لا تزال ممارسة ختان الإناث موجودة في المنطقة العربية، وبشكل رئيسي في مصر والسودان واليمن، حيث تواجه الفتيات والنساء اللاتي يخضعن لهذه الممارسة مضاعفات صحية خطيرة تشمل الألم الشديد والنزيف والالتهابات، بالإضافة إلى تأثيرات طويلة الأمد على صحتهن الجنسية والإنجابية والعقلية.
وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان في تقرير حديث إن نحو خُمس الإناث في اليمن تعرضن للختان وذلك رغم إعلان شخصيات دينية وسياسية استنكارهم له خاصة في المناطق الساحلية التي تكثر فيها ممارسة هذه العادة.
وذكر التقرير أن “ممارسة ختان الإناث تظل حقيقة قاسية في اليمن، حيث خضع 19 في المئة من الفتيات لهذا الإجراء، وخاصة في المناطق الساحلية في جنوب البلاد وغربها”.
من كل خمس نساء بين 15 و49 سنة تعرضت لعملية الختان، التي يجريها في الغالب ممارسون تقليديون
وأشار التقرير إلى أن واحدة من كل خمس نساء بين 15 و49 سنة تعرضت لعملية الختان، التي يجريها في الغالب ممارسون تقليديون. وأضاف “أدت سنوات الصراع المستمر منذ عقد من الزمان إلى إضعاف الخدمات الصحية في البلاد، ومثل هذه الممارسات تزيد من خطر حدوث مضاعفات خطيرة”. وتسود في اليمن، أفقر الدول العربية، تقاليد قبلية تسمح بتزويج الفتيات بعد بلوغهن. وتنتشر فيه أيضا عادة الختان التي تثير جدلا واسعا.
ونقل التقرير عن أم حنين في محافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن القول “رأيت طفلتي الرضيعة التي لم يتجاوز عمرها أياما تموت ببطء أمام عيني نتيجة عملية ختان وحشية”. وأضافت بصوت حزين “لا أريد لأي أم في هذا العالم أن تعاني من نفس الألم”.
وأكد صندوق الأمم المتحدة للسكان في تقريره أن قصة أم حنين المأساوية هي تذكير صارخ بالعواقب المدمرة للختان، وقال إن هذه العادة الخطرة هي ممارسة متجذرة في اليمن. وعلى الرغم من آثارها الجسدية والنفسية الضارة، فإنها لا تزال مستمرة بسبب الأعراف والضغوط الاجتماعية والخوف من النبذ وغياب المحظورات القانونية وقلة الوعي بمخاطرها.
واعتبر التقرير أن المعركة ضد ختان الإناث في اليمن لم تنته بعد، مضيفا أنه “يتعين علينا دعم الشبكات العاملة على الأرض وتعزيز أصوات الناجيات والدفع نحو تغييرات في السياسات التي تحمي الفئات الأكثر ضعفا”.
وبسبب عادات قبلية يعتقد أنها ضرورة دينية، كانت أم سلمى ضحية لختان الإناث في طفولتها مما تسبب لها في أضرار جسدية ونفسية تعاظمت في كبرها ولا تزال تعاني منها حتى اليوم.
وقالت أم سلمى “أعتبر نفسي ضحية لختان الإناث الذي حدث لي بعد ولادتي، من قبل امرأة ذات خبرة في ختان الإناث وتعتمد عليها الكثير من الأسر لختان إناثهن المواليد حتى اليوم في حضرموت.”
وأضافت أن آثار الختان النفسية كان لها وقع كبير في حياتها، مشيرة إلى أنها مرت بمضاعفات كثيرة خاصة بعد بلوغها 18 عاما بسبب آلام الحيض، وأن والدتها كانت تقول لها إن زواجها سينهي هذه الآلام. وتابعت قائلة “لكن للأسف، واجهت مشكلة أكبر بكثير من آلام الدورة الشهرية، وهي البرود الجنسي.”
وأوضحت أم سلمى أن البرود الجنسي بعد زواجها عرضها للعديد من المشاكل. وقالت السيدة الحضرمية “هذا البرود لم يكن بيدي ولم أكن أستطيع السيطرة عليه إطلاقا.” وتعاني أم سلمى حتى الآن آثارا متعددة صحية وجسدية جراء الختان.
وقالت أخصائية طب الأسرة دنيا الصياد إن “أي مساس بالأعضاء التناسلية للإناث يعد تشويها أو ختانا”، مشيرة إلى أن هذه الممارسات متوارثة وتعود إلى فترة ما قبل الإسلام. وأوضحت الطبيبة اليمنية أن هذه الممارسة لا علاقة لها بالدين أو بالطهارة بقدر ما هي معتقدات وعادات خاطئة توارثتها الأجيال، وتقول إن ختان الإناث لا توجد أي فائدة له مقارنة بأضراره على صحة المرأة النفسية والجسدية.
وأضافت أن ختان الإناث منتشر في محافظات المهرة وحضرموت وعدن والحديدة الساحلية ونقلها السكان عن القادمين من دول القرن الأفريقي والهند، مستدركة أن تلك المحافظات تشهد اليوم وعيا كبيرا وحملات مناهضة تتسع كل يوم ضد ممارسة الختان بحق الإناث.
وخلص مسح متعدد القطاعات شمل 646 امرأة و345 رجلا من ست مناطق في ثلاث محافظات ساحلية يمنية بين يوليو وسبتمبر 2020 إلى أن معدل انتشار ختان الإناث في المناطق الساحلية اليمنية بلغ 89 في المئة بين النساء و79.8 في المئة بين البنات الأصغر سنا في اليمن في الأسر التي شملها المسح. وسجل أن ما يقرب من ثلثي النساء ونصف الرجال لهم مستوى معرفي ضعيف حول أضرار هذه الممارسة.
ويواجه اليمن ظاهرة ختان الإناث عبر تنفيذ البرنامج المشترك بين صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في خمس محافظات تشهد ارتفاع معدل انتشار الظاهرة.
وتركز التدخلات على أنشطة التوعية والوقاية من خلال المراكز الصديقة للشباب والمساحات الآمنة للنساء والفتيات التي يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان ومن خلال الإشراك الفعال لرجال الدين والناشطين في المجتمع المدني.
وفي أغسطس 2023، تم في محافظة حضرموت تنفيذ حملة توعية على مدى ثمانية أيام ركزت على أضرار تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في إطار البرنامج المشترك بين صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف. ووصلت الحملة إلى أكثر من 400 شخص، الكثير منهم من النساء والفتيات. وفي عام 2022 وحده، تم الوصول إلى أكثر من ألف امرأة وفتاة من خلال 10 حملات توعية.