعار في ازدياد مستمر، مما يوحي بكارثة كبيرة تحل على اليمنيين، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي اعتاد المواطنون فيه شراء مواد غذائية متنوعة”. ورغم ما يعانيه اليمنيون من ظروف معيشية صعبة، يحاولون جاهدين توفير بعض متطلبات رمضان لصنع فرحة الشهر الكريم.


وفي أحد أسواق العاصمة صنعاء، قال المواطن جلال العبري “القدرة الشرائية أقل من العام الماضي، لكننا نحاول جمع بعض المال من فترة إلى أخرى كي نتمكن من شراء متطلبات شهر رمضان، خصوصًا من المعارض التي تشهد تخفيضات”. ويشكو المواطن أحمد العبادي من أن وضعه المعيشي تفاقم بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة بسبب انهيار العملة.


وقال العبادي، الذي يعمل في نقل الركاب على دراجة نارية في مدينة تعز جنوب غربي اليمن، إنه لم يعد قادرًا على تأمين متطلبات الحياة نتيجة استمرار ارتفاع الأسعار.


وتابع “أنقل الركاب عبر هذه الدراجة النارية التي استأجرتها من أحد الأشخاص، وأدفع له مبلغًا ماليًا يوميًا، لكن في بعض الأيام لا أتمكن حتى من توفير ثمن الوقود”. ومضى قائلاً “الوضع أصبح لا يُطاق، ولا نملك أيّ بدائل حقيقية لتحسين ظروف معيشتنا.”


“نعاني من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، ما أفقدنا القدرة على شراء العديد من متطلبات شهر رمضان المبارك،” بهذه الكلمات يشكو المواطن عبدالله منصور من تدهور الوضع المعيشي بشكل غير معهود، ما أدى إلى حرمان الكثيرين من فرحة استقبال شهر البهجة.


ويقيم منصور في مدينة تعز جنوب غرب اليمن ويعيل أسرة مكونة من 9 أفراد، لكنه يشكو من عجزه عن توفير أدنى متطلبات شهر رمضان نتيجة الغلاء الفاحش وعدم القدرة المادية. ويعد منصور من بين ملايين اليمنيين الذين يستقبلون رمضان لأول مرة في ظل غلاء تاريخي نتيجة انهيار غير مسبوق للعملة مقارنة برمضان السابق.


ويعمل منصور بالأجر اليومي، وقال “لم نستعد بأيّ شيء، ولم نقم بشراء أيّ من احتياجات شهر رمضان”. وتابع “ليس لدينا مال، نكافح كل يوم من أجل توفير مصاريف آنية دون النظر إلى المستقبل أو إذا حل علينا رمضان أو شعبان، لا فرق”.

واستذكر حياته سابقًا، “قبل الحرب، كنا نستعد لهذا الشهر الكريم بشراء احتياجاته، أما الآن حتى الأشياء الأساسية يصعب علينا شراؤها”. ومضى بالقول، “الحرب أثرت علينا في كل شيء، لكن مأساة انهيار العملة تعد أكبر ضربة لمعيشة اليمنيين”.


بدورها، تشكو السيدة أم نورالدين من عدم قدرتها أيضًا على شراء أدنى متطلبات الحياة مع اقتراب رمضان، بما في ذلك توفير الطحين. وقالت “زوجي يعمل في مجال البناء، ومعظم الأيام لا يحصل على فرصة عمل، ما يجعلنا نكافح كثيرًا في سبيل توفير القوت الأساسي فقط بتعاون بعض الخيرين”.


وأضافت “الفقر حرمنا من فرحة استقبال رمضان، والغلاء الفاحش ضاعف من معاناة معظم الأسر، لكن الله كريم، فلعل الفرج يأتي لليمن أجمع”. وأردفت “حتى ملابس العيد لأطفالي الثلاثة لا نقدر على شرائها، والعام الماضي تكفل بها أحد الخيرين”.


وقال الباحث الاقتصادي وفيق صالح، أن “تدني القدرة الشرائية للمواطنين وغياب فرص العمل وسبل العيش، تسببا في كساد حاد في الأسواق التموينية”. وأشار إلى أن “الأسواق التي كانت تشهد حيوية في مثل هذا الوقت من العام أصبحت تعكس حالة من الكساد، إذ باتت القوة الشرائية للمواطنين لا تتناسب مع الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة”.


ومضى قائلاً إن رمضان هذا العام “يأتي في وقت تعاني فيه نسبة كبيرة من اليمنيين من انعدام الأمن الغذائي سواء في مناطق سيطرة الحكومة أو الحوثيين”. ونتيجة ظروف الحرب يحتاج معظم السكان إلى مساعدات، بينما يشكو نحو 60 في المئة من البطالة، وسط واقع تنعدم فيه الخيارات المتاحة لتخفيف حدة قسوة الحياة.