آخر تحديث :السبت - 22 فبراير 2025 - 02:25 ص

من تاريخ عدن


جامعة عدن في ميزان بعض قياداتها (2/2)

السبت - 25 يناير 2025 - 01:59 م بتوقيت عدن

جامعة عدن في ميزان بعض قياداتها (2/2)

مسعود عمشوش

ثالثا- جامعة عدن في ميزان أ.د. صالح علي باصرة:


تضمنت الورقة الافتتاحية للندوة التقويمية لجامعة عدن 11-15 نوفمبر 2000 التي كتابها د. صالح علي باصرة بعنوان (قراءة في توصيات الندوة التقويمية الثانية لتجربة جامعة عدن نوفمبر 1995، ما نفذ وما لم ينفذ: الأسباب والحلول) تقييما للمرحلتين الأولى والثانية لجامعة عدن، اللتين سبقت تعيينه من قبل علي عبد الله صالح رئيسا للجامعة، جاء في معظمه سلبيا ولا يتطابق مع كثير مما جاء في تقييم د. سعيد النوبان، لاسيما فيما يتعلق بمخرجات المؤتمر العلمي الأول لجامعة عدن. فهو قد كتب: "في عام ١٩٨١ نظمت جامعة عدن أول مؤتمر علمي لدراسة وتقويم تجربتها في سنوات التأسيس. وناقش المؤتمر وأقرّ عدة وثائق أعدتها لجان متخصصة، وكان من بين تلك الوثائق ما يلي:

-تعديلات واسعة لنصوص قانون جامعة عدن الصادر تحت رقم ٢٠ لعام ١٩٧٥.

-مشروع هيكل تنظيمي جديد للجامعة.

-مشاريع لوائح منظمة لعدة شئون أكاديمية وإدارية مثل الألقاب العلمية، وخدمة المكتبات، الأرشيف .... الخ.

وكان من المنتظر أن تشهد جامعة عدن نقلة نوعية في أدائها الأكاديمي والإداري وأنشطتها العلمية داخل وخارج أسوارها، وذلك بعد انتهاء المؤتمر التقويمي الأول [عام 1981]، وبالاستناد على توصياته واللوائح الجديدة التي أقرها، ولكن لم تسمح الظروف السياسية التي شهدتها المحافظات الجنوبية سابقا لجامعة عدن أن تحقق تلك النقلة النوعية المطلوبة والطموحة. لقد انشغلت القيادة السياسية آنذاك بالصراع الحاد الذي برز تدريجيا ليصل إلى ذروته الكارثية والمتمثلة في أحداث يناير ١٩٨٦. لذا لم تجد الجامعة دعما ومساندة السلطة السياسية لها لتحقيق برنامج التطور الذي أقره المؤتمر التقويمي الأول، كما لم يتم أيضا إصدار التعديلات المقترحة لقرار تأسيس جامعة عدن رقم 22 لعام ٧٥م، ولذا لم يكن بالإمكان إصدار اللوائح الجديدة لغياب السند والمرجعية القانونية لإصدارها والعمل بموجبها. وألقت ظروف ما بعد كارثة ١٣ يناير ١٩٨٦ بظلالها الكئيبة على الوطن وجميع مؤسساته ومنها جامعة عدن؛ حيث أعاقت ظروف ما بعد يناير ۱۹۸٦ والأحداث الدولية ذات الصلة بالنظام السياسي والاقتصادي في الجنوب عملية تطور جامعة عدن وبمستوى طموح قيادتها والمنتسبين لها)، وتسارعت الأحداث في الوطن والعالم في الأربع السنوات اللاحقة لعام ۱۹۸٦، واهتز الوطن والعالم بفعل هذه الأحداث، ومنها توالي سقوط المنظومة الاشتراكية بدولها في أوروبا الشرقية، وأسدل الستار على تاريخ المنظومة الاشتراكية بسقوط الاتحاد السوفيتي وحزبه الحاكم الحزب الشيوعي، وتوزع هذا الكيان الكبير إلى عدة دويلات، وفي خضم تلك الأحداث الجسام وتحت تأثيرها توحد اليمن بشطريه في دولة واحدة هي الجمهورية اليمنية في مايو ١٩٩٠.

لكن هذا لا يعنى أنه لم يحدث نمو نسبي في حياة ونشاط جامعة عدن التدريسي والبحثي خلال الفترة الممتدة من ۱۹۸۱ وحتى عام الوحدة اليمنية في ۱۹۹۰، بل حدث نموء ملحوظ في عدد الطلاب وهيئة التدريس والكليات والإيفاد الخارجي والبحث العلمي، لكنه كان مقيداً بفلسفة النظام السياسي آنذاك وغير منسجم مع روح ونصوص قانون تأسيس الجامعة".

وفي الندوة نفسها يعترف باصرة في الدراسة نفسها (قراءة في توصيات الندوة للتقويمية الثانية لتجربة جامعة نوفمبر ١٩٩٥) إن هناك توصيات وطموحات للجامعة لم تحقق، أهمها تحقيق الاستقلال الذاتي للجامعة، لاسيما فيما يتعلق بالجانب المالي الذي عبرت عنه التوصية الآتية: الاستقلال المالي وغربلة الشؤون المالية ووضع الموازنات المالية حسب متطلبات الجامعة. ص١٨ وقد كتب باصرة "إن المشكلة الأولى التي تواجه جامعة عدن وكل الجامعات الحكومية الأخرى وتعيقها نسبيا عن التخطيط لبرامجها وحسب حاجتها للتطوير أو التحسين أو التعديل في أي جانب من جوانب عملها وضمان التنفيذ لهذه الخطط هو عدم تنفيذ ما ورد في المادة رقم ( ۳ ) والمادة رقم ( ٥٣) من قانون الجامعات اليمنية رقم ١٨ لعام ٩٥م وتعديلاته بالقانون رقم ٣٠ لعام ۹۷م وتنص هذه المواد على منح الجامعات الاستقلال المالي والإداري ومنح مجالسها إعداد الموازنات السنوية حسب الحاجة ويدرج ضمن الموازنة ما تقدمه الدولة من مساهمة مالية في هذه الموازنة.

إن ما هو موجود حاليا عكس ما جاء في نصوص القانون أي أن الجامعات الحكومية تدخل ضمن الموازنة السنوية للدولة. ويتم تقديم مشروع الموازنة للمناقشة مع التخطيط بالنسبة للبرنامج الاستثماري ومع المالية للموازنة ككل. ولا توجد أسس لدى المالية لمناقشة مشاريع الموازنة المقدمة من الجامعات ويخضع النقاش للاقتناع الشخصي لأعضاء لجنة المناقشة المشكلة من وزارة المالية والنسب الزيادة أو التخفيض السنوي لمبالغ الموازنة والمقترحة سلفا من وزارة المالية وكذا المبلغ المعتمد لكل باب أو بند في العام السابق. وتخضع موازنة الجامعات كما هو حال الموازنة ككل للتعديل لاحقا عبر المالية أو اللجنة العليا للموازنة أو مجلس الوزراء.

ويتم إعداد مشروع موازنة كل جامعة حسب الأبواب والبنود النمطية لكل مؤسسات الدولة وبغض النظر عن طبيعة وظيفة وعمل كل مؤسسة.

وبعد إقرار الموازنة في مجلس النواب وصدور القانون الجمهوري باعتمادها يتم صرفها بنظام المصرح الشهري وبعض البنود تحتجز لدى المالية ويجب متابعة الوزارة لصرف هذا المحتجز وفي معظم الأحيان لا يتم صرف كل المحتجز بل جزء منه وحسب تقدير الوزارة وقبولها وعدم قبولها لطلبات الصرف.

ويمكن القول إن هذا الوضع لا يساعد على تنفيذ كل خطط الجامعة ولا يمكنها أيضا من اعتماد خطة العمل ثم اعتماد المبلغ المالي المطلوب للتنفيذ لان العكس هو الذي يحدث معرفة الموازنة برقمها الأخير والمقر نهائيا ثم وضع الخطط مع مراعاة ما يسمي بالمحتجز. ولا نود أن نلقي باللوم كله على وزارة المالية فالجامعات أيضا تتحمل جزءا من مسئولية هذا الوضع لأنه لا يمكن إعطاء الاستقلال المالي وإعداد الموازنة السنوية حسب ما ورد في القانون دون أن تكون الجامعات الحكومية قد وفرت نسبة من الموازنة التي ترغب في رسمها من مواردها الذاتية.

إن حل هذه المشكلة يحتاج إلى بعض الوقت وإلى إصدار اللائحة التنفيذية للقانون وإلى إصدار نظام مالي للجامعات وكذا رسم سياسة لتنمية الموارد الذاتية للجامعات الحكومية وتحديد نسبتها في موازنة كل جامعة". ١٨-١٩

وبالمقابل أشاد بو شادي بالإنجازات الكثيرة التي حققتها جامعة عدن بين سنة 1996 وسنة 2000، قائلا: "رغم الظروف الصعبة بعد الحرب مباشرة فإن قيادة الجامعة وبدعم وتعاون فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح والحكومة المحلية في عدن وجهود جميع أسرة الجامعة، قادت مشوار إعادة إعمار الجامعة، وبدأ أول عام جامعي بعد الحرب أي العام الجامعي ٩٤ - ١٩٩٥م في أصعب ظرف مرت به جامعة عدن في تاريخها، وتسارعت عملية الإعمار ومعالجة المشاكل السابقة، ومنحت الجامعة مبنى ما كان يعرف باللجنة المركزية، ومبنى ما كان يعرف بمعهد باذيب وذلك بموجب توجيهات فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية، وجدولت الحكومة متطلبات إعادة إعمار وتطوير جامعة عدن على عدة سنوات. وتم ترميم وتأثيث المباني الجديدة وترميم وتوسيع كلية التربية صبر وتوفير بعض الأثاث والتجهيزات لبعض الكليات وديوان رئاسة الجامعة". ص2


رابعا- الحزبي عبد العزيز بن حبتور ينتقد الأهواء الحزبية الشمولية والمناطقية والقبلية في جامعة عدن:

أما الدكتور عبد العزيز حبتور، الرئيس الثامن للجامعة، فقد ألف سنة 2000، حينما كان نائبا لرئيس الجامعة وأمينا عاما، كتابا بعنوان (الإدارة الجامعية، تجربة جامعة عدن)، قدمه له الدكتور صالح علي باصرة.

ومن اللافت حقا أن د. عبد العزيز بن حبتور، الذي ظلّ طوال النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي رئيس المنظمة القاعدية للحزب الاشتراكي في ديوان جامعة عدن وممثلها في مجلس الجامعة، قبل أن يصبح واحدا من أبرز قيادات المؤتمر الشعبي العام في عددن سنة 1990، قد انتقد بشدة ظاهرة استبعاد الكوادر القيادية في الجامعة بسبب عدم انتمائها الحزبي، وعبّر عن ذلك عند تقييمه لتجربة جامعة عدن في الكتاب قائلا: "إن العمل يوجب علينا انتقاء هذه الفئات انتقاءً سليماً بعيداً عن الأهواء الحزبية والمناطقية والقبلية. إن الروح العشائرية ضارة إذا ما تفشت في ثنايا النسيج الفكري للأمة والشعب، فكيف الحال إذا ما تفشت في الوسط الجامعي؟ لا نريد أن نستبدل التسلط الحزبي الشمولي بتسلط آخر قبلي أو مناطقي ونحن نسعى لاستقبال مطالع القرن الواحد والعشرين. إن المؤسسات الجامعية فوق كل هذه الاعتبارات جميعاً فهي مؤسسة أكاديمية ملك الجميع، هي التجسيد العملي لطموحات وحاجات الجميع ولكنها ترتقي بلا شك فوق كل السلبيات التي يعاني منها مجتمعنا وتحاول أن ترفد هذا المجتمع بكل القيم الخيرة المتحضرة التي تستهدف الرقي المعرفي والاجتماعي لجميع الفئات دون تمييز. فانتقاء الفئات الوسطى يجب أن يتم وفق المنهج الذي أشرنا إليه كيلا نتعرض إلى أي هزات سياسية أو تبدلات تمس القيادة الجامعية. فالاستقرار والطمأنينة الوظيفية عاملان أساسيان في تطوير العمل القيادي الجامعي إنها الآلية الناجحة في نجاح قرارات المؤسسات القيادية وهذا يلقى علينا مسؤولية كبيره في التبصر مليا قبل اختيار القيادات الوسطى التي يقع عليها واجبات تنفيذ المهام الموكلة في مجال البحث العلمي، المكتبات، الشؤون الإدارية والمالية". ص34

وتجدر الإشارة هنا أنه في تلك الفترة (نهاية الألفية الماضية) تمّ توجيه نقد شديد لرئيس الجامعة د. صالح علي باصرة بسبب اعتماده على عناصر قيادية من خارج المؤتمر الشعبي العام، وطالبته بالتخلص منها. وبسبب ذلك اضطر المرحوم د. سعيد النوبان أن يقنع عددا كبيرا (أكثر من مئة اسم "كَتْبَة!") من الكوادر الحضرمية بحمل عضوية المؤتمر الشعبي العام، لإبطال ذريعة النقد الموجه لباصرة ولتجنب استبعادهم من مناصبهم.


خامسا- يتقييم فؤاد راشد عبده لجامعة عدن سنة 2000:

وبعكس ما ذهب إليه كل من د. باصرة ود. حبتور اللذين أكدا أن جامعة عدن قد تخلصت من الهيمنة الحزبية بعد حرب 1994 وصدور اللائحة التنفيذية للجامعات اليمنية، يرى د. فؤاد راشد عبده، الذي شغل منصب عميد كلية العلوم الإدارية بجامعة عدن من سنة 2001 إلى سنة 2008، أن ذلك الأمر لم يتم واستمر تأثير الاعتبارات السياسية يؤثر بقوة في اتخاذ القرارات الإدارية داخل الجامعة. فبعد سنة 1994، حل في الواجهة الحزبية في بلادنا المؤتمر الشعبي العام، الذي لم يسع عمليا إلى تحرير المؤسسات الجامعية (ومن بينها جامعة عدن) من الهيمنة الحزبية. وأشار د. فؤاد راشد في دراسته التي قدمها للمؤتمر العلمي الثالث لجامعة عدن بعنوان (الإدارة الحكومية علاقتها بالإدارة الجامعية وأثرها على الأداء الإداري في الجامعات اليمنية) إلى عدد آخر من السلبيات التي ظلت عالقة بتجربة جامعة عدن بعد حرب 1994، كالمركزية المفرطة والبيروقراطية والمزاجية وانفراد القيادات العليا بالقرار، وكتب:

"سنقوم هنا بعرض أهم سمات الإدارة الحكومية والتي تؤثر بصورة مباشرة على الأداء الإداري في الجامعات اليمنية، ولعل من أهم هذه السمات... توفير وظائف من دون حاجة وبهدف توفير أكبر قدر من فرص العمل وتفصيل الوظائف الإدارية القيادية في أحيان كثيرة لأغراض سياسية واجتماعية. وعدم الاهتمام بدراسة وتحليل التكاليف والعائدات من الأعمال والنشطة الإدارية. والضعف الحاد في الأسس والمعايير العلمية والمعلوماتية لاتخاذ القرارات الإدارية، وقوة تأثير الاعتبارات السياسية على عملية اتخاذ القرارات الإدارية.

والجامعة كمؤسسة علمية ليست بمعزل عن النظام المجتمعي العام ولا عن الإدارة الحكومية التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من هذا النظام. كما أن الإدارة الجامعية ليست بنظام مطلق أو بمعزل عن النظام الحكومي والمحيط البيئي المجتمعي. ذلك ما تؤكد عليه الوقائع التالية:

-ممارسة الجامعات لنشاطها وفق السياسات والتوجيهات والأهداف المجتمعية العامة التي ترسمها الأجهزة الإدارية الحكومية العليا.

-اعتماد الجامعات على إمكانيات وموارد وطاقات المجتمع المتاحة المادية والمالية والبشرية توافق البناء الإداري الهيكلي التنظيمي والقانوني للجامعات مع الهياكل والنظم واللوائح والأسس والقوانين والتشريعات العامة.

- ممارسة الجامعات لمهامها ومسؤولياتها وفق السلطات المخولة لها من الأجهزة الحكومية العليا وفي حدودها فقط. ومن المعروف أن الجامعات اليمنية [الحكومية سنة 2000] تمارس نشاطاتها الأكاديمية والإدارية وفق القرار الجمهوري بالقانون رقم (۱۸) لسنة ۱۹۹٥م بشأن الجامعات، والمعدل بالقانون رقم (۳۰) لسنة ١٩٩٧م والقرارات الصادرة عن مجلس الوزراء.

وهناك خصائص وسمات عامة ومشتركة للإدارة الجامعية تكشف عن واقعها وحالها الراهن من أبرز هذه السمات والخصائص ما يلي:

-تقيد الإدارة الجامعية بقيود المركزية المفرطة والنزعات التسلطية لبعض الأجهزة والقيادات الإدارية المركزية وبفعل غياب الاستقلال المالي والإداري للجامعات. فعلى الرغم من أن قانون الجامعات قد أشار ضمنا إلى الاستقلال المالي والإداري للجامعات ونص وإدارة هذه الأموال النظام المالي الذي يقره مجلس الجامعة بالاتفاق مع وزارة المالية مع إعطاء بوضوح بأن تتصرف الجامعة في أموالها وتديرها بنفسها ويخضع هذا التصرف في أموال الجامعة للجهة المختصة في المراجعة والتأكد من صحة وسلامة الصرف، إلا أن ميزانية الجامعات لا زالت مبوبة وفق التبويب المتبع في الميزانية العامة للدولة وبنفس الأسلوب المتبع في ميزانيات الهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى، ويتم صرف هذه الميزانية من قبل وزارة المالية وفق الطرق والأساليب المالية الروتينية المعمول بها، كما تتم عملية المرابة قبل وأثناء وبعد الصرف. وبنفس الأسلوب يتم التعامل مع احتياجات ومتطلبات الإدارة الجامعية (الشواغر والوظائف - الدرجات - الوسائل والتقنيات. وغيرها)، أي وفق ما هو مصرح ومحدد لها من الأجهزة المركزية فقط، وقد ترتب عن ذلك ما يلي:

. توجيه وإنفاق الموارد والإمكانيات المتاحة بما يستجيب مع متطلبات واحتياجات الجامعة وأنشطتها في الغالب.

. اهتمام وانشغال القيادات الإدارية للجامعة بالمعاملات والإجراءات الإدارية والمالية الروتينية المتكررة والملبية لرغبات ومتطلبات الأجهزة الإدارية الحكومية أكثر من اهتمامها بالأنشطة الجامعية الأساسية.

. هدر جزء كبير من الموارد المالية في الإنفاق على الدراسات والأعمال المكتبية وعلى الاتصالات واللقاءات بالقيادات الإدارية الحكومية، وكذلك في توفير الوظائف الإدارية اللازمة للقيام بالأعمال المالية والإدارية المطلوبة.

. النقص الحاد في المتطلبات المادية والبشرية النوعية والمهيأة للمناخ الدراسي والبحثي الجامعي والتي تشكل الأساس القيام الجامعة بوظائف بالكفاءة المطلوبة.

. اكتساب القيادات الإدارية الجامعية لنوازع الإدارة البيروقراطية والفردية المزاجية في اتخاذ القرارات الإدارية، وعدم إعطاء القضايا والمشكلات الأكاديمية القدر الكافي من الاهتمام.

. خضوع الإدارة الجامعية لمؤثرات فوقية إدارية وقانونية، وضغوط اجتماعية وسياسية عدة". ( فؤاد راشد عبده، مؤتمر جامعة عدن الثالث حول التعليم العالي اا-١٥نوفمبر ٢٠٠٠، ص١١٩ -١٢٩)

**

وفي الندوة نفسها قدّم د. علي عبد الحق الأغبري، من جامعة تعز، ورقة بعنوان (العوائق الإدارية والتنظيمية التي تواجه الجامعات اليمنية وسبل معالجتها) ص٢٥٢-٢٥٣، ورأى فيها أن فقدان الديموقراطية وانفراد رؤساء الجامعات بالقرار لا يزالان في تلك الفترة يشكلان أحد أهم العوائق الإدارية والتنظيمية التي تجابهها الجامعات اليمنية، وكتب: "على ضوء مرتكزات الإدارة الحديثة ومواصفات المدير الناجح التي سبق توضيحها، وعلى ضوء الواقع يمكننا أن نبرز أهم العوائق الإدارية التي تجابه الجامعات اليمنية ومنها جامعة تعز فيما يلي: فقدان القيادة الديمقراطية.

تلعب القيادة العليا دوراً هاماً في حسن سير المؤسسة كما يقرر ذلك علماء الإدارة ونجد في الواقع أن جزء كبيراً من إخفاق الجامعات في أداء مهامها على الوجه الأكمل يرجع بالدرجة الأولي إلى روح الانفراد التي يتحلى بها رئيس الجامعة حيث نجد كثيراً من مواصفات القيادة الدكتاتورية يتحلى بها رئيس الجامعة فينفرد بالقرار دون استشارة أحد وللأسف نجده يتأثر بأصحاب المصالح الشخصية التي يحيطون به مما يؤدي إلى أن تكون قراراته مبنية على الهوى والمزاج اكثر من قيامها على المصلحة العامة وتحقيق أهداف المؤسسة وهو بذلك يكون قد تنصل عن أمانة المسئولية التي تحملها ولنفس الاتجاه الفردي نجد رئيس الجامعة لا ينفذ ما جاء بقانون الجامعات من حيث إعطاء كل ذي حق حقه مما يؤدي إلى إحباط العاملين في الجامعة وانشغالهم بمتابعة حقوقهم وانشغال رئيس الجامعة أيضا عن مهامه الرئيسة ويصبح الأمر عداء واستنفار كل طرف ضد الآخر وهذا كله على حساب التفرغ للعملية التعليمية وبالتالي فشل الجامعة عن تحقيق مهامها في التفرغ للعلم والبحث العلمي".

ولتجاوز هذا العائق يقترح الأغبري: "نظرا لأن القيادة الإدارية للجامعة تحتل أهمية كبيرة في نجاح الجامعة أو إخفاقها في مهمتها، ذلك أن قائد الجامعة يعتبر بمثابة ربان السفينة فعلى حسن قيادته يتحدد مصير السفينة من الغرق، وعلى ضوء المعايير اللازم توافرها في القيادة الفاعلة، فإن على القيادة الإدارية أن تتحلى بما يلي:

- أن تتعامل مع جميع أعضاء هيئة التدريس والعاملين بنظرة متساوية ويكون معيار التفاضل هو الكفاءة والإخلاص في العمل. وبهذا يشعر الجميع بالعدل ويبذلون قصارى جهدهم في العمل، أما إذا انحازت القيادة إلى مجموعة لمصلحة خاصة فهذا يخلق روح التنافر والسلبية والشعور بالإحباط واللامبالاة في العمل.

- التقيد بالقانون في معاملة الجميع وفي ذلك مصلحة مشتركة لحسن سير الإدارة، حيث أن تنفيذ القانون يشعر جميع العاملين بالمساواة كما أن قائد الجامعة يفقد المعارضين أي مبرر للنقد أو التذمر.

-العمل بالروح الديمقراطية أو الشورى، فلا ينفرد القائد باتخاذ القرارات التي تمس حقوق العاملين بل يتم التشاور معهم قبل اتخاذ أي قرار. ولا شك أن العمل بالشورى هو لمصلحة سير العمل من جهة وهو ما يتجاوب مع التوجهات الحالية المطالبة بالديمقراطية، وهذه الروح الديمقراطية تميزت بها اليمن منذ أقدم العصور نجد شاهد لذلك ما أشار به القرآن الكريم من مزايا لبلقيس حيث يقول على لسانها: ((قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون))، ويقول الحق سبحانه: ((وأمرهم شورى بينهم)) ((وشاورهم في الأمر)).