آخر تحديث :السبت - 01 فبراير 2025 - 05:34 م

كتابات واقلام


التبعية السياسية في العالم العربي واستقلالية أمريكا اللاتينية. قراءة في الواقع والتحديات

السبت - 01 فبراير 2025 - الساعة 01:50 م

د/ عارف محمد عباد السقاف
بقلم: د/ عارف محمد عباد السقاف - ارشيف الكاتب




لقد أصبح من الواضح أن معظم الحكومات العربية باتت تتلقى تعليماتها وتوجيهاتها من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، مما يعكس حالة من التبعية السياسية التي أضعفت القرار العربي المستقل وجعلت الدول العربية رهينة لمصالح القوى الكبرى. هذه التبعية لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة عقود من السياسات التي قامت على تحالفات غير متكافئة، أدت إلى ارتهان القرار السيادي العربي لصالح واشنطن وحلفائها.

في المقابل، نجد أن دول أمريكا اللاتينية استطاعت، رغم كل الضغوط، أن تحافظ على قدر كبير من الاستقلالية في قراراتها السياسية والاقتصادية. فمنذ عهد الزعيم الفنزويلي هوغو تشافيز والرئيس الكوبي فيدل كاسترو، وحتى اليوم مع بعض القيادات اليسارية مثل الرئيس نيكولاس مادورو في فنزويلا وغابرييل بوريتش في تشيلي، ظلت العديد من دول أمريكا اللاتينية عصية على الإملاءات الخارجية، ورفضت الانصياع لأجندات القوى الكبرى.

#أسباب التبعية في العالم العربي:

1. الأنظمة الهشة: تعتمد العديد من الحكومات العربية على الدعم الخارجي لضمان بقائها في السلطة، مما يجعلها غير قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة.

2. التغلغل الاقتصادي: ترتبط معظم الاقتصادات العربية بالغرب من خلال اتفاقيات تجارية ومساعدات مالية، ما يجعلها مرتهنة للضغوط السياسية.

3. العامل الأمني والعسكري: العديد من الدول العربية تعتمد على الولايات المتحدة في تسليحها وحماية أنظمتها، مما يقيد استقلالها الاستراتيجي.

4. غياب الإرادة الشعبية: بسبب القمع السياسي وغياب الديمقراطية، لا تعبر الأنظمة عن تطلعات شعوبها، بل تلتزم بتنفيذ أوامر القوى الخارجية.

#لماذا نجحت أمريكا اللاتينية في التحرر؟

1. قيادات وطنية مستقلة: ظهور زعامات قوية رفضت التدخلات الخارجية وسعت لتعزيز السيادة الوطنية.
2. حركات شعبية قوية: لعبت الحركات النقابية والعمالية والفلاحية دورا كبيرا في فرض أجندات وطنية تعكس مصالح الشعوب.
3. تنوع الشركاء الاقتصاديين: لم تعتمد دول أمريكا اللاتينية على الغرب وحده، بل فتحت أسواقها للصين وروسيا، مما منحها هامشًا أكبر من الاستقلال.
4. التجربة التاريخية: تعلمت دول أمريكا اللاتينية من ماضيها الاستعماري، ورفضت إعادة إنتاج الهيمنة الغربية بطرق جديدة.

إن ما تعيشه الدول العربية اليوم هو نتيجة عقود من التبعية السياسية والاقتصادية التي جعلت القرار العربي مرهونا بالخارج. وعلى النقيض، تمكنت دول أمريكا اللاتينية من انتزاع استقلالها السياسي بفضل وعي شعوبها وقوة قياداتها. إن كسر هذه الحلقة في العالم العربي يتطلب إرادة حقيقية لإعادة بناء القرار الوطني، بعيدا عن الوصاية الخارجية، وبما يخدم مصالح الشعوب العربية وليس القوى المهيمنة.