آخر تحديث :السبت - 01 فبراير 2025 - 06:54 م

كتابات


رهان البنك المركزي على رفع سعر الدولار وآثاره المدمرة على الاقتصاد اليمني

السبت - 01 فبراير 2025 - 01:48 م بتوقيت عدن

رهان البنك المركزي على رفع سعر الدولار وآثاره المدمرة على الاقتصاد اليمني

كتب / د عارف محمد عباد السقاف


يواصل البنك المركزي اليمني اتباع سياسات نقدية خطيرة تعتمد على المضاربة بسعر الصرف، حيث يقوم ببيع الدولار بسعر مرتفع ويراهن على رفعه أكثر في كل مزاد، بهدف جمع أكبر قدر ممكن من الريال اليمني. هذه الممارسة، التي تتم دون وجود احتياطيات نقدية حقيقية، بل بالاعتماد على الودائع والهبات، تترك آثارا مدمرة على الاقتصاد الوطني والمواطن اليمني.

بدلاً من استخدام الدولار لدعم العملة الوطنية، يتعامل البنك المركزي مع مزادات بيع الدولار كوسيلة لجمع السيولة من السوق، مما يؤدي إلى تقلبات حادة في سعر الصرف. هذا النهج يرفع من حالة عدم الاستقرار الاقتصادي ويخلق بيئة غير آمنة للمستثمرين والتجار، الذين يضطرون إلى رفع أسعار السلع والخدمات لمواكبة الانهيار المستمر لقيمة الريال.

عندما يرتفع سعر الدولار في كل مزاد، ينعكس ذلك بشكل مباشر على أسعار السلع الأساسية، التي تعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد. ومع ارتفاع تكاليف المعيشة، يصبح دخل المواطن غير كافٍ لتغطية احتياجاته الأساسية، مما يؤدي إلى تدهور مستمر في مستوى المعيشة وتوسع رقعة الفقر.

تكمن المشكلة الكبرى في أن البنك المركزي لا يعتمد على احتياطيات نقدية حقيقية عند بيعه للدولار، بل يستخدم الودائع والمساعدات الخارجية التي قد لا تكون مستدامة. هذا يعني أن أي توقف في تدفق هذه المساعدات سيؤدي إلى أزمة حادة في توفير العملة الأجنبية، مما قد يدفع الريال إلى مزيد من الانهيار.


ما الحل؟


إذا كان الهدف هو تحقيق استقرار اقتصادي حقيقي، فإن الحل لا يكون عبر المضاربة بالدولار، بل من خلال:


1. وضع سياسات نقدية شفافة ومستدامة تعتمد على إدارة سليمة لسوق الصرف، وليس على المضاربة وجمع السيولة.


2. وقف الاعتماد على المساعدات الخارجية كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي والبدء في بناء احتياطي نقدي حقيقي.


3. تشجيع الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد لتخفيف الضغط على سوق الصرف.


4. فرض رقابة صارمة على سوق العملة لمنع المضاربات وإغلاق محلات الصرافة غير الرسمية التي تزيد من تدهور قيمة الريال.

إن استمرار البنك المركزي في اتباع سياسة رفع سعر الدولار في كل مزاد، دون وجود احتياطيات حقيقية، هو مقامرة خطيرة تؤدي إلى مزيد من التضخم والفقر وانعدام الاستقرار الاقتصادي. وإذا لم يتم تصحيح المسار، فإن المواطن اليمني سيظل الضحية الأولى لهذه السياسات الخاطئة، التي تضعف الاقتصاد بدلاً من إنقاذه.