آخر تحديث :السبت - 22 فبراير 2025 - 01:14 م

تحقيقات وحوارات


المسمار الأخير في نعش هيئة بحثية حكومية/ صور

الجمعة - 15 ديسمبر 2023 - 09:59 م بتوقيت عدن

المسمار الأخير في نعش هيئة بحثية حكومية/ صور

تقرير /محمد النجار

حَبى الله بلادنا بشريط ساحلي يكتنز ثروة هائلة من الأسماك والأحياء البحرية، هذه الثروة تضم أكثر من 350 نوعاً من الأسماك والأحياء البحرية التي تم اكتشافها في سواحل بلادنا الممتدة على طول الشريط الساحلي لبلادنا والذي يبلغ طوله اكثر من 2350 كيلو متر مربع ممتدة من الحدود العمانية إلى الحدود السعودية مكوّنة لوحة مُتناغمه تفاصيلها الجُزر و الخلجان والتضاريس الجبلية والرَملية.

هذه البِحار التي تُحيط ببلادنا، جعلها ثروة قومية لما تجود به من أنواع مختلفة من الأسماك والأحياء البحرية الذي يعتمد عليها الناس في غذائهم، كما أنّها ثروة طبيعية يرتكز عليها الإقتصاد الوطني حيث يتم تصديرها إلى العديد من دول العالم مما جعل الحاجة لإنشاء مركز يختص بدراسة المخزون السمكي وأنواعه أولويه مُلحّه للحفاظ على هذه الثروة الطبيعية والتي تُعتبر مصدر دخل لمئات الآلاف من المواطنين.

بعد مخاض عسير تم افتتاح مركز أبحاث علوم البحار عام 1983 في جزيرة العمال التابعة لمديرية خور مكسر بمدينة عدن ، وأُلحق به مركز تربية الأحياء المائية ومركز دراسات البيئة البحرية والتلوث في مديرية البريقة وتم تزويدهم بالاجهزة المخبرية المتطورة ، وللقيام بالأبحاث في أعماق البحار ثم رفد المركز بقاربين بحثيين أحدهما ثم تسميته ابن "ماجد" والآخر سُميَ "بذُنافه".

كانت المهمة الأساسية لهذا المركز هي عمل الدراسات والمسوحات لكل ما يتعلق بالأسماك والأحياء البحرية والقيام بدراسة مخزون الأسماك في بلادنا لتحديد الكمية المسموح بإصطيادها سنوياً، وتنمية الثروة السمكية عبر مشاريع الاستزراع السمكي، بالإضافة إلى عمل دراسات بيئية لتحديد أسباب أي ملوثات قد تصيب البحار الإقليمة وتتسبب بنفوق الأسماك وتخل بالتوازن البيئي البحري، وكذلك تزويد الباحثين و الجهات المعنية في الدولة بالدراسات والبحوث البحرية للإستفادة منها في تنمية الثروة السمكية لبلادنا.

لم تمض سنوات قليلة إلا وأستطاع مركز أبحاث علوم البحار الإرتقاء بقطاع الأسماك وضم في جَنَباته قامات علمية وبحثية اشتهرت في الداخل والخارج، استطاعت تلك الكوادر العلمية والفنية تنفيذ المهام الموكله إليها بكل جدارة ، ليس هذا وحسب بل كان لمركز أبحاث علوم البحار علاقات إدارية وبحثية وعلمية مع العديد من المعاهد والمراكز العلمية الدولية ، حيث كانت تُنفذ مُسوحات بحثية مشتركة على القوارب البحثية الزائرة لدراسة الأنواع والمخزون من الموارد السمكية لبلادنا.

إذا ما غُصنا داخل مركز أبحاث علوم البحار ومرافقه فسنجده يتكون من مكاتب إدارية ومختبرات تخصصية ومكتبات علمية، وقاعة اجتماعات ومستودعات ومساحات إضافية خُصصت لأي توسع مستقبلي في عمل المركز، وهو ما حدث بالفعل حيث أُصدر قرار جمهوري عام 2007 للميلاد بتحويل المركز إلى هيئة أطلق عليها الهيئة العامة لأبحاث علوم البحار والأحياء المائية ، كما ثم تغيير هيكلها الإداري وإضافة فرعين يخضعان لها في كلاً من حضرموت والحديدة.

أعتبرت الكوادر العاملة في مركز أبحاث علوم البحار والمهتمين بالقطاع السمكي أنّ الإنتقال بالمركز إلى هيئة هو إنتصار لجهودهم التي بذلوها في خدمة المركز طيلة السنوات الماضية، وأنّ هذا القرار سيُحلّق بهم عالياً ويعطي الهيئة دافعاً قوياً للانطلاق نحو مزيد من النهوض والتطور، خاصة أنّها أصبحت هيئة مُستقلة ذات صلاحيات واسعة، إلا أنّ هذا الطموح أصطدم بسوء الإدارة والسياسات الخاطئة التي تم العمل بها والتي خيّمت على الهيئة وتسببت بتدهورها بعد مّضي سنوات قليلة، كما كان عدم رفد الهيئة بباحثين جدد وتناقص أعداد الكادر القديم وضعف الميزانية المرصودة لها دور في تراجع عمل الهيئة، بل حتى قواربها البحثية نالها الإهمال حيث تُرك قارب "ابن ماجد" في البحر فريسه سهله للأمواج والصدأ حتى طمرته مياه البحر وغيّبتهُ للأبد، أمّا قارب "ذُنافه" فدُمّر في حرب الفان وخمسة عشر ، حيث كانت تلك الحرب بمثابة المسمار الأخير في نعش الهيئة، بينما ظلت الهيئة ومراكزها وفروعها تُعاني الأمرّين، وتَنذب حظها وتروي قصتها لكل من زارها.