آخر تحديث :السبت - 22 فبراير 2025 - 02:25 ص

الصحافة اليوم


خطوة حكومية لحل أزمة الكهرباء تثير جدلا وسعا

الأربعاء - 19 فبراير 2025 - 02:20 م بتوقيت عدن

 خطوة حكومية لحل أزمة الكهرباء تثير جدلا وسعا

تقرير عبداللاه سميح

وسط أزمة خانقة تعيشها العاصمة اليمنية المؤقتة عدن والمحافظات المجاورة لها، في الطاقة الكهربائية، تخلصت حكومة البلاد من محطات توليد التيار المستأجرة، في خطوة أثارت جدلا واسعا بين اليمنيين.



وفي مذكرة رسمية صادرة عن إدارة المؤسسة العامة للكهرباء، أعلنت وزارة الكهرباء والطاقة، الاثنين الماضي، "الإنهاء الفوري" لعقود 6 محطات للطاقة المشتراة العاملة بمادة الديزل في عدن، التي تصل إمداداتها إلى محافظات أبين ولحج والضالع، بعد موافقة رئيس الحكومة، أحمد عوض بن مبارك، على هذا القرار.


وتعود أسباب هذا الإجراء إلى "عدم مقدرة الحكومة على توفير وقود التشغيل اللازم للمحطات المستأجرة العاملة بالديزل، وما يترتب عليها من التزامات تعاقدية، لطاقة غير منتجة، وخسائر مالية، إضافة إلى صعوبة تنفيذ الالتزامات التعاقدية"، بحسب المذكرة.



وتواجه الحكومة المعترف بها دوليا أزمة حادة هي الأسوأ على صعيد الموارد المالية، حالت دون مقدرتها على شراء الوقود والإيفاء بالتزاماتها تجاه الخدمات العامة، بعد هجمات ميليشيا الحوثيين على المنشآت النفطية، التي أوقفت تصدير النفط الخام أواخر العام 2022؛ ما أدى إلى خسائر تفوق 6 مليارات دولار.


ووصلت الانقطاعات المتزايدة للتيار الكهربائي في عدن وضواحيها، إلى مستويات غير مسبوقة تصل إلى 20 ساعة يوميا؛ ما أشعل احتجاجات شعبية خلال الأيام الماضية، تنديدا بغياب المعالجات الحكومية الملموسة لأزمة الطاقة في المدن الساحلية، على مدى أكثر من عقد.



ونتيجة لشح إنتاج محطات توليد الكهرباء المملوكة للدولة، استعانت الحكومات المتعاقبة بشركات القطاع الخاص لتعزيز القدرة الإنتاجية للطاقة في عدن وما حولها، في ظل ارتفاع مستويات العجز لمواجهة الطلب المتزايد على الكهرباء الذي يصل خلال فصل الصيف إلى 710 ميجاوات، ونحو 400 ميجاوات في الشتاء.


استنزاف الدولة

وقال الصحفي عبد الرحمن أنيس، إن الحكومة ملزمة بحسب عقود اتفاقها مع شركات توليد الكهرباء الخاصة، بتوفير وقود الديزل مرتفع الثمن، للمحطات المستأجرة، فضلا عن الزيوت والفلاتر، في وقت يتجه فيه العالم نحو التخلص من اعتماده على الديزل، ويتجه إلى بدائل أقل ثمنا.


وذكر أنيس في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن إجمالي ما أنفقته الدولة منذ العام 2015، على الطاقة المشتراة في عدن، يصل إلى 8 مليارات دولار، من أجل 110 ميجاوات لا تعمل بكامل قدرتها، ويمكن الاستعاضة عنها بشكل كلي في حال دخلت محطة "بترو مسيلة" الحكومية بطاقتها الكلية، البالغة 256 ميجاوات.



وأضاف أن هذه المحطة يصل إنتاجها الحالي إلى 65 ميجاوات، ويتطلب تشغيلها كميات كبيرة من الوقود الخام يوميا، في حين أن الكميات التي تصل من مأرب وحضرموت بالكاد تصل إلى ربع ما هو مطلوب.


جهود للتعويض

وتشير مصادر في فرع المؤسسة العامة للكهرباء بمحافظة عدن، إلى أن الطاقة المستأجرة تنتج منذ عامين ما يقارب نصف قدرتها الكلية من الكهرباء، قبل أن يخرج معظمها عن الخدمة مؤخرا، مع عدم توفر وقود الديزل.


وقالت المصادر لـ"إرم نيوز"، إن عقود هذه الشركات الخاصة انتهت في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2024، ومن ثم فإن الحكومة ارتأت عدم تجديدها في ظل عجزها عن توفير الوقود وعن دفع مستحقاتها المالية المتراكمة لدى الحكومة كديون.


وحول البدائل الممكنة للطاقة المشتراة، مع اقتراب حلول شهر رمضان وارتفاع الطلب على الكهرباء، أكدت المصادر عدم وجود حلول انتقالية جدية مطروحة حتى الآن من قبل الجهات المعنية في الحكومة.


وقالت إن هناك جهودا ومحاولات تبذل لتعويض ذلك من خلال محطة "بترو مسيلة" عبر توفير وقودها الكافي من النفط الخام، لرفع قدرتها الإنتاجية، إلى جانب محطة الطاقة الشمسية التي تعمل خلال ساعات النهار.


مواجهة الفساد

ووفقا لتقرير صادر عن البرلمان اليمني في العام 2023، فإن قطاع الطاقة الكهربائية المشتراة وإبرام عقود طويلة الأجل مع محطات توليد الكهرباء بالديزل، في ظل غياب الالتزام بقانون المناقصات ولوائحه التنفيذية، "يعد أخطر بؤر الفساد في ملف كهرباء عدن، بسبب استنزاف موارد الدولة المالية".


ولا يشك الكاتب صلاح بن لغبر، في حجم الفساد الذي يعتري صفقات الطاقة المستأجرة، لكنه تساءل في تدوينة على منصة "إكس"، عن سر توقيت القرار وتزامنه مع قدوم رمضان واقتراب فصل الصيف في المدينة الساحلية الحارة، وسط أزمة الخدمة الخادمة وانهيار منظومة الكهرباء.



ويرى الناشط عبد الناصر مختار، أن القرار "الجريء" يأتي في سياق خطوات "الإصلاح والمعالجة الجذرية لمشكلة الكهرباء في عدن"، بداية من استهداف "بؤرة التربح غير المشروع وابتلاع مليارات الدولارات منذ العام 2012، دون وجه حق".


وأكد أن هذه الخطوة ستواجه تحديات وصعوبات، لكنها تبقى خطوة ضرورية وشجاعة يجب دعمها وتأييدها، كونها "تفتح الباب أمام محاسبة المتورطين في الفساد، واستعادة المال العام"، على نحو ينهي معاناة أهالي عدن الطويلة.