آخر تحديث :السبت - 22 فبراير 2025 - 08:04 ص

تحقيقات وحوارات

في الذكرى الثالثة والخمسين لوفاة الزعيم الوطني الخالد (حسن علي بيومي)

الأحد - 05 يونيو 2016 - 02:00 م بتوقيت عدن

إعداد وتقديم: بلال غلام حسين

تابعونا على

تحل علينا بعد أيام قلائل الذكرى الثالثة والخمسين لوفاة فقيد الوطن وكبير وزراء حكومة عدن السيد (حسن علي بيومي) الذي غادر دنيانا الفانية في 24 يونيو 1963م, وفي ذكرى قدوم هذه المناسبة المؤلمة على قلب كل عدني أسرد لكم بتفاصيل خاصة لحظة بلحظة عن هذه الفاجعة التي ألمت بعدن والجنوب العربي منذ إصابته بالمرض وصولاً إلى خبر وفاته الذي هز عدن وشعبها عن بكرة أبيهم وندخل معاً في تفاصيل هذا الحدث...
قصة البيومي مع المرض:
في السابع من شهر إبريل أيار عام 1963م صدر بيان عن مجلس رئيس الوزراء لحكومة ولاية عدن أن السيد حسن علي بيومي داهمه المرض ونال منه الإعياء ونقل على إثره وقت متأخر من صباح نفس اليوم إلى المستشفى لإجراء الفحوصات الطبية وللراحة, فقد كان عليه رحمة الله يعمل لأكثر من ستة عشرة ساعة يومياً دون توقف. وبقي البيومي لفترة قصيرة من الوقت بعيداً عن العمل, وأثناء غيابه القصير باشر السيد زين عبده باهارون وزير المالية حينها بتولي المهام والمسئوليات في مكتب رئيس الوزراء.
وفي يوم الخميس الحادي عشر من الشهر ذاته تحسنت صحة رئيس الوزراء المحترم حسن علي بيومي وتقدمت نحو الشفاء, وقد حدد الأطباء الذي يشرفون على معالجته عدد زيارات المئات من مؤيديه ومناصريه من أبناء عدن الذين رغبوا في التعبير عن تمنياتهم الشخصية له بالشفاء العاجل. وقد عانى السيد البيومي من الإرهاق الشديد نتيجة المسئوليات الكبيرة الملقاة على عاتقه والتي أضطلع بها نيابة عن العدنيين, ولذلك فقد أشار الأطباء بأن حصوله على الراحة التامة سيساعد كثيراً على شفائه بسرعة ليتمكن من استئناف واجباته ومسئولياته الجسيمة تجاه وطنه عدن. وقد أمضى حسن علي بيومي فترة راحة واستجمام في مستشفى الملكة إليزابيث لأكثر من شهر.
وفي يوم الاثنين التاسع عشر من شهر مايو 1963م وبعد أن قضى فترة الراحة وأستعاد كامل صحته باشر رئيس الوزراء حسن بيومي عمله في بعض الأمور الهامة في مكتبه قُبيل مغادرته لعدن إلى الخارج. وفي يوم السبت الموافق 25 مايو 1963م غادر رئيس الوزراء عدن عن طريق البحر في طريقه إلى العاصمة البريطانية لندن في زيارة رسمية لإجراء محادثات مع وزارة المستعمرات والقيام بفحوصات طبية, وقد قام بتوديعه عدد كبير من الرسميين وأفراد الشعب, ومن على ظهر السفينة التي ستقله ألقى سيادته كلمة مقتضبة موجة إلى أبناء عدن ومحمياتها جاء فيها:
"أيها الأخوة في الجنوب العربي أحييكم أطيب تحية وأشكر كل فرد منكم على اهتمامكم بالسؤال عني أثناء استجمامي وأحمد الله الذي أنعم علينا بالعافية, وإنا إذ أودعكم في طريقي إلى أوروبا وأنا غائب عنكم سأحاول دائماً أن أفكر في كل شئ يمكن عمله لراحتكم وسعادتكم وتحرركم من كل ما يضايقكم, أني واحد منكم ولست مجرد رئيس للوزراء بل أشعر أني كمواطن يؤمن ببلاده وحقوقها ويسعى لرفع شأن عدن وشقيقاتها إلى المستوى اللائق بها ولذا سأسافر وقلبي مطمئن أننا سنواجه الأحداث صفاً واحداً متماسكاً مؤمنين بحقنا في الحياة والكرامة."

وفاة الزعيم :

وقد أفادت الأنباء الواردة من لندن أن السيد حسن علي بيومي قد أصيب بنوبة قلبية مفاجئة خلال اشتراكه في مباحثات مع المسئولين البريطانيين في لندن حول مستقبل عدن السياسي نقل على إثرها إلى مستشفى في لندن حيث لفظ أنفاسه الأخيرة في صباح يوم الاثنين الموافق 24 يونيو 1963م في الساعة الحادية عشر . وقد جاءت وفاته مفاجأة لكل المواطنين وصدمة لكل الذين عرفوه مخلصاً لعدن ولمبادئه. هذا وقد أعلنت الحكومة الوطنية لولاية عدن الحداد العام, كما أعلنت حكومة إتحاد الجنوب العربي عبر محطة إذاعة الجنوب العربي الحداد على روح الفقيد فأوقفت الإذاعة كافة برامجها للفترة المسائية واستبدالها بإذاعة آيات من القرآن الكريم والأناشيد الدينية, وأغلقت الدوائر العامة والشركات أبوابها. . وفي الوقت ذاته أصدرت الأمانة العامة للحزب الوطني الاتحادي التي كان يرأسها البيومي بياناً رسمياً لكافة المواطنين في عدن خاصة والجنوب العربي عامة تنعي فقيدها وأشارت بأنه قد اتخذت كافة التدابير اللازمة لنقل جثمان الفقيد عن طريق الجو إلى عدن.

عدن تخرج عن بكرة أبيها لتوديع ابنها البار:

ما أن أشرقت شمس يوم الجمعة الموافق 28 يونيو 1963م إلا وكان مطار عدن الدولي قد غص عن بكرة أبيه بجمهور غفير من المواطنين العدنيين والمواطنات الذين توافدوا من مختلف أنحاء البلاد لاستقبال جثمان زعيم الأمة والوطن السيد حسن علي بيومي رئيس وزراء أول حكومة عدنية وللمشاركة في الإعراب عن بالغ حزنهم وأسفهم وألمهم إزاء هذا المصاب الفادح الذي حل بالبلاد. وأنتظر المواطنون وصول الطائرة البريطانية (الكوميت) التي تقل على متنها الجثمان بقلوب واجفة وعيون دامعة وعقول مرهقة من التفكير, فقد كانوا في تلك اللحظات يستعرضون شريط حياة الفقيد السياسية ومناقبه ومواقفه الوطنية وأعماله الجليلة في خدمة وطنه.
وأستمر تدفق المواطنين على المطار خلال الفترة التي سبقت وصول الطائرة التي ظهرت في سماء عدن في حوالي الساعة السابعة وعشر دقائق من صباح يوم الجمعة, وأستعد المواطنون لاستقبال جثمان الفقيد الراحل فأصطف حرس الشرف من بوليس عدن المسلح في صفين أثنين بالقرب من المكان المعد لوقوف الطائرة كما أصطف عدد كبير من ضباط الجيش الاتحادي في جانب وسعادة المندوب السامي ووزراء عدن والإتحاد وأعضاء مجلس عدن التشريعي ورجال السلك الدبلوماسي ووجهاء وشيوخ البلاد في جانب آخر. وهبطت طائرة الكوميت البريطانية إلى أرض المطار في حوالي الساعة السابعة وعشرين دقيقة وما أن توقفت في المكان المعد لها حتى أسرع القوم لإنزال الصندوق الخشبي الذي يضم جثمان فقيد الوطن, وحُمل الصندوق على ظهر سيارة بوليس مكشوفة يتقدمها شرطيان من راكبي الدراجات ويسير خلفها شرطيان آخران على ظهر دراجتيهما. وبدأ موكب الفقيد الرسمي يتحرك أمام حرس الشرف الذي قام بتأدية تحية الشرف الرسمية لرئيس الوزراء بإنزال بنادقهم إلى الأرض, وواصل الموكب سيره تحت عدد من اللافتات الكبيرة التي كتبت عليها مختلف عبارات الرثاء والتوديع التي نصبت في أرض المطار.
ومن طريق المطار أنطلق الموكب بين صفين طويلين من المواطنين الذين وقفوا على جانبي طريق المطار والطرق المؤدية إلى عدن لإلقاء نظرة على فقيدهم الراحل, ثم واصل الركب سيره يتبعه رتل ضخم من سيارات الوزراء والمواطنين الذين ساروا ببطء وراء الركب حتى وصل إلى مسجد (حسين الأهدل) في حارة حسين في كريتر, الحارة التي ولد وعاش فيها حسن بيومي وكانت هي أولى مراتع الصبا. وبجانب المسجد كانت جماهير غفيرة من الجنسين ينتظرون وصول الجثمان الذي أُنزل من على سيارة البوليس إلى داخل المسجد الذي ترددت في أنحاؤه أصوات البكاء والنجيب للمواطنين وكافة الذين عملوا مع الفقيد وزاملوه خلال فترة حياته.
وما أن حانت ساعة تشييع جثمان الفقيد رسمياً بعد صلاة العصر حتى كانت الجماهير قد ملأت كافة الشوارع المحيطة بالمسجد ومداخلها وشُلت الحركة تماماً في ذلك اليوم المهيب بعد أن أقفلت كافة الحوانيت التجارية والمحلات والمرافق العامة أبوابها ورفت الأعلام السوداء حداداً على وفاة فقيد الأمة, وتقاطر المواطنون من مختلف أنحاء البلاد ومختلف الطبقات والجنسيات والمشارب والتيارات, حتى النساء المحجبات وطلبة وطالبات المدارس الذين كانوا يحملون باقات الزهور ولافتات تعبيرية عن الحزن والرثاء. وأخرج جثمان زعيم الأمة الراحل ليوضع على مدفع ميدان تجره عربة لاندروفر وبدأ الموكب في السير ووراءه الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي ورجال السلك الدبلوماسي وكبار موظفي الحكومة والوجهاء والعيان وجمع كبير من المواطنين الذي خرجوا عن بكرة أبيهم للاشتراك في توديع الرجل الذي خدم قضية عدن بإخلاص ووفاء ونزاهة.
وشق الموكب الحزين طريقه بصعوبة بين الكتل البشرية المتراصة في قلب الطريق وعلى جانبيه, وخرجت النساء من شرفات المنازل ليشهدن الموكب الجنائزي الأعظم الذي شهدته عدن على الإطلاق حتى وصل الجثمان إلى باب مقبرة القطيع حيث أشترك عدد كبير من المواطنين في إنزاله ونقله إلى مكان قبره بعد أن كاد صندوق الجثة يختفي تحت أكاليل الزهور. ثم أنزلت جثة فقيد الأمة العدنية والوطن إلى قبره ليوارى التراب وليشعر العدنيون بقلوبهم تتمزق حزناً وأسى ولوعة على فقدان الرجل الذي أوقف حياته لخدمة قضية وطنه ولإسعاد وإراحة مواطنيه حارماً نفسه من السعادة والراحة التي صدعت قلبه الكبير فدخل التاريخ من أوسع أبوابه.
لقد توفي حسن علي بيومي في ظروف كانت عدن أحوج ما تحتاج إليه ولبست عدن ثوب الحداد عليه وبكت عليه عدن بكاءً أليماً ولكنها لم تكن تبكي وفاة حسن علي بيومي, بل كانت في الحقيقة تبكي وفاتها .. وفاة عدن .. لقد أدركت عدن أن نهاية البيومي كانت تحمل معها نهاية حياة عدن .. وان بوفاة (رجل المصير) قد تقرر مصير عدن ولم تعد المسألة سوى وقت حتى تلفظ عدن بعد وفاته أنفاسها الأخيرة...
مات حسن بيومي فقيراً معدماً إلا من الذكر الخالد والأعمال التي خلدها في سجل التاريخ الذهبي كبطل ضحى بقلبه على منبر العدل في سبيل حرية وتحرير وطنه حتى أنه حاز على ثقة شعب عدن الذي كان يتوق لأن يرفعه إلى أعلى منزلة يصل إليها عدني في تاريخ التشريع. لقد قفز السيد حسن بيومي من منصب كاتب بسيط إلى منصب رئيس وزراء وقد أدى رسالته التي عمل على تحقيقها ليل نهار ولم يفكر لحظة بأنه كان يقوض صحته ويحطم أعصابه ويجازف بحياته فكانت النتيجة أن ضحى بقلبه وروحه في معركة الاستقلال.
وحين يحاول المرء استعراض تاريخ هذا الرجل العظيم فأنه لا يفوته أن يلاحظ أن البيومي لم يكن رجل السياسة فقط بل كان سيدها إذ أنه سخر حنكته السياسية لا لكسب أرفع المناصب في الدولة بل لتحقيق مطالب شعب التي ظل لأكثر من خمسة عشر عاماً يجابه كل القوى المناهضة لها, وحين وضعت في يديه السلطة الكاملة لتصريف أمور البلاد كان أول الناس رحمة وعطفاً بمن عادوه طويلاً وحاربوه سنيناً في الوقت الذي كان هو يحارب أعدائهم أعداء الشعوب. لم يكن البيومي يدرك وهو يودع عدن وأبنائها وينظر إليهم نظرة الوداع الأخير من على ظهر السفينة التي أقلته بأنه لن يراهم مرة أخرى ويرى معشوقته عدن التي أحبها وأفنى جل عمره من أجلها وسيعود إليهم جثمانه داخل صندوق...!!

مواضيع قد تهمك

نشرة أسعار صرف العملات الأجنبية صباح اليوم 22 فبراير 2025 ...

السبت/22/فبراير/2025 - 08:04 ص

العاصمة عدن: دولار امريكي= 2348 : 2330 ريال سعودي= 614 : 612 حضرموت: دولار امريكي= 2348 : 2330 ريال سعودي= 614 : 612 صنعاء: دولار امريكي= 522 : 524 ري

قطاع الإذاعة والتلفزيون الجنوبي يطلق خارطته البرامجية الرمضا ...

الجمعة/21/فبراير/2025 - 11:47 م

أعلن قطاع الإذاعة والتلفزيون الجنوبي اليوم إطلاق خارطته البرامجية الرمضانية على قناة عدن المستقلة والإذاعات وكافة المنصات الرقمية التابعة للقطاع. وتتض

تضاعف معاناة المسافرين في الطرق البديلة وسط زيادة في اعداد ض ...

الجمعة/21/فبراير/2025 - 10:36 م

مصدر مروري بلحج: تسجيل ٣٧ وفاة وإصابة خلال يناير الماضي تتضاعف معاناة المسافرين وسائقي النقل الثقيل في الطرق البديلة بين محافظتي تعز ولحج، لاسيما في ط

اسعار صرف الريال اليمني مساء الجمعة 21 فبراير 2025 ...

الجمعة/21/فبراير/2025 - 08:43 م

سجل الريال اليمني استقرار مقابل العملات الأجنبية، مساء اليوم الجمعة الموافق 21 فبراير 2025م، في أسواق الصرف بالعاصمة عدن والمحافظات المحررة، وذلك بعد

كتابات واقلام