عندما نقول إن المجلس الانتقالي الجنوبي يمكن أن يصبح مؤسسة سياسية، فهذا يعني أن يتحول من كيان يسعى لتحقيق أهداف مرحلية (مثل استعادة الدولة الجنوبية) إلى منظمة سياسية شاملة ودائمة تُدار وفق أسس مؤسسية وتنظيمية حديثة. يتجاوز دوره كحركة أو إطار سياسي محدود إلى دور مركزي في إدارة الدولة والمجتمع بفعالية واستدامة.
ماذا تعني المؤسسة السياسية؟
1. كيان منظم ومرتكز على قواعد واضحة:
وجود هيكل تنظيمي مستدام يتسم بالمرونة والشفافية، بحيث يعمل وفق أنظمة داخلية ولوائح محددة تنظم عمله وعلاقاته بالمجتمع وبمؤسسات الدولة.
2. الاستمرارية:
مؤسسة قادرة على الاستمرار حتى بعد تحقيق هدفها الرئيسي، من خلال التكيف مع متغيرات المرحلة وتبني أدوار جديدة، مثل بناء الدولة، تعزيز الديمقراطية، أو قيادة التنمية.
3. تمثيل جميع الفئات:
أن يصبح المجلس مظلة تمثل شرائح واسعة ومتنوعة من المجتمع الجنوبي، بما يشمل القوى السياسية الأخرى، الشباب، النساء، والنخب الاقتصادية والاجتماعية.
4. إدارة الدولة:
الانتقال من مجرد المطالبة بحقوق سياسية إلى دور فعال في بناء مؤسسات الدولة وتشغيلها، مثل الوزارات، الهيئات التنفيذية، والمحافظات.
5. القدرة على التأثير السياسي طويل المدى:
صياغة السياسات الداخلية والخارجية بشكل يخدم المصالح الوطنية الجنوبية ويضعها ضمن السياق الإقليمي والدولي.
ما الذي يميز المؤسسة السياسية؟
1. الهيكلية:
بناء هيكل تنظيمي يعمل بشكل مؤسسي، يتضمن هيئات قيادية، لجان استشارية، وأطر تنفيذية، بحيث تضمن تحقيق الأهداف بكفاءة.
2. الديمقراطية الداخلية:
تبني ممارسات ديمقراطية داخلية في اختيار القيادة وصنع القرار، مما يعزز شرعية المؤسسة.
3. التنمية والتأثير المجتمعي:
مؤسسة لا يقتصر دورها على السياسة، بل تمتد إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز قيم المواطنة.
4. الشرعية القانونية والدستورية:
التحول إلى كيان معترف به دستوريًا وشرعيًا، يعمل ضمن إطار قوانين الدولة ويعزز سيادتها.
كيف يمكن أن يتحقق هذا التحول؟
1. إصلاح هيكلي وتنظيمي:
تطوير الهياكل الداخلية للمجلس بحيث تصبح أكثر شمولية وفاعلية.
2. إقامة شراكات وطنية:
فتح قنوات للحوار مع القوى السياسية والمكونات المجتمعية الأخرى، بهدف خلق تحالفات وشراكات تخدم الجميع.
3. تمكين الكفاءات الوطنية:
جذب الكفاءات الجنوبية في الداخل والخارج وتوظيفها في بناء المؤسسات الوطنية.
4. إدارة التحديات بمرونة:
التعامل مع التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية بمنطق مؤسسي قائم على خطط استراتيجية بدلاً من ردود الأفعال الآنية.
5. الاستفادة من التحولات الدولية:
وضع الجنوب كطرف فاعل في القضايا الإقليمية والدولية، مما يعزز دوره كمؤسسة سياسية ذات تأثير.
لماذا هذا التحول مهم؟
لضمان الاستمرارية حتى بعد تحقيق الأهداف الكبرى مثل استعادة الدولة.
لتحويل الدعم الشعبي إلى شرعية مؤسساتية تتسم بالكفاءة والتنظيم.
لمواكبة التحديات الإقليمية والدولية بمقاربة أكثر احترافية وتنظيمًا.
لتأكيد القدرة على إدارة الدولة بعيدًا عن الفوضى أو الاعتماد على أشكال تقليدية للقيادة السياسية.
بعبارة أخرى، تحول المجلس إلى مؤسسة سياسية يعني أنه سيكون كيانًا دائمًا يُدار وفق نهج مؤسسي حديث قادر على تمثيل الجنوب، خدمته، وحماية مصالحه في الحاضر والمستقبل.