آخر تحديث :السبت - 22 فبراير 2025 - 01:14 م

الصحافة اليوم


غلو أسعار المحروقات وجور الحطابين يعري اليمن من الخضرة

الإثنين - 25 نوفمبر 2024 - 10:51 ص بتوقيت عدن

غلو أسعار المحروقات وجور الحطابين يعري اليمن من الخضرة

عدن تايم/ وكالات

في زيارته الأخيرة لمسقط رأسه، لم يرح هلال العنّوة (30 عامًا) رائحة الحيوانات التي كان يشمها حينما كان طفلًا درج في تلك القرى الواقعة قرب زمام مدينة خمر في محافظة عمران جهة الشمال من صنعاء.


يحكي هلال: ”كان لجدتي بقرتان والكثير من الأغنام، وكل أفراد الأسرة كانوا يملكون مواشي، وكانت قرانا تعج بالحيوانات الأليفة، فلا يخلو منزل منها، اليوم اختفى هذا المشهد تمامًا“، ما الذي تغير يا ترى؟


أجبر التحطيب الجائر الكثير من الأسر على التخلُّص من حيواناتها لصعوبة توفير الأعلاف، مع شح المياه في المحافظة التي تدفع ثمن قربها من أمانة العاصمة، إذ تتعرض لتجريف غطائها النباتي لتوفر بدائل الوقود بعد ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.


ويستغل تجار الحطب قربها وحاجة المواطنين، في حين تقف السلطات عاجزةً عن تطبيق القوانين التي تحمي الغطاء النباتي.


يرى مدار عبده -مدير عام إدارة الغابات والمراعي ومكافحة التصحر في وزارة الزراعة والري بحكومة صنعاء- أن قانون البيئة لا يُفعّل، فقرار رئاسة الوزراء الأخير لمنع التحطيب التجاري، وقرار التشجير الصادر في عام 2019 والذي يمنع دخول الأحطاب إلى المدن، لا يُطبقان على نحو فعال.


يقول مدار لشبكةSciDev.Net: ”إن الضعف في تطبيق هذه القوانين سمح باستمرار المخالفات دون رادع حقيقي، والسلطات تلجأ إلى مواعظ رجال الدين لمحاولة وقف هذه الممارسات، لكن دون جدوى“.


ويؤكد مدار أن إدارته ”في إطار إصدار قانون الغابات والمراعي“.


يشاهد المواطن عبد الله الناقلات حمالة الحطب يوميًّا وهي تعبر منفذ الأزرقين الذي يربط صنعاء بمحافظة عمران، وعلى متنها مئات أطنان من جذور الأشجار المعمرة، دون حسيب أو رقيب.


يؤكد عبد الله أن عدم إنفاذ القوانين المتعلقة بحماية الغطاء الأخضر أدى إلى مزيد من الاتجار بالحطب، فضلًا عن الاقتصار على فرض غرامات رمزية دون تنفيذ عقوبات رادعة، رغم أن القانون ينص على عقوبات بالسجن بالإضافة إلى غرامات مالية.


ووفق دراسة حول التصحر صادرة عن الإدارة العامة للغابات، فإن أمانة العاصمة صنعاء تستهلك مئات الأشجار يوميًّا لتلبية احتياجات الأفران والحمامات البخارية والمطاعم.


ويُرجع مدار هذا الاستهلاك المرتفع إلى طمع مالكي المخابز والأفران في تحقيق أرباح أكبر باستخدام الحطب بدلًا من المشتقات النفطية مرتفعة السعر، وأكد أن هذا الطلب المتزايد يدمر الغابات، ويهدد بانقراض الغطاء النباتي ويؤثر على الثروة الحيوانية.


ويؤكد عبد المؤمن شجاع الدين -أستاذ الاقتصاد والزراعة المستدامة المساعد بكلية الزراعة، جامعة صنعاء- أن الطلب المتزايد على الحطب في صنعاء مقابل الحاجة إلى تغطية النفقات الأسرية في عمران ألحق أضرارًا جسيمة بالموارد الغابية.


ويضاف إلى ما سبق أن ”المزارعين لا يلتزمون بالتحطيب الآمن من خلال تقليم الفروع وترك الجذوع، بل يجتثون أشجارًا عمرها مئات السنين، ما لا يقتصر تهديده على إزالة الغطاء الأخضر فحسب، بل يهدد بانقراض الحيوانات وانجراف التربة أيضًا“.


ويوضح شجاع الدين لشبكةSciDev.Net أن انحسار الموارد الغابية يؤثر على الأنظمة الزراعية والحرجية والرعوية، ما يؤدي إلى ”فقدان أصول الحياة ممثلةً في الثروة الحيوانية وتدهور التربة -وهو ما يحدث الآن تمامًا- ما يفاقم أزمة الأمن الغذائي في البلاد“.


يشير مدار إلى أن الغابات والمراعي تعتبر من أهم الموارد الاجتماعية والاقتصادية في الريف اليمني، حيث ”يعتمد نحو 75% من سكان الريف على الزراعة مصدرً رئيسًا للعيش“.


تُعد هذه المساحات ”الحاضن الأكبر لقطعان الماشية التي تُمثّل موردًا مهمًّا للاستفادة من لحومها وألبانها، وتربية النحل“، والوضع الراهن يُفاقم معاناة المجتمعات الريفية التي تعتمد عليه بشكل أساسي.


كان عبد الله يريم -رئيس الجمعية اليمنية للنحالين وتجار العسل- قد أشار في جلسة مجلس الشورى المنعقدة في صنعاء بتاريخ ؟؟؟ إلى أنه تم افتتاح أكثر من عشرين سوقًا للحطب في منطقة العصيمات خلال عام واحد فقط.


وحذر يريم من أن ”استمرار التحطيب دون مواجهة جادة سيؤدي إلى اختفاء مصادر تغذية النحل خلال السنوات الثماني المقبلة، كما ستنضب مراعي الإبل والأغنام في غضون 18 إلى 20 عامًا، ما ينذر بكارثة بيئية يصعب تداركها، وقد تفقد الحيوانات -في محافظة عمران- مواردها الغذائية بالكامل خلال أقل من عقدين“.