آخر تحديث :الأحد - 16 فبراير 2025 - 12:51 ص

كتابات واقلام


لا تقارن نفسك بأحد

السبت - 15 فبراير 2025 - الساعة 02:43 م

حسين أحمد الكلدي
بقلم: حسين أحمد الكلدي - ارشيف الكاتب


لقد استيقظت كالعادة فجرًا باكرًا، بينما المنطقة التي سكنتها لا تزال هادئة، وهي أكثر الأوقات هدوءًا، عدا أني أسمع أصوات المآذن تصدح في المساجد القريبة مني في حي الدقي بالقاهرة، الذي يتواجد فيه الفندق الذي أسكنه. لقد شعرت بقشعريرة في جسمي عندما لامسه شعور فياض بالرهبة عند سماع الأذان، وكان عقلي الباطن وعقلي الواعي يتفاعلان مع المشاعر والأحاسيس التي انتابتني في تلك اللحظة، وشكرت الله أن منحني يومًا جديدًا في هذه الحياة. وعند شروق الشمس، ذهبت لتناول الفطور ووجدت أن كل شيء هادئ، حينها أدركت أنه يوم الجمعة، تاج الأسبوع، وخصصت وقتًا للتأمل والتفكير العميق فيه وأكون في هذا اليوم أكثر تفاؤلًا ولطفًا مما كنت عليه من قبل مع نفسي وأفي بوعدي معها، وأمنحها الراحة والطمأنينة وأحقية الانسجام التي تجعل قلبي يشعر بالبهجة والسرور وأمارس أفضل عاداتي الجميلة مع الحفاظ على مثلي العليا دون أن يصرف انتباهي أي إزعاج حتى أشعر بقمة السعادة. وبذلك التواصل أزيد علاقتي مع الله وذاتي التي هي الأكثر من رائعة. وعندما احتجت لهذه الراحة، لم أعتبرها مضيعة للوقت بل هي محطة شحن هامة لتغذية روحي للانطلاق إلى عالم أكثر جمالًا ونقاءً وصفاءً وحتى نشعر بالسعادة تجاه أنفسنا يجب أن نكون راضين حتى نشعر بالامتنان ولهذا تعلم أن تكون راضيًا ممتنًا بما أكرمك الله من نعم فعندما تتمتع بالصحة والعافية والأمان فهو جزء من الثروة التي تمتلكها وهو أكثر أهمية فالمال يعتبر مقياسًا واحدًا للنجاح بل هو شكل من أشكال الثروة. هل سألت نفسك يومًا أو تدرك ذلك؟ فعندما تكون شخصًا صالحًا وأسرتك صالحة وأبناؤك يتمتعون بالأخلاق الحميدة الطيبة العظيمة، فهي أكبر ثروة تمتلكها على الإطلاق فلا تقارن حياتك بحياة الآخرين، افخر بنفسك وعبر عن امتنانك بما لديك وقل الحمد لله واقهر الظروف القاسية، ولا تغرك الحياة المبهرجة، فهي ليست الصورة الحقيقية للحياة، لأن الله خلقنا جميعًا متميزين، وكل شخص له أهميته في الحياة. فالأموال التي يمتلكها غيرك ومنازلهم الكبيرة الواسعة، أو سياراتهم الفارهة، كلها لا تعني أنهم أفضل منك أو أنهم مهمون أكثر منك، أو أنهم سعداء أكثر منك. فأنت لا تعلم بظروفهم، فهم مضطربون، ويغمرهم القلق والحزن. ولذلك، ثق بما خصك الله به من نعم، فأنت متميز لا يشبهك أحد من الخلق في هذا الكون حتى بصمات يديك وبصمات عيونك وجسمك وعقلك وحركاتك وسكناتك وطريقتك في الكلام وفي الحب، وفي الضحك، وفي كل شيء. فأنت فريد من نوعك، لا يشبهك أحد في هذه الدنيا، ولذلك أحبب نفسك ودللها، وقدرها، واحترمها، فأنت من تدعم نفسك بالحب، ومن تقوي إرادتك وترفع مكانتك فلا يرفعك أحد للقمة غيرك أنت. . وتأكد أن الأهرامات بنيت حجرًا حجرًا حتى ارتفعت إلى عنان السماء، لتكون معجزة صامدة شامخة مدى الدهر، وتمتلك تلك الهيبة والعظمة. إنها معجزة الإنسان عندما يبدع ويثق بنفسه بأنه أعظم مَن خلقه الله على وجه الأرض، يستطيع أن يصنع ما لا يتصوره عقل والاختراعات العلمية والتكنولوجية المتلاحقة هي من صنع العظماء . أخرج مكنوناتك أمام الآخرين باعتبارك قائدًا مبدعًا، موهوبًا، شجاعًا، صاحب رؤية، لا تابعًا. لا تتخلَّ عن قدراتك العظيمة، لا تشتكِ ولا تكن خانعًا، توكل على الله، فالعظماء هم من يجعلون الآخرين يشعرون بأنهم أكثر أهمية. فالتفكير دون تنفيذ هو طريق الضعفاء، فعندما نغادر هذه الدنيا، لن يتذكرنا أحد من الخلق إلا بما تركناه من إرث جميل يُستفاد منه الاجيال القادمة .

15/2/2025