آخر تحديث :الأحد - 28 أبريل 2024 - 05:42 م

كتابات واقلام


حتى لا تنسوا ..

الأحد - 11 يونيو 2023 - الساعة 10:13 م

محمد علي محمد احمد
بقلم: محمد علي محمد احمد - ارشيف الكاتب


حتى لا تنسوا ..
كل فرصة ضُيِّعَتْ وكانت مهيأة وكنا فيها الأقوى
باتت اليوم أصعب لا تقبل أنصاف الحلول أو أدنى

من المخجل أن أقول حقيقة مرة ، لكنها تظل حقيقة و لابد أن أقولها كي لا نبقى غارقين في الأحلام ، و لا نظل في الغي و الكذب مخدوعين ، و حتى نصحو و لو كنا في ذلك متأخرين ، فخير لنا من أن نصارح أنفسنا بالخطأ لتصحيحه بصدق و عزم صادقين ، لا أن نصمت ، أو نسير بخطى المنافقين ، فمن يحب وطنه بإخلاص كان في حبه ناصح أمين ، و من همه مصالحه الخاصة كيف بالله عليكم بهم الوطن يستقيم !!
لذلك أقولها بحرقة و أنين تقودني محبتي لموطني و لعاصمتي الحبيبة عدن ضي العين ، و لأني حر و لست بغير الولاء لديني ثم لوطني أدين ..

حقيقة مفادها "أننا لا نملك رجال دولة ولا سياسة و لا أصحاب قرار شجاع و لا ذو حكمة و كياسة"

و إلا بالله عليكم هل من المعقول أن كل تلك العقود التي مضت و الجلسات والمؤتمرات التي عقدت و التظاهرات و الاحتجاجات و الفعاليات التي أقيمت و الدماء التي سكبت و الجروح التي نزفت و الحقوق التي ضيعت و الأملاك التي صودرت و الثروات التي نهبت منذ حرب صيف ٩٤م و حتى اليوم و لازلنا تحت رحمة الوحدة و بالقوة ، لم نستطع منها فكاكاً بالرغم من كل ما يثبت للعالم أجمع و بكل وضوح مبين ، لا يقبل شك و بالأدلة والبراهين ، بأنها خدعة و لعبة قذرة استغلوا فيها عاطفة و قومية و عروبة الجنوبيين تحت شعار الوحدة التي ذبحت يوم مولدها و فصل رأسها عن جسدها لحظة رفع كفنها في مدينة السلام و المحبة و حاضنة الأحرار و المناضلين ، و تناثرت أشلاؤها و أريق دمها بدخول جحافل المحتلين للأرض التي كانت قد استقبلتهم بالوفاء و عاشوا فيها مطمئنين ، فعاثوا فيها فساداً و قتلاً و أفرغوا كل حقدهم الدفين و غلهم اللعين على شعب لم يروا منه المكر و الخداع بل كان معهم و مع غيرهم كريم الطباع ، مضياف سمح طيب القلب ، ودود العشرة ، قنوع ليس بطماع ، وطني حد النخاع ، و بالعروبة يتغنى بها بشوق الملتاع .

و بالرغم من كل ما لقيه شعب الجنوب من مآسٍ و غدر حروب الأنذال ، و مكر و جرائم وحشية قذرة بلغت حد الجبال ، و مازال الجنوب و شعبه بشهادة وفاة الوحدة رهن الإعتقال ، أليس ذلك أمر محزن مخجل مخزٍٍ لكوننا نملك ما يدين جرمهم و خيانتهم للعهود و العقود و لكلمة الرجال ، و حقنا في تقرير مصيرنا في الوقت الذي نقرره نحن وفق مصالح وطننا و مواطنينا ، و فك كل ما يجمعنا بهم من ارتباط و الذي في الحقيقة كان تسرعاً و حماقة و اعتباط ، و ببساطة عوام الناس أقول والله أننا قادرون على الخروج من مأزقنا و ما تسمى بالوحدة منذ عدة سنين ، فهل سمعتم عن وحدة بين دولتين يقوم مشايخها و عسكرها و قادتها بنهب ثراوت الأخرى ليس ذلك وحسب بل و بكل وقاحة و دون حياء يقومون بتسجيل آبار نفط و أراضٍ مملوكة للدولة في الجنوب التي دخلت وحدة معهم و منعت تلك الدولة مواطنوها الجنوبيون من الاقتراب منها ، ثم يأتي هؤلاء من أطراف الشمال و من فوق الجبال ومن بين الرمال و بعقلية الجهال ليستولوا عليها و يسجلونها كأملاك خاصة بهم ، بكل وقاحة و عجرفة المنتصر المحتال ، و هم لا تربطهم بأرض الجنوب مولد و لا مآل ، وبشهادة شركات بريطانية و أجنبية أخرى ، و لا تظنون أنهم مجرد شركات تجارية فقط بل لهم اتصالات بمخابرات و سياسات دولها ، و لم نستغل ذلك في حينه على حث تلك الشركات لرفع تقرير بذلك إلى دولهم ليعرفوا فضاعة و معاناة الجنوب الذين دخلوا وحدة لم تكن سوى مجرد عقود تجارية و ليست شراكة أخوية ، و أقسم بالله إن سخرنا تلك الأفعال الوقحة و التصرفات القذرة للمحتل فإنها وحدها فقط بعيداً عن سجل كبير من الخروقات و المهازل والبلوى و النصب و النهب التي ابتلينا بها ، فإنها و الله كفيلة بفرض فك ارتباطنا معهم بالقوة و استعادة دولتنا على كامل تراب أرضنا و حدوده الجغرافية و التاريخية ، و ما كنا بحاجة إلى مؤتمرات و لا إلى جولات و حوارات ، و إلى إذن و تصريح من المحتل أو من دول يريدون كسب مصالحهم على حساب حقنا القانوني و الشرعي في إعلان دولتنا و انتزاع حقوقنا و ثرواتنا على كامل حدودنا قبل ٩٠م !!

لا أصدق والله كيف تناسيتم يا قادتنا وساستنا كل تلك الجروح الغائرة في كل مواطن فينا ، ولماذا هانت عليكم دماء الشرفاء و كيف نقضتم العهد الذي قطعتموه للشهداء ، وقد رأيتم بأم أعينكم تلك المشاهد المؤلمة لأطفالنا و هم يبكون آباؤهم بحرقة و براءة و صفاء، و لصرخات النساء الصابرات لفقدهن إخوانهن و الأبناء ، و لقهر الآباء المكلومين و الرجال الذين اضطهدوا و همشوا و ذاقوا القهر و الحرمان بمنهجية و عِداء ..
ثم ألم يؤثر فيكم ما ترونه اليوم وما وصل إليه حال شعبنا المزري التعيس الذي و مازال التعذيب يطاله بخبث و لؤم ، وما زلتم تشرعنون لمن وضعتم أيديكم بإيديهم كل جرائمهم و ما حل فينا و تقبلون بالعذاب الذي أهلك وما زال يفتك بأهلنا بفضل شراكتكم معهم و استعادتكم لحكمهم لنا و بسط سلطتهم علينا .
أي منطق يقبل هذا الهرج و المرج الذي تقدمون عليه ثم تنادون باستعادة الدولة الجنوبية !!
فلا استعدتم كرامة مواطنيكم ولا حقوقهم المغتصبة ممن قبلتم بالشراكة معهم ، و بالتالي لن تستعيدوا الدولة و لن تعود في ظل تلك العقلية التي لم تنتهز فرصة الضغط في اتجاه فرض استعادة الدولة و كانت مهيأة لها ، و اليوم باتت الأمور أكثر تعقيداً ، فلا مكان لأنصاف الحلول أو نزول لرغبات أصحاب المصالح ، بل إن اليوم لن يجدي نفعاً في انتزاع الحق سوى القوة .


لذلك مهما ادعينا بمطالبنا وهي مطالب حقوقية بامتياز في استعادة أرضنا ودولتنا ..
إلا أن تلك المطالب ستظل مفرغة تماماََ من مضمونها ولن نكون أبداََ أهلاََ لها حتى نثبت أننا جادون و أصحاب مسؤولية بحق في تعاملاتنا مع أنفسنا أولاََ و ذلك بإنصاف من ظُلِمَ فينا إنصافاً عادلاً و سريعاً ، و رفع المعاناة عن كافة مواطنينا بتحسين الخدمات و توفير الأساسيات من المتطلبات ، ومعاقبة تجار الحروب و مفتعلي الأزمات ، ألا يستحق شعبنا ذلك منكم ، وهو من بفضله و ثباته لما كان لكم شأن و ما كنتم .

فهل ننتظر ممن احتلنا أن يستعيد حقوقنا ،
و لماذا لا نقوم به نحن طالما و ارضنا تحت سلطتنا كما ندعي ، أم أننا لازلنا محتلين !!

و كيف تستقيم مطالبنا للعالم في حثهم لتحقيق العدالة و برفع مظلوميتنا و استعادة دولتنا ممن استولى على أرضنا ونهب ثرواتنا وشن الحرب علينا واستباح دمائنا ، ونحن لم نقم العدالة فيما بيننا !!
و من العيب والله أن تكون أرضنا كما توهموننا وكما أعداؤنا يدندنون أنها تحت قبضة قواتنا الجنوبية التي تمدد وتوسع قادتها في البناء و الثراء ، و المواطنون الجنوبيون لازالوا يشكون الظلم و القهر فمنهم مازال حقهم مغتصب و من وظيفته مطرود معيب ، و في كل حياته مهمش متعب ، وخدماته وضيعة معدومة لا ترتقي للآدمية ، أناس لا زالت مظالمهم مستمرة لم تحل منذ وحدة ٩٠م و حرب ٩٤م ، و منهم للأسف مظالمهم ظهرت بعد تحرير عدن ٢٠١٥م .

إذن قبل أن نطالب بإقامة دولتنا على كل ذرة رمل من تراب وطننا الحبيب المغتصب ، علينا ان نقيمها أولاً واقعاََ في حياتنا و بإخلاص في قلوبنا و بوعي و كياسة دون غباء في تحكيم عقولنا
حينها حتماً والله سنقيمها على أرضنا .