آخر تحديث :السبت - 22 فبراير 2025 - 01:14 م

ثقافة وأدب


الباحث عبدالله صالح حداد : هل لدى احدنا حلا أم ما زال المبدأ قائما "الوحدة او الموت جوعا"

الأحد - 27 فبراير 2022 - 10:04 م بتوقيت عدن

الباحث عبدالله صالح حداد : هل لدى احدنا حلا أم ما زال المبدأ قائما "الوحدة او الموت جوعا"

عدن تايم/ خاص

احيت حضرموت حفلا بالباحث عبدالله صالح حداد الأحد في مدينة الشحر نظمه اتحاد أدباء الجنوب في حضرموت وبهذه المناسبة كتب د.سعيد الجريري كلمة القاها عبر الاثير فيما شارك د.علي صالح الخلاقي شخصيا في الفعالية . وهنا ننشر ما سطره الجريري والخلاقي .

كما ننشر كلمة مشهورة للباحث حداد نشرها في ١٧ ديسمبر العام الماضي قال فيها يا تاريخ سجل .. استعرض مسيرته العملية ٣٦ سنة معلما احيل على اثرها الى التقاعد بمعاش ٦٦ الف ريال يذهب نصفه ايجار سكن ونصفه الثاني لأسرته المكونة من سبعة اشخاص .. وضع ١٤ مؤلف في التاريخ المحلي والموروث الشعبي

وختم منشوره : الآن هل لدى احدنا حلا او لازال المبدأ قائما "الوحدة او الموت جوعا" .

د.سعيد الجريري :
عبدالله صالح حداد
       
   عاش ليبحث.. فأثرَى مكتبة التراث الشعبي
    
     حداد الذي لا مثيل له في البلاد. ليست جملة مجانية ترمى في الطريق فلا يبقى منها سوى رجع مسجوع، ولكنها تكثف ما يبعث على تفصيل وبيان عن باحث أدركته حرفة الأدب والثقافة الشعبية، فهو ثالث ثلاثة شحريين، لا يدور حديث عن الأدب والثقافة الشعبية الحضرمية، أو يُجرَى بحث عن موضوع متصل، إلا تبادر إلى الذهن أحدهم أو ثلاثتهم معاً، بما لكل منهم من صفات جامعة وأخرى خاصة. أعني الأساتذة: محمد عبدالقادر بامطرف، عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي، وعبدالله صالح حداد.
                                    
    عبدالله حداد منذ أن وعيتُ ووعَى جيلي، وهو ناشط تراثي فذ، لا يبالي بقسوة الظروف، ولا قل ذات اليد، بأن يتخذهما ذريعة لتكاسل بحثي. بل ظل - ومازال - ينحت في صخربلا هوادة، ودليله الدائم عشقه التراثَ، حتى صار حداد نفسه كائناً تراثياً، بكل ما في الصفة من دلالات جميلة موجبة. وكقارئ يتهجَّى مبادئ المعرفة بالأدب الشعبي كنت منذ عقود - وما زلت - أجد في مقالات حداد ودراساته مادة أصيلة موثوقة موثقة، فهو من أولئك الذين يدققون، ويوثقون، ويمحّصون، ويفحصون (ويمصمصون العجم)، فلا تأخذهم نشوة بفكرة، ولا يستخفّهم هوى الذات وزهوها، أو يدّعون. بل كان من أحرص الباحثين في مجاله على منهجية تستقصي المعلومة، ثم تُخضعها للمقارنة والمطابقة، فيجمع في ذلك بين وظيفة الباحث والمحقق والمستمتع بالاكتشاف في آنٍ معاً. ولذلك فهو مرجع أصيل بما يصنّفه من مواد مميزة، لا تنقصه الجرأة والشجاعة الأدبية في توكيدها والوقوف دونها مجادلاً بالوثائق والمعلومات، صادراً عن تجربة وخبرة طويلة في الحقل التراثي.
                                            
    لحداد مزايا مخصوص بها، منها أنه استنفد عمره في خدمة التراث الشعبي عن وعي بما له من قيمة وأهمية، من حيث كونه محمول اللغة المحكية أو اللهجة العامية، وحامل جماليات الثقافة الشعبية المهيمنة وقيمها، في تشكيل الذات الجَمعية، ووعيها بالعالم، والعلاقة مع المحيط العام. فالتراث الشعبي أشعاراً كان أم أمثالاً أم حكايات هو في الصميم من تمثيل حقيقة الإنسان وطبيعته في الجغرافيا الحضرمية الممتدة عبر التاريخ والحدود. ولذلك فمجال بحث حداد هو الأقرب إلى ما أنتجه المبدع السابق وما ينتجه اللاحق، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن ما تسمى اللهجة الحضرمية - وهي متعددة ثرية التنوع - هي في واقع الأمر اللغة الأم للحضارمة، لا اللغة العربية الرسمية التي قد لا نبالغ أن وصفناها باللغة الثانية، فهي ليست اللغة التي بها يتخاطبون، أو يفكرون، أو يحلمون، أو يعشقون، أو يبدعون. ما يعني أن عبدالله حداد وأساتذته وزملاءه في المجال هم الأكثر درايةً وقُرباً من سيكلوجية المجتمع عبر مراحله، وهم لذلك واقفون على أسرار الإبداع، وعلامات القوة والضعف على مستوى الفرد والجماعة، كما تتجلى في الثقافة الشعبية وفنون الأدب الشعبي.
                                          
    إن عبدالله حداد أحد أبرز رواد حضرموت في هذا المجال الذي لم ينل حظه أو حقه من العناية بأن يُعتد به في جامعات حضرموت، بناءً على نظرة استعلائية ربما، فيها من الجهالة قدر ما فيها من الادعاء بأن الأدب المكتوب باللغة الثانية أهم من الأدب المكتوب والمروي باللغة الأولى - اللهجة الحضرمية - التي تمثل الإنسان في بيئته أجلى تمثيل - باعتبارها ظاهرة إنسانية اجتماعية وثقافية أيضاً - بدعاوى متهافتة عن إعلاء لغة الدين والأمة، حتى لكأن ذلك الإعلاء لا يكون إلا بإخفاض اللهجة التي هي لغة الشعب الحية وذاكرته الثقافية والنفسية والاجتماعية والإبداعية، وهي الرقم الصعب في معادلة الهوية الشعبية وعمقها الحضاري. لذلك فعبدالله حداد، بهذا المعنى، أحد حراس الهوية، بما أنتجه من دراسات مكتوبة، وما خاضه من سجالات، وما قدمه من محاضرات، تشترك جميعها في التعبير عن وعي متقدم بفداحة الانسلاخ عن التراث والهوية، وهو بذلك يدوّن اسمه بعصامية في سجل الباحثين الذين أمعنوا في اليقظة، حينما ذهب آخرون في غفلاتٍ، فهُم فيها سادرون.
                                    وبالنظر إلى مُنجَز حداد البحثي يلحظ المرء أن ما نشر و مالم ينشر من مقالات و دراسات في التراث والتاريخ والأدب والفن، تكفي لكي يتبوأ مقعداً محترماً في الثقافة الشعبية الحضرمية، فما رفد به المكتبة ليس بالهيّن، فكل مقالة أو دراسة منها مرجع مهم، تزداد أهميته بالتقادم. ولعلي أنوّه ههنا بمصنفه المهم معجم شعراء العامية الحضارمة – 2016 الذي وثق فيه لـ 386 شاعراً، فهو جهد غير مسبوق، كسر به عادةً مهيمنة من عوائده، تلك هي ما وصفها د. عبدالله سعيد الجعيدي بـ(فوبيا النشر)، في تصديره المعجم. ولعل لي على ذلك تعليقاً بسيطاً، فتلك الفوبيا - إن جاز الوصف – أنما هي شكل من أشكال تهيب الباحث الجاد، وحرصه على الإحاطة بأبعاد المبحوث، من جهة، وهي من جهة أخرى شهادة على هامشية المتاح للباحثين الجادين، سواء من حيث التمويل وتقديم المنح لهم لإنجاز مشاريع أبحاثهم، أم من حيث تيسير فرص الطباعة والنشر وحماية حقوق الملكية الفكرية.
  
    وبعد، فشهادتي في أستاذنا الباحث عبدالله صالح حداد مجروحة، فإن له علينا أكثر مما لنا عليه، فلقد عاش للبحث مخلصاً، متبتلاً في محرابه، فصار حُجة ومَحجّة للباحثين والحائرين في مسائل قل الخبراء بأسرارها. ولعل له بعد كل ما قدم وأعطى أن يُنصف ويُقدر حق قدره بأن تُطبع مخطوطاته، وأن ينزّل المنزلة التي يستحقها، وهو يُجاهد بسبعينيته المجيدة مجاهدة الثلاثيني؛ لإنجاز ما أعده في أجندته البحثية من أفكار وموضوعات جديرة بالتوثيق والدرس والكتابة.
  أمستردام : 24 فبراير


د.علي صالح الخلاقي :

الباحث عبدالله صالح حداد
كوكب الشحر الوقَّاد

سررتُ أيِّما سرور، وملأ قلبي الجذل والحبور لتكريم صديقي الباحث المشهور، عبدالله صالح حداد، ابن المبروكة (سعاد) وكوكبها الوقَّاد، الذي "لا مثيل له بالبلاد"، حسب وصف صديقنا الأديب اللبيب د.سعيد الجريري، الذي يعتبره "ثالث ثلاثة شحريين، لا يدور حديث عن الأدب والثقافة الشعبية الحضرمية، أو يُجرَى بحث عن موضوع متصل، إلا تبادر إلى الذهن أحدهم أو ثلاثتهم معاً، بما لكل منهم من صفات جامعة وأخرى خاصة، ويعني الأساتذة: محمد عبدالقادر بامطرف، عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي، وعبدالله صالح حداد".
جاء التكريم بمبادرة كريمة من قبل اتحاد أدباء الجنوب في حضرموت، وهي لفتة طيبة من الاتحاد الوليد يُشكر عليها، ونتمنى أن تكون لفت انتباه وفاتحة لتكريم أكبر من قبل الجهات الرسمية في محافظة حضرموت ووزارة الثقافة، التي يفترض أن تكون السباقة والمبادر الأول لتكريم يليق بمقام ومكانة هذا المجاهد والمحارب في ساحات التاريخ والتراث الحضرمي الذي يطوي قريباً، وتحديداً في 27 ابريل القام 76 عاماً من عمره المديد، إن شاء الله، قضى معظمه معلماً في مدارس الشحر الإعدادية والأساسية حتى أحيل إلى التقاعد، براتب زهيد لا يفي بمتطلبات الحياة، ولا بإيجار المنزل، وإلى جانب وظيفته التربوية التي أخلص لها، انشغل منذ وقت مبكر بالبحث والتوثيق للتراث الحضرمي، وعلى الأخص في مدينته الشحر، ولا نبالغ أن وصفناه بـ(ذاكرة الشحر) وحافظ وموثق تراثها، وشواهدنا على ذلك أعماله المكرسة للشحر، نذكر منها: "تاريخ مساجد الشحر وأصحابها"، و"رجال الشحر في شرق أفريقيا من خلال أدبهم الشعبي"، و"باحسن..بلبل الشحر الصداح"، و"زيارة الشحر وصاحبها العطاس"، و"المؤرخ الشاعر علي سعيد بامعيبد المتوفي بمسقط رأسه الشحر عام 1922م" وتحقيقه وتقديمه لمسرحية محمد عبدالقادر بامطرف "سور الشحر"، فضلا عن اهتمامه بالتاريخ والتراث الحضرمي بشكل عام، ونُشر له في هذا الصدد المؤلفات التالية:"معجم شعراء العامية الحضارمة"، "الشواني ..رقصة شعبية حضرمية"، "العدّة رقصة شعبية"، "الشاعر الشعبي فرج أحمد بلسود"، نشر "مخطوطة العطاس في أنساب بعض قاطني حضرموت". وله قيد البحث عدد من المؤلفات، نذكر منها: "أضواء على تاريخ الأغنية الحضرمية"، "شعراء وأغنيات"، "الشاعر (أخو علوي) دراسة وتحقيق"، "المكتبة السلطانية بالشحر"، وغير ذلك من الأعمال التي يعكف على إنجازها بهمة وحيوية ونشاط نفتقدها لدى كثير من الشباب، ونأمل أن يجد (أبو ماجد) الدَّعم اللازم لنشرها لترى النور قريباً في حياته، أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية.
شخصياً تعرفت على الباحث عبدالله صالح حداد من خلال كتاباته وأبحاثه المكرسة للموروث الشعبي الحضرمي التي كان ينشرها بالصحف والمجلات المحلية منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، حيث برز اسمه ضمن أدباء وكتاب حضرموت ممن سطعت أسماؤهم في المشهد الثقافي الحضرمي ، ثم ربطتني به قبل عقدين علاقة صداقة وتواصل عبر الأثير وتبادل الوثائق في التراث الحضرمي واليافعي، إذ جمعنا الاهتمام المشترك بالتاريخ والتراث، فعلى سبيل المثال صدر له عام 2015م كتاب (معجم شعراء العامية الحضارمة) وكنت قد أصدرت قبله كتاباً مماثلاً عام 2006م بعنوان(أعلام الشعر الشعبي في يافع)، ولي إصدارات عديدة أخرى، مثلما له إصدارات أخرى أسلفت ذكرها..
وكانت مشاركتنا في المؤتمر العلمي الثاني "التاريخ والمؤرخون الحضارمة- القرن العاشر الهجري) الذي نظمه مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر في ديسمبر 2016م فرصة لأن نلتقي لأول مرة وجهاً لوجه في رحاب ذلك المؤتمر، بمدينة المكلا، فتعانقنا عناق الأصدقاء، وتكررت مشاركاتنا في الفعاليات العلمية اللاحقة، واستمر التواصل والتعاون وتبادل الإصدارات فيما بيننا.
وقد يتعجب المرء أن هذه الشخصية التربوية، والهامة الثقافية الحضرمية، بعد هذا العمر الطويل الذي أفناه في خدمة الوطن بكل إخلاص، وبعد رحلة العطاء المتدفق الذي لم ينقطع مدده في التاريخ والتراث، لا يمتلك مسكناً خاصاً به يأويه وبنيه، وما زال يسكن بالإيجار حتى اليوم، فيما نرى نكرات وسماسرة وأدعياء (النضال) يملكون العديد من الدور والقصور.. ولو كان الأمر بيدي لكرَّمته بمنزل يأويه ليتخلص من منزل الإيجار الذي يستنزف معظم راتبه التقاعدي الحقير، الذي لا يتعدَّى 66 ألف ريال، يذهب نصفه للإيجار، فكيف بالله عليكم يعيش بمبلغ زهيد كهذا بعد أن قضى 36عاما مدرساً ومربياً لأجيال كثيرة حتى تم إحالته قسرياً للتقاعد وهو في عز العطاء عام 2004م، ثم ما زال وهو يقترب من الثمانين حولاً ذلك الباحث الجاد في التراث والتاريخ الذي لا يشق له غبار ، إذ صدر له 14مؤلفاً وما زال في جعبته الكثير..ألا يستحق أن نبادله العطاء بالوفاء ورد الجميل..

****
ملحوظة:
(أرفق صورة لما كتبه في صفحته في الفيسبوك في 17ديسمبر 2021م من قلب يقطر ألماً يصف ما آل إليه الحال، في ظل انهيار قيمة الريال وارتفاع غول الأسعار لعل رسالته تصل للمعنيين)