آخر تحديث :السبت - 22 فبراير 2025 - 02:25 ص

الصحافة اليوم


الخدمات العامة في عدن رهن مزاجية المحافظات الأخرى

الثلاثاء - 18 فبراير 2025 - 02:30 م بتوقيت عدن

الخدمات العامة في عدن رهن مزاجية المحافظات الأخرى

عدن تايم/ العرب

أصبح تأمين الخدمات العامّة لسكان العاصمة المؤقتة عدن، وخصوصا خدمتي الماء والكهرباء، خارج يد السلطة الشرعية وحكومتها المعترف بها دوليا ورهن سلطة القرار في المحافظات الأخرى وحتى مزاجية جهات غير رسمية من قبائل وعناصر مسلّحة وغيرها.


وتحتاج عدن لتأمين الكهرباء للسكان وإمدادهم بالماء الصالح للشراب وضخ مياه الصرف الصحي إلى جلب الوقود من المحافظات المنتجة للنفط والغاز، دون أن يكون ذلك متاحا في كل الأحوال إذ سبق أن قرّر حلف قبائل حضرموت على سبيل المثال وضع اليد على الثروة النفطية في المحافظة والتحكّم بحركتها بدعوى استغلالها محليا في تحسين أوضاع السكان، كما تعرّضت شحنات النفط المتوجهة إلى عدن في أكثر من مناسبة لحواجز أقامها جنود من بعض الوحدات العسكرية بمحافظة شبوة للمطالبة برواتبهم المتأخرة.



وشهدت عدن خلال الفترة الأخيرة دورات متلاحقة من أزمة الكهرباء حيث سجلت انقطاعات شاملة وطويلة بشكل غير مسبوق ما أثار حالة من الغضب لدى السكان الذين نظموا احتجاجات بالشوارع أثارت المخاوف من انتفاضة شعبية عارمة.


ولم تعد حكومة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك صاحبة القرار في ضخ الوقود إلى عدن إذ ناب عنها في ذلك حلف قبائل حضرموت أحيانا، والسلطات المحلية في محافظة مأرب أحيانا أخرى.


ووجه رئيس حلف القبائل عمرو بن حبريش، الاثنين، قيادة “اللجنة الأمنية” بالحلف بالسماح باستمرار تزويد كهرباء عدن من نفط حضرموت بالكميات اليومية المعتادة اعتبارا من يوم السبت القادم.


وأخذ ذلك شكل المكرمة ذات الدوافع الإنسانية والدينية خصوصا وأن قرار تزويد عدن بالوقود يظل ساريا خلال شهر رمضان المنتظر مطلع مارس القادم.


ونشرت الصفحة الرسمية لحلف قبائل حضرموت الاثنين في منصة فيسبوك نص “المكرمة” الذي ورد فيه “من منطلق الجانب الإنساني والأخوي تجاه أهلنا وإخواننا في عدن الحبيبة وبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وتقديرا للموقف وما يعايشه المجتمع هناك، وبعد التشاور مع رئاسة حلف قبائل حضرموت وجه رئيس الحلف الشيخ عمرو بن حبريش العليي قيادة اللجنة الأمنية بالحلف بالسماح باستمرار تزويد كهرباء عدن من نفط خام حضرموت بالكميات اليومية المعتادة اعتبارا من يوم السبت القادم الموافق للثاني والعشرين من فبراير 2025 وخلال فترة شهر رمضان المبارك”.




ويتضح من نص القرار أن تزويد عدن بالوقود تحوّل إلى وسيلة لدى بعض الأطراف لتأكيد سيادتها على مناطق وثروات يفترض أنّها تحت السيطرة الكاملة للسلطة الشرعية اليمنية ممثلة بالحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.


كما تحوّل إلى وسيلة للدعاية السياسية كما هي الحال بالنسبة لقيادة السلطة المحلية في محافظة مأرب التي يقودها حزب التجمع اليمني للإصلاح ذراع تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن ممثلا بشخص المحافظ وعضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرّادة.


وباتت مساهمة مأرب الغنية بالنفط في حلحلة أزمة الوقود المتسببة في انهيار خدمة الكهرباء في عدن مصدر دعاية إضافية لحزب الإصلاح وللعرادة الذي بات اسمه يرد بشكل متكرر كصاحب القرار في تزويد محطات توليد الطاقة في المدينة بشحنات من الديزل رغم أن اتخاذ مثل ذلك القرار من اختصاص الحكومة.


وعاد التيار الكهربائي مؤخرا إلى عدن وذلك بعد انقطاع كامل للخدمة لمدة ثلاثة أيام ما تسبب في موجة غضب شعبي واحتجاجات بشوارع المدينة.


وتمت إعادة تشغيل توربين محطة عدن الرئيسية بعد وصول عدد من ناقلات النفط الخام اللازم لتشغيل المحطة من شركة صافر النفطية بمأرب.


وأصبح العرادة أحد كبار منقذي عدن من أزمتها عبر مكرمات إمدادها بالوقود. وفي ذروة أزمة الكهرباء في العاصمة المؤقتة وجّه محافظ مأرب بمضاعفة كمية النفط الخام المخصصة لمحطة الرئيس في عدن.


وترافق ذلك مع حملة دعائية شنها لمصلحته الإعلام المقرّب من حزبه. وحمل منشور دعائي على مواقع التواصل الاجتماعي عنوانا مثيرا هو “بفضل الشيخ سلطان العرادة النور يبدد ظلام عدن”.


وأعطى مكتب المحافظ قرار دعم عدن بالوقود بعدا سياسيا حيث قال المكتب في تعليق على أزمة الكهرباء “أكد محافظ محافظة مأرب الشيخ سلطان العرادة أن محافظة مأرب تقف بكل إمكانياتها دعما للعاصمة المؤقتة عدن”، وأضاف “مأرب تدعم عدن لأنها عاصمة الدولة ونجاحها هو نجاح لنا جميعا. وندرك جيدا مدى غيض الميليشيات الحوثية من وقوف محافظة مأرب مع عدن لأن ذلك يسوؤها”، علما أن المجلس الانتقالي الجنوبي صاحب النفوذ الرئيسي في عدن لا يقر هذا التوصيف للمدينة باعتبارها عاصمة للدولة اليمنية بل يعتبرها عاصمة مستقبلية لدولة الجنوب المستقلة التي يعمل على تأسيسها.


ومن الأبعاد التي تحملها أيضا مبادرة العرادة تجاه عدن أن السلطة المحلية التي يديرها في مأرب تعطي نموذجا عن قدرة حزبه على إدارة الشأن العام والتحكم بالموارد وبسط الاستقرار وتقديم الخدمات، قياسا بما هي عليه الحال في محافظات ومناطق أخرى يديرها خصوم سياسيون ومنافسون لحزب الإصلاح.