حذّر "المركز الأمريكي للعدالة"، من تداعيات كارثية لعمليات الاختطاف الجديدة التي تنفذها ميليشيا الحوثيين بحق الموظفين الأمميين، والتي تنعكس على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.
وفاجأت ميليشيا الحوثي، المجتمع الدولي بتنفيذ حملة اختطافات أخرى، طالت موظفي المكاتب التابعة للأمم المتحدة في صنعاء، شملت نحو 22 موظفًا، حتى مساء أمس السبت، وفق مصادر حقوقية يمنية.
وتأتي عملية الاختطافات الحوثية الجديدة، في ظل فشل الجولات الأممية السابقة لإطلاق سراح عشرات الموظفين الأمميين المختطفين لدى الميليشيا منذ منتصف العام الماضي، تحت ذريعة "التجسس لصالح دول أجنبية".
ومع تعاظم التعقيدات، أعلنت الأمم المتحدة الجمعة الماضي، تعليق جميع تحركاتها الرسمية ضمن مناطق سيطرة ميليشيا الحوثيين، شمالي اليمن، "لضمان أمن وسلامة جميع موظفيها"، بعد احتجاز الميليشيا المزيد منهم.
وعبّرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، عن إدانتها لحملات الاختطاف التي تشنها الميليشيا الحوثية، مؤكدة أن استمرارها "يعدّ انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويشكل تهديدًا لحياة وأمن الموظفين الأمميين".
تداعيات إنسانية
وحذّر "المركز الأمريكي للعدالة"، من تقويض "الحوثيين" وتهديدهم للجهود الإنسانية في اليمن، من خلال استمرارهم في اعتقال الموظفين الأمميين، في تصعيد خطير، دفع الأمم المتحدة إلى تعليق نشاطها في مناطق سيطرة الميليشيا.
ودعا المركز المجتمع الدولي، إلى ممارسة مزيد من الضغوط على "الحوثيين"، للإفراج غير المشروط عن المحتجزين، وضمان حماية العاملين الإنسانيين، من أجل الاستمرار في تقديم العمليات الإغاثية.
"التعامل الناعم"
ويعزو المدير التنفيذي لـ"المركز الأمريكي للعدالة" لرصد وانتهاكات حقوق الإنسان، عبدالرحمن برمان، استمرار "الحوثيين" وتماديهم في ارتكاب مزيد من الانتهاكات على نطاق واسع ضد المدنيين والموظفين الأمميين، إلى ما سمّاه بـ"التعامل الناعم للمجتمع الدولي تجاه تلك الجرائم والممارسات غير القانونية، ما أغراهم بتصعيدها".
وقال برمان، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن الحوثيين "كميليشيا مسلحة، لا يستطيعون البقاء والاستمرار إلا في ظل وجود عدو لهم، وبالتالي فهم يختلقون مزاعم تتحدث عن مؤامرة دولية تستهدفهم، لتخويف المجتمع في مناطق سيطرتهم، لفرض مزيد من السطوة، إضافة إلى تبرير عمليات الاعتقال القسري وقمع المجتمع والتملص من استحقاقات المواطنين".
"فشل وسُعار"
ويرى وكيل وزارة العدل لدى الحكومة اليمنية، فيصل المجيدي، أن ميليشيا الحوثيين، في ظل حجم الضغوط التي باتت تحاصرهم من كل جانب، "وصلوا إلى مرحلة يائسة، خاصة بعد فشل رسالتهم الأخيرة التي أرادوا إرسالها إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، من خلال إطلاق سراح طاقم السفينة المختطفة (جالاكسي ليدر)، بعد أكثر من عام على احتجازهم".
وقال المجيدي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن ميليشيا الحوثيين ظنوا أن قرار الإفراج عن طاقم السفينة، سيبعث إشارات كافية لواشنطن، تدل على استجابتهم للمطالب الدولية، أملًا في التملص من تصنيفهم كجماعة إرهابية أجنبية، وتفادي إجراءات القرار المشدّدة.
وأضاف أن عودة "الحوثيين" إلى تنفيذ حملات اختطاف للموظفين الأمميين، "كانت ردة فعل على تجاهل خطوتهم وقرار تصنيفهم من أمريكا، وهو في الوقت ذاته ضربة تنسف مزاعم المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن، الذي كان يسوّق لعلاقته الجيدة مع ميليشيا الحوثيين مؤخرًا، باعتبارها الكفيلة بإطلاق سراح الدفعات الأولى من المختطفين، والتي ستسهم في خلق أجواء من الاحترام والتعاطي الإيجابي، لكن ما حدث كان العكس تمامًا".
علاقة التصنيف الأمريكي
وذكر المسؤول اليمني، أن قرار تعليق أنشطة الأمم المتحدة، "جاء متأخرًا، وكان من المفترض حدوثه في وقت مبكر وسابق". ووفقًا للمجيدي، فإن لذلك ارتباطًا بالمتغيّر المتعلّق بالتصنيف الأمريكي، "إذ إن العديد من المنظمات والوكالات كمنظمة الصحة العالمية مثلًا، تعتمد في التمويل على 50% من الولايات المتحدة، وكذلك الأمر بالنسبة لبرنامج الغذاء العالمي وغيرهما، وبالتالي فإن استمرار أنشطتهما في مناطق ميليشيا الحوثيين سيعرضهما للملاحقة الأمريكية، أو على الأقل سيتوقف تمويلها".
وأكد المجيدي أن الحكومة اليمنية، دائمًا ما كانت تحثّ هذه الجهات الإغاثية الدولية، على نقل مقارّها إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتطالبها بإيداع أموالها في البنك المركزي اليمني، المعترف به دوليًّا، على أن يتم منه الصرف إلى الحسابات الخاصة بهذه المنظمات، "لكن ذلك لم يحدث مطلقًا".
وأشار المجيدي إلى أن ممارسات ميليشيا الحوثيين وقيودهم المفروضة على أنشطة المنظمات وتحركاتها، وأخيرًا حرية موظفيها "تصرفات تتجاوز ممارسات التنظيمات الإرهابية كـ"القاعدة" و"داعش" وغيرهما من المنظمات الإرهابية، التي لا تتعرض بهذه الصورة لجهود الإغاثة الإنسانية".
ومنذ انخراطهم في الصراع الإقليمي أواخر العام قبل الماضي، زعم "الحوثيون" بضع مرات تمكنهم من إحباط "أنشطة استخباراتية تابعة للولايات المتحدة وإسرائيل، وإلقاء القبض على عدد من الجواسيس والخلايا"، وسط حملات اعتقالات واسعة النطاق، طالت موظفين أمميين ونشطاء ومناهضين في مناطق سيطرتهم.