آخر تحديث :السبت - 27 أبريل 2024 - 05:23 م

كتابات واقلام


الجدل الدائر حول المؤهلات العلمية واعتماد المهنة في بيانات جواز السفر

الجمعة - 01 مارس 2024 - الساعة 05:41 م

حافظ الشجيفي
بقلم: حافظ الشجيفي - ارشيف الكاتب


في مقال كتبته امس يناقش شرط تقديم المؤهلات الأكاديمية لتغيير المهنة في وثيقة جواز السفر، أثير جدل حول مشروعية هذا الإجراء وإمكانية تطبيقه.  وفي حين يدعي بعض المجتهدين أن هذا الشرط ينطبق على جميع المهنيين، فإن التساؤلات تثار حول جدواه وعدالته، وخاصة في مهن مثل الصحافة والإعلام.

 جوهر المشكلة يكمن في تعريف المهنة.  حيث يجادل الكثيرون بأن المهنة يجب أن يتم تحديدها من خلال المؤهل الدراسي، بدلاً من من الوظيفة الحالية او مجال العمل الذي يشغله المتقدم لطلب اعتماد مهنته في مصلحة الجوازات.  وهذا يثير مخاوف الأفراد الذين يعملون في مهن لا علاقة لها بخلفيتهم التعليمية، مثل الصحفيين والإعلاميين والمعلمين والموظفيين الحكوميين والمهندسين وغيرهم كثير ممن قد يفتقرون إلى المؤهلات التعليمية في هذه المجالات او يحملون مؤهلات تعليمية في تخصصات لا علاقة لها بالوظائف التي يشغلونها.

 خذ بعين الاعتبار حالة مقدمي ومعدي البرامج في وسائل الإعلام الذين لا يحملون درجات علمية في الدراسات الإعلامية ولكنهم معترف بهم كمحترفين في مجال الإعلام.  وبالمثل، فإن الكتاب والادباء والفنانين والممثلين والموسيقيين والرسامين غالبا ما يتفوقون في هذه المجالات دون مؤهلات محددة.  فهل يمكن تحديد مهنهم بشهاداتهم العلمية أم بعملهم الفعلي في هذه المجالات؟

فاذا كان الفنان حاصل على الاعدادية مثلا فهل يمكن ان تقيد مهنته في وثيقة الجواز على انه عامل ومثله الكاتب والرسام والمذيع لمجرد انه لا يمتلك مؤهل اكاديمي متخصص في هذا المجال او ذاك.

 علاوة على ذلك، تنشأ تناقضات داخل ادارة مصلحة الهجرة والجوازات نفسها.  قد يفتقر الموظفون في إدارة الهجرة والجوازات إلى المؤهل المتخصص المتعلق بأدوارهم ووظائفهم ومهنهم الإدارية فيها.  كيف يمكن أن تنعكس مهنهم بدقة في بيانات جواز السفر إذا كانت تعتمد فقط على المؤهلات الأكاديمية؟  علاوة على ذلك، يواجه خريجو كليات التربية والتعليم الذين يعملون في مجالات مختلفة غير مجال التدريس معضلة في تحديد مهنتهم فيما يتعلق بتوثيق بياناتهم في جوازات السفر.

فمثلا هل يمكن ان تعتمد مهنة معلم في وثيقة الجواز لخريج كلية التربية والتعليم بينما هو في الواقع يعمل في ادارة الجوازات .. او يعمل عسكري في الجيش او في وزارة التجارة..هل يعقل ان يتم تقييد مهنته في الجواز بموجب مؤهله الدراسي الحاصل عليه من كلية التربية بينما هو يعمل في الجوازات او ضابط في الجيش او صحفي في الاعلام ام تقيد بموجب المجال الذي يعمل فيه والمهنة التي يزاولها علي ارض الواقع.... هذه امثلة بسيطة لحالات كثيرة جدا جدا عن واقع القوي العاملة في بلادنا وتخصصاتها ومهنها.

 فإذا كان هذا الإجراء يفرضه القانون بالفعل،كما يزعم الزاعمون فإنه يثير ضرورة إجراء تعديلات تشريعية لتتماشى مع الواقع العملي للمهن الحديثة.  قد يبدو المتطلب الحالي لتقديم المؤهلات الأكاديمية لتغيير المهنة في وثائق جواز السفر غير منطقي وغير عملي في عالم يتم فيه تحديد المهنة من خلال خبرة الفرد في العمل  بدلاً من المؤهل الدراسي.

 في الختام، فإن الجدل الدائر حول المؤهلات الأكاديمية والتغييرات المهنية في وثائق جواز السفر يسلط الضوء على الحاجة إلى فهم دقيق للمهنة بما يتجاوز أوراق الاعتماد التعليمية.  ومع تطور المجتمع واحتضانه لمسارات وظيفية متنوعة، فمن الضروري أن تتكيف الأنظمة لضمان العدالة والدقة في توثيق مهن الأفراد.  لقد حان الوقت لإعادة تقييم القوانين والأنظمة القائمة بحيث تعكس الطبيعة الديناميكية للمهن الحديثة وضمان عدم تقييد الأفراد بشكل غير عادل بمتطلبات عفا عليها الزمن.