آخر تحديث :الأحد - 02 فبراير 2025 - 09:50 م

كتابات واقلام


الفساد في المؤسسات الحكومية وآثاره على حياة المواطنين

الأحد - 02 فبراير 2025 - الساعة 05:48 م

حكيم الشبحي
بقلم: حكيم الشبحي - ارشيف الكاتب


يعد الفساد في المؤسسات الحكومية أحد أخطر التحديات التي تواجه وطنا الجنوبي إذ ينعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين ويعرقل أي جهود للتنمية أو الاستقرار في البلاد. مع تدهور الخدمات العامة وزيادة معدلات الفقر أصبح الفساد عائقا رئيسيا يعمق الأزمات التي يعيشها المواطنون خاصة في محافظات الجنوب.

فقد تعددت أسباب الفساد في المؤسسات الحكومية ومن أبرزها غياب الرقابة الفعالة التي سمحت له بالانتشار دون رادع حقيقي بالإضافة إلى ضعف سيادة القانون في ظل الصراعات السياسية المستمرة.
كما أن التدهور الاقتصادي وانخفاض الرواتب دفع بعض الموظفين إلى اللجوء للرشاوى والمحسوبية كوسيلة لتعويض النقص في دخلهم. أصبحت بعض المناصب الحكومية محكومة بالعلاقات الشخصية والولاءات السياسية أو القبلية بدلا من الكفاءة أدى إلى تعميق الفساد داخل المؤسسات.

وفي الوقت نفسه ساهمت الحرب والانقسامات السياسية في تعزيز هذه الظاهرة حيث أصبحت المناصب وسيلة لتكريس النفوذ الشخصي والسياسي علاوة على ذلك يساهم ضعف دور الإعلام والقضاء في عدم كشف الفساد ومعاقبة الفاسدين حيث يتم التضييق على الإعلام المستقل ويعاني القضاء من تدخلات سياسية.

ان تداعيات الفساد أدت إلى تدهور الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المواطنون ففي القطاع الصحي يعاني المواطنون من تدني مستوى الرعاية الصحية بسبب سرقة مخصصات المستشفيات ونقص الأدوية والمعدات الطبية.
كما تراجع مستوى التعليم نتيجة لتوزيع غير عادل للموارد وعدم دفع رواتب المعلمين.
واما في قطاع الخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه أصبح سوء الإدارة يسبب انقطاعات متكررة في الكهرباء وشحا في المياه مما يزيد من معاناة الناس.

ومن الناحية الاقتصادية فإن استنزاف الموارد العامة لصالح المسؤولين أدى إلى تفاقم الفقر وزيادة البطالة حيث تهيمن شبكات الفساد على الوظائف الحكومية وتعتمد على التوظيف بالوساطة بدلا من الكفاءة.
كما ترتفع تكاليف المعيشة نتيجة لسوء إدارة الاقتصاد والتهرب الضريبي من قبل المتنفذين.

كما أن الفساد يعمق الإحباط الشعبي ويزيد من ضعف الثقة في الحكومة حيث يشعر المواطنون أن الحكومة عاجزة عن محاربة الفساد. وهذا يساهم في زيادة الهجرة للخارج بحثا عن فرص حياة أفضل، وفي الوقت نفسه يظهر اقتصاد موازي خارج سلطة الدولة مثل الأسواق السوداء وشبكات الفساد المنظمة.

ولمكافحة هذه الظاهرة يجب على الحكومة تعزيز الشفافية والمساءلة من خلال إنشاء هيئات رقابية مستقلة قادرة على محاسبة الفاسدين بعيدا عن التدخلات السياسية.
وكذا من الضروري أيضا إصلاح القضاء لضمان استقلاله وقدرته على محاكمة الفاسدين دون أي ضغوط. ويجب رفع الوعي الشعبي وتشجيع دور الإعلام والمجتمع المدني في كشف الفساد. وتحسين الأوضاع الاقتصادية ورفع رواتب الموظفين الحكوميين وتوفير الحوافز التي تمنع اللجوء إلى الفساد يشكل خطوة أساسية نحو محاربة هذه الظاهرة.
إضافة إلى ذلك يجب دعم الصحافة الاستقصائية للكشف عن قضايا الفساد من خلال التحقيقات الصحفية المستقلة.

سيظل الفساد في المؤسسات الحكومية ليس مجرد مشكلة إدارية بل كارثة تمس حياة المواطنين بشكل مباشر وتعرقل أي تقدم أو نهضة يمكن أن تشهدها البلاد.
ومحاربته تتطلب إرادة سياسية حقيقية إصلاحات قانونية وتعاون فاعل من الإعلام والمجتمع المدني.