آخر تحديث :السبت - 22 فبراير 2025 - 01:14 م

قضايا


نظام "العود" أو تكرار ارتكاب الجريمة .. قصور تشريعي نلتمس معالجته!!

الأحد - 12 فبراير 2023 - 11:59 م بتوقيت عدن

نظام "العود" أو تكرار ارتكاب الجريمة .. قصور تشريعي نلتمس معالجته!!

القاضي صالح عبدالله المرفدي


#تمهيد
من الصعوبة بمكان، أن نبني مفهومًا للجريمة، دون أن نحدد عقوبة مناسبة وملائمه لها، بحيث تخلق الشعور بالراحة والطمأنينة لدى العامة، والردع والرضاء لدى الجاني، مما يجعله يتقبل عقوبته، ويمتنع عن الجُرّم الذي الحقه بالأخرين.. وعليه، يبقى الهدف الأساسي من العقوبه على الدوام، هو تحقيق العدل، وعدم اعادة إنتاج الإجرام قدر الامكان، على الرغم أن الجريمة ضريبة وجب على المجتمع دفعها!! وفي هذا الإطار، فإن العديد من المجرمين الذين نفّذوا الجرائم وأدوا فترة العقوبة، لم يتوقفوا عن إنتاج سلوكياتهم الإجرامية، وهذا ما يعرف "بظاهرة العود في الجرائم"، والتي أصبحت من المشاكل الكبرى التي تعاني منها الدول ومنها اليمن.

- وغني عن البيان، أن العود إلى الإجرام من المواضيع الديناميكية المستمرة، ذلك أن تطور الجريمة مرتبط بكيفية التعامل معها، وهنا يتحتم علينا، متابعة ومسايرة هذه الديناميكية، بدراسات وابحاث علمية، خاصة اذا علمنا أن نسب عودة المجرم الى ارتكاب الجريمة، ترتفع بشكل كبير ومتنامي في الدول الناميه، لا سيما "اليمن" التي تشهد صراعات سياسيه، وهو ما يعطى أهمية خاصه لدراسة هذا الموضوع.. ومن هذا المنطلق، ندرس "نظام العود"، في ثلاثة أجزاء، نتناول في الأول مفهوم العود وموقف التشريعات العقابية العربية منه، ونستعرض في الثاني موقف التشريع العقابي اليمني، ونخصص الثالث لوضع بعض المقترحات والتوصيات المتواضعه، ونختم هذة الدراسة بخلاصه موجزة.

#أولا: المفهوم، وموقف التشريعات العربية
١- المفهوم: يطلق العود في الاصطلاح القانوني: "على حالة الشخص الذي يرتكب جريمة بعد أخرى، حكم فيها نهائياً". أي أن العود ينشأ عن تكرار وقوع الجرائم من شخص واحد، بعد الحكم نهائياً عليه في إحداها أو بعضها.. ويلاحظ من خلال القرأة الاولية، أن العود يعدّ ظرفًا مشددًا، وفق شروط وضوابط محددة، ومن أسبابه هي، أن المجرم الذي يعود إلى ارتكاب جريمة جديدة، يثبت للقضاء أنه يمتلك صفة الميل للأجرام، ويستهين في العقوبة، ودليل على خطورته على المجتمع وسلامة أمنه.

٢- موقف التشريعات العربية
نصّت التشريعات العربية على نظام العود في القسم العام في قوانينها العقابية، ومن أهم هذة التشريعات العقابية، القانون المصري من (م٤٩ - م٥١)، والقانون المغربي (الفصل ١٥٤ وحتى الفصل ١٥٩)، والقانون العراقي (١٣٩ - ١٤١)، والقانون الجزائري (م٥٣ - م٥٦)، والقانون الاردني (م١٠١ - م١٠٦)، تحت مسمى "تكرار الجريمة"، وقانون الجزاء الكويتي (م٨٤ - م٨٦).

- ولابد من التأكيد، أن معظم هذة التشريعات، اتفقت على وضع نظام العود، في ابواب وفصول مستقله، تناولت في مستهلها تعريفًا دقيقًا للعود، وحددت له شروط مضبوطه، وصور وانواع معينه، وبينت كيفية تطبيقة، كل ذلك، منعًا لاختلاف تفسيرات وتطبيقات المحاكم للعقوبة الجنائية. و نتيجة لذلك، حريًا بنا التطرق لشروط نظام العود، وانواعه، وكيفية تطبيقة، والمتفق عليها بين التشريعات العقابية العربية، وفقًا لما يلي:

أ- شروط نظام العود
ينبغي لقيام حالة العود؛ كسبب مشدد للعقوبة، توافر ثلاثة شروط:
- الأول/ أن تكون هناك جريمتين على الأقل قد ارتكبها الجاني.
- والثاني/ أن يكون قد صدر حكم سابق بالادانه في الجريمة الأولى، على أن يكون هذا الحكم نهائي، أو بات (غير قابل للطعن وبكافة الطرق).
- أما الثالث/ أن يرتكب الجاني جريمة ثانية، بعد ارتكابه للجريمة الأولى، وسبق وأن صدر حكم قضائي في الأولى، كما ذكرنا في الشرط الثاني.

ب- أنواع العود
يقسم العود لعدة اعتبارات:
* القسم الأول: باعتبار التشابه بين الجريمتين:
يقسم الى عود عام وعود خاص
- الأول/ يكون العود خاصاً، بمعنى أن لا يعتبر المجرم عائداً، إلا إذا كانت الجريمة الثانية من نوع الجريمة الأولى، أو مماثلة لها، فإن لم تكن الجريمة الثانية كذلك، فلا يعتبر المجرم عائداً خاصًا. ومثالها: أن يرتكب الجاني في الأولى جريمة سرقة، وفي الثانية سرقة مطابقه لها، أو أن يرتكب جريمة مماثله لها في التصنيف، كالنصب أو الاختلاس أو خيانة الامانه، وهنا يعتبر الجاني عائدًا خاصًا.
- والثاني/ يكون العود عاماً، بحيث يعتبر المجرم عائداً، إذا ارتكب جريمته الثانية، سواءً كانت من نوع الأولى، أو من نوع آخر مماثل لها، أو غير مماثلة. ومثالها: أن يرتكب في الأولى جريمة سرقة، وفي الثانية سرقة كذلك، أو مماثله لها كالنصب أو الاختلاس، أو غير مماثله لها، كالقتل أو الاغتصاب أو أي جريمة اخرى أيًا كانت، فهنا يعتبر الجاني عائدًا عامًا.

* القسم الثاني : باعتبار الزمن بين الجريمتين:
يقسم الى عود مؤبد وعود مؤقت
- الأول/ يكون العود مؤبداً، بحيث يعتبر المُجرم عائداً، مهما مضى من الزمن على جريمته الأولى.
- والثاني/ يكون العود مؤقتاً، إذا مضى وقت معين على الجريمة الأولى، فلا يعتبر المجرم عائداً، إذا ارتكب جريمته الثانية، إلا بمرور فترة زمنية يحددها القانون.

* القسم الثالث: باعتبار عدد الجرائم:
وينقسم الى عود بسيط وعود متكرر.
- الأول/ يعتبر الجاني عائدًا بسيطًا، في حالة وجود حكم سابق، تلاه ارتكاب الجاني لجريمة جديده.
- والثاني/ يعتبر الجاني عائدًا متكرر، اذا ارتكب جريمة جديدة بعد حكمين سابقين أو اكثر، في جريمتين سابقتين أو اكثر.

ج- تطبيق نظام العود
اتفقت التشريعات العقابية العربية، على (جواز) تطبيقة من قبل القاضي، وليس على سبيل (الوجوب)، كما اتفقت، في حالة تحقق العود وثبوته امام المحكمة، جاز للقاضى، أن يحكم بأكثر من الحد الأقصى المقرر للعقوبة في الجريمة نفسها، بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد، وفي كل الاحوال، لا يحق تجاوز مضاعفة هذة العقوبة. وعلى العكس من ذلك، اختلفت التشريعات، في مسألة تحديد المدة الزمنية الفاصلة بين الجريمة الأولى والثانية، فالبعض حددها بنفس مدة الحد الاقصى للجريمة نفسها، والبعض الاخر حددها بسنه للمخالفات، وثلاث سنوات للجنح، وست سنوات للجنايات، فاذا لم تمض هذة المدد الزمنية، بعد انتهاء العقوبة في الجريمة الأولى وارتكب الجاني جريمتة الثانية، تحقق العود في وصفه، أما اذا مضت المدد الزمنية في الأولى قبل ارتكابه للثانية، سقط العود في وصف الجاني.

#ثانيا: موقف المشرع اليمني
لم يتطرق المشرع اليمني لنظام العود، كظرف مشدد للعقاب، ولم يفرد له باب أو فصل خاص، يتناول هذا النظام، من حيث معناه، وشروطه، وانواعه، وكيفية تطبيقه.

- ولامناص من القول، بأننا وجدنا أثناء بحثنا وتأملنا في نصوص التشريع العقابي، على بعض العبارات والالفاظ في القسمين العام والخاص، والتي توحي لمعنى العود، لكن الملاحظ أن هذة العبارات، جاءت على اطلاقها دون شروط، أو ضوابط، أو آليه واضحة تبين كيفية تطبيقه على أرض الواقع!! ومن هذة العبارات والاوصاف، التي تعتبر بمثابة ظرفًا مشددًا للعقوبه هي:

١- ما نصت عليه المادة (١٠٩ عقوبات)، على بعض الظروف المشددة للعقوبه، والذي يجب أن يراعيها القاضي عند تطبيق العقوبة، وذكر منها عبارة: (ماضي الجاني الاجرامي). وتفسيرًا لهذة العبارة، فقد وجدنا أنها، لا تعبّر بالمعنى الدقيق لنظام العود، من حيث مفهومه، وشروطه، وانواعه، وضوابط تطبيقة، كما ذكرنا في الجزء الاول من هذة الدراسه. ولتوضيح ذلك، فإن المشرع لم يبين ما هو هذا الماضي الاجرامي، الذي يمكن اعتباره ظرفًا مشددًا عند تطبيق العقوبه؟ فهل مدته مفتوحه وغير محدده؟! وهل هذا الماضي مرتبط بمجرد ارتكاب الجاني لجريمة سابقه؟ أم يتطلب صدور حكم قضائي بشأن هذة الجريمة؟ وما ماهية هذا الحكم؟ وماهي درجته من حيث الحجيه؟ وهل هو حكم بشأن جريمة عامه أم خاصه؟

٢- ورد في الفقرة (٣) من المادة (١٠٦ عقوبات) عبارة نصها الأتي: "أن يشتهر الجاني على الاعتياد، في ارتكاب جرائم الاعتداء على النفس أو المال أو العرض". ولعله من المفيد هنا، إزالة اللبس لدى القارئ، فالاعتياد غير العود، والتمييز بينهما واضح، فالعود حدد فيه أهم ظابط، وهو صدور حكم سابق نهائي أو بات في الجريمة الأولى، حتى نعتبر الجاني عائدًا في ارتكاب الجريمة، اما الاعتياد، فمعناه تكرار ارتكاب أكثر من جريمة، دون صدور حكم قضائي في احدى هذة الجرائم. وبناءًا على ذلك، لا يمكن أن ينطبق مصطلح الاعتياد لفظًا ومعنى على مصطلح العود، فالفرق بينهما واضح وجلي!

٣- ورد في القسم الخاص، في نص المادة (٢٣٤ عقوبات)، ضمن الظروف المشددة للعقاب في جريمة القتل العمد، قول المشرع: "أن يكون الجاني معروفا بالشر، أو سبق وان ارتكب جريمة قتل عمدًا". وبطبيعة الحال، ينطبق تحليل هذا النص على تحليل نص المادة (١٠٩) المشار اليها سلفًا، فلم يحدد المشرع، كيف يعلم القاضي بأن الجاني معروف بالشر، أو سبق وان ارتكب قتلاً عمدًا؟؟ هل بشهادة شاهدين؟ أم بمجرد ارتكابه جريمة دون صدور حكم قضائي؟ أم أن الامر يستلزم صدور حكم قضائي بشأن هاتين الصفتين؟ وهل يستلزم أن يكون قطعي أم غير قطعي؟؟ وهل يتوجب على الجاني في هذة الحالة، ارتكابه أكثر من جريمة لانطباق صفة الشرّ عليه؟ وهل يفترض أن تمر فترة زمنية بين جريمتة الأولى والثانية وما يليها؟ وهل يمكن أن تظل صفة الاجرام والشر سيفًا مسلطًا على الدوام؟ أم يفترض أن تبقى مؤقته بزمن محدد مع احتمالية توبته؟

- وفي الاجمال، فإن ما ذكرناه من بعض النصوص القانونية، لا يمكن أن تكون بديلا عن نظام العود، بمفهومة ومدلوله الخاص، والمقيد وفق شروط، وانواع، وحالات واضحة وموحدة؛ لتطبيق التشدد في العقاب، وناهيك عن ذلك، أن تطبيق النصوص القانونية السابقة على اطلاقها، يثير الكثير من الاسئلة والاستفسارات كما تقدم، وتتطلب بالمقابل اجابات واضحة ومحددة ومضبوطة، حتى لا تكون معايير التشدد في العقاب، عرضة لاجتهادات القضاة، بحسب الامزجة والاهواء، مخالفين بذلك مشروعية التجريم والعقاب، أعمالًا لمبدأ (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني). وتماشيًا مع ما تم ذكره، وحرصًا على توحيد تطبيق العقاب والتشدد فيه، وحتى نبعث في الأخير، الثقة والطمأنينه في نظام العدالة الجنائية لدى نفوس المتقاضين، وفق ضوابط وشروط وآليات محددة، فمن البديهي، أن تنظم بنصوص صريحة وقاطعة في القانون، وهو ما يعرف "بنظام العود"؛ ليبقى مرجعًا للقضاة، في توحيد تفسير وتطبيق نصوص القانون.

#ثالثا: التوصيات والمقترحات
مما سبق ذكرة، نهيب ونقترح على المشرع اليمني، باستحداث فصل جديد في قانون العقوبات، يتناول فيه نظام العود، أو ما يطلق عليه "بتكرار ارتكاب الجريمة" كظرف مشدد، على أن يتم اعتبار الجاني عائدًا في ارتكاب الجريمة وفقا للحالات الاتيه:

١- بشأن العود الخاص والعام:
أ- يعتبر عائدًا، من حكم عليه نهائيا بجريمة جسيمة، وثبت ارتكابه لجريمة جسيمة أو غير جسيمة أخرى بعد ذلك، بنفس النوع، أو مماثله لها، وقبل ردّ اعتباره قانونا.
ب- ويعتبر عائدًا، من حكم عليه نهائيا بجريمة جسيمة أو غير جسيمة، وثبت ارتكابه لجريمة جسيمة أو غير جسيمة اخرى، بنفس النوع، أو مماثلة للجريمة الأولى، أو غير مماثله لها.

٢- بشأن العود البسيط والمتكرر:
- نوصي المشرع، إذا تكرر العود لأكثر من ارتكاب جريمتين أيًا كان نوعها، جاز للمحكمة أن تقرر اعتبار العائد، مُجرماً اعتاد على الإجرام، وفي هذه الحالة، تحكم المحكمة بإيداعه، إحدى مؤسسات العمل العسكرية المناسبه جبرا، مع دفع كافة مستحقاته المالية قانونا.

٣- بشأن العود المؤقت والدائم:
- نقترح أن ينص المشرع، على مدة زمنية تفصل بين الجريمتين، فإذا أنقضت المدة، ولم تقع الجريمة الجديدة خلالها، فلا تكون الجريمة الأولى سابقة للعود، وبالتالي لا تخضع الثانية للتشديد.

٤- من المستحسن أن ينص المشرع، على جواز أن يحكم القاضي، في حالة تحقق وثبوت العود أمامه، بأكثر من الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا، بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد.

٥- ندعو المشرع، أن يكون التشديد جوازي وليس وجوبي، وللمحكمة أن تكتفي بإصدار العقوبة دون تشديد، وفي ضؤ ما تراه مناسبا لظروف وحالة الجاني.

- ولزيادة ايضاح الفقرات السابقة المذكورة، نؤكد على الاتي:
- بشأن الفقرة الأولى:
أ- جرائم النوع الواحد، هي تكرار ارتكاب نفس الجريمة، ومثالها: تكرار ارتكاب جرائم السرقة لوحدها، أو ارتكاب جرائم الاغتصاب لوحدها، أو جرائم التزوير لوحدها… وهكذا.
ب- والجرائم المماثلة، هي جميع الجرائم الداخله في تصنيف واحد في القانون، كارتكاب جرائم العلانية والنشر والسب والاهانه لوحدها، أو جرائم التزوير والتزييف لوحدها، أو الجرائم الماسه بالعرض لوحدها… وهكذا.
ج- أما الجرائم الغير مماثله، فتعني ارتكاب اكثر من جريمة من تصنيفات مختلفه في القانون، كارتكاب جريمة سرقه، ثم ارتكاب جريمة اغتصاب، ثم جريمة تزوير، ثم ارتكاب جريمة مخدرات… وهكذا.

- وبشأن الفقرة الثالثة:
من المستحسن، أن تكون المدة سنه للمخالفات، وثلاث سنوات للجرائم غير الجسيمة، وست سنوات للجرائم الجسيمة، على أن يبدأ احتساب المدة، من تاريخ انقضاء العقوبة في الجريمة الاولى، أو من تاريخ سقوطها لأي سبب كان، ومع هذا لا يجوز في كل الأحوال، أن تزيد مدة الحبس المشدد على خمسة وعشرين سنة.

- أما بشأن الفقرة الرابعة:
إذا كانت العقوبة المقررة الحبس سنه، جاز أن يحكم بالحبس الذي لا يتجاوز سنتين، واذا كانت الحبس ثلاث سنوات، جازت المضاعفه بالحبس بمدة لا تتجاوز ست سنوات… وهكذا.

- ولعله من المفيد، التأكيد على أن ما وضعناه من مقترحات وتوصيات، ستبقى حبر على ورق، اذا لم يتم تفعيل وتحريك النصوص القانونية، والواردة ذكرها في الباب التاسع من قانون الاجراءات الجزائية، والمنظمه لاحكام بطاقة الحالة الجزائية، أو ما يطلق عليه "بصحيفة السوابق القضائية الجنائية"، حيث تناولت المواد (٤٠٧، ٤٠٨، ٤٠٩، ٤١٠) من القانون المذكور، احكام أخذ البصمة والصور، وتدوين بيانات الجريمة، والحكم القضائي في بطاقة الحالة الجزائية.. كما تطرقت على ضرورة تضمين الاحكام القضائية اللاحقة، وكل تعديل يطرأ عليها، سواء بالالغاء، أو وقف تنفيذ الاحكام، أو العفو عنها.. كذلك صرحت المادة الاخيرة، على وجوب قيام النيابة بدورها الاساسي، واطلاع المحكمة على البطاقة الجزائية للمتهم الماثل امامها، قبل صدور حكم بالادانة.

- ولا يفوتنا أن ننوه هنا، في حال عدم توافر بطاقة الحالة الجزائية، فهذا لا يعفي النيابة باعتبار أنها الجهة القانونية، التي تقع عليها عبئ اثبات العود، وذلك باعلام القاضي بأن المتهم عائدًا للاجرام، ومدعمة اقوالها بنسخ أصليه، أو طبق أصليه "على الاقل" من هذة الاحكام القضائية، والتي تحتوي على معطيات دقيقة، لا يمكن انكارها من قبل قضاة الحكم، لاعتمادها في تطبيق قواعد العود على القضايا المعروضه امامهم.

- وفي الاجمال، فأن اهمية تطبيق نظام العود، في التشريع العقابي اليمني، تكمن في أن المجرم الذي يعود الى الاجرام ويصرّ عليه، دليل على أن العقوبة الأولى لم تردعه، ومن ثم، كان من المعقول، أن يتجه التفكير إلى تشديد العقوبة على العائد، شريطة أن يكون هذا العود منظمًا ومضبوطًا وفق شروط ومعايير محددة، ومذكورة بنص في القانون، وغير معروضه لاجتهادات المحاكم.

#الخلاصه
تجدر الاشارة بالقول، أن فكرة العقوبة لا تحدد فقط على أساس الركن المادي للجريمة، وإنما تمتد إلى الركن المعنوي للجاني، والذي يكمن في خطورته الإجرامية، بحيث يعتبر إحدى المعايير الجوهرية لتقدير العقوبة المناسبة من طرف القاضي الجزائي، فكثيرا ما تظهر خطورة الجاني للإجرام، من خلال تكرار ارتكابه اكثر من جريمة، الأمر الذي يستوجب إحاطته بمعاملة خاصة، تختلف عن معاملة المجرم المبتدئ، وتأسيسًا على ذلك، يظل العود سبب شخصي للتشديد، لا ينتج أثره إلا فيمن توافر فيه، دون أن يتعدى أثره إلى غيره.

- وفي نفس الصدد، إذا عدنا لواقع مجتمعنا اليمني، للمسنا عن قرب موجة الإجرام الخطيرة، والتي أصبحت تهدد يوميًا أمن وسكينة المواطن، ويظهر ذلك جليًا من خلال واقع القضاء اليمني، الذي اصبح يشهد في الآونة الأخيرة إكتضاضًا كبيرًا بالقضايا والملفات الجزائية، تعود في مجملها لفئة العائدين للإجرام، الأمر الذي يقتضي معالجة ذلك من قبل المشرع اليمني؛ للحدّ قدر الامكان من تفشي الجرائم واستفحالها في المجتمع. هذا اجتهادي وتصوري المتواضع، والله أعلم، وهو الموفق للصواب.


قاض محكمة نقض
دكتوراه القانون الجنائي
جامعة عين شمس