آخر تحديث :الإثنين - 10 مارس 2025 - 05:18 ص

كتابات


تعقيب سياسي على تصريحات الرئيس الأسبق علي ناصر محمد في برنامج "بلا قيود" على قناة BBC عربي

الإثنين - 10 مارس 2025 - 02:21 ص بتوقيت عدن

تعقيب سياسي على تصريحات الرئيس الأسبق علي ناصر محمد في برنامج "بلا قيود" على قناة BBC عربي

كتب اسامة العمودي

سيادة الرئيس علي ناصر محمد، تقول إنك غادرت السلطة ولم تغادر الحياة السياسية، إذن لماذا لم نسمع منك خلال أكثر من عقدين موقفًا واضحًا وصريحًا يدين الاحتلال اليمني للجنوب؟ لماذا كان صوتك غائبًا عن الجرائم والانتهاكات التي تعرض لها شعب الجنوب منذ حرب 1994، حيث القتل والقمع ونهب الثروات الجنوبية تحت سلطة صنعاء؟



تحدثتَ عن الحروب التي شهدتها اليمن دون أن تشير إلى الحقيقة الجوهرية: الجنوب لم يكن جزءًا من هذه الصراعات كطرف داخلي، بل كان ضحية احتلال بدأ في 1994 واستمر حتى اليوم بأشكال مختلفة. كيف تتحدث عن "تقسيم اليمن" وكأن الجنوب كان في الأصل جزءًا طبيعيًا من "دولة موحدة"، بينما الواقع يقول إن هناك دولتين، الجمهورية العربية اليمنية في الشمال، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب، والوحدة التي جرت في 1990 انتهت فعليًا بحرب صيف 1994 عندما اجتاح نظام صنعاء الجنوب بالقوة؟


دعني ذكرك أن من انتصر في حرب 2015 هم أبناء الجنوب، لكن هل تعلم لماذا انتصروا؟ لأنهم لم يقاتلوا دفاعًا عن "يمن موحد"، بل قاتلوا لاستعادة أرضهم وهويتهم من مليشيات الحوثي ومنظومة الاحتلال اليمني التي ما زالت تحاول السيطرة على الجنوب. فهل تعترف اليوم بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم بعد أن كانوا هم من دفعوا الدماء دفاعًا عن أرضهم؟


تدعو إلى الحوار، ولكن بين من ومن؟ الحوار لا يمكن أن يكون إلا بين دولتين، بين طرفين متكافئين، وليس بين ظالم ومظلوم، وليس بين جلاد وضحية. الحوار الحقيقي يجب أن يكون بين الجنوب العربي، الذي يسعى لاستعادة دولته وهويته، وبين القوى الشمالية التي تحاول فرض سيطرتها تحت مسميات مختلفة، سواء كانت "الوحدة"، أو "الفيدرالية"، أو غيرها من المشاريع التي لا هدف لها إلا إبقاء الجنوب تحت الهيمنة.



العالم اليوم يعي خطورة الحوثيين، والولايات المتحدة نفسها أدرجتهم كجماعة إرهابية، بينما لا تزال بعض الأطراف تتحدث عنهم كـ"طرف سياسي". كيف يمكن بناء مستقبل سياسي سليم في ظل وجود مليشيات مدعومة من إيران تعمل على نشر الفوضى والإرهاب؟



تحدثتَ عن "الحفاظ على الوحدة اليمنية" وكأنها الحل السحري، ولكن عن أي وحدة تتحدث؟ هل هي وحدة الاحتلال التي فرضت على الجنوب بالقوة في 1994؟ هل هي وحدة النهب والفساد التي عانى منها شعبنا لعقود؟ الجنوب العربي اليوم يعرف طريقه جيدًا، وشعبه اختار استعادة دولته المستقلة بعاصمتها عدن، وهذا ليس مجرد حلم أو شعار، بل هو واقع تُفرض ملامحه كل يوم على الأرض بتضحيات أبنائه وبصمودهم الأسطوري.


إن استقلال الجنوب العربي هو الضامن الحقيقي لاستقرار المنطقة، وهو الحاجز الذي سيمنع أي تدخلات إيرانية أو مشاريع توسعية تهدد الأمن الإقليمي والدولي. الجنوب العربي لم يكن يومًا تابعًا، ولن يكون تابعًا، بل كان وسيظل دولة ذات سيادة، وشعبه لن يقبل بأي حلول تنتقص من حقه في تقرير مصيره واستعادة دولته.


كلمة أخيرة


سيادة الرئيس علي ناصر محمد، التاريخ لن يرحم من يتردد في قول الحق، ولن يرحم من يساوي بين الضحية والجلاد، وإذا كنت تؤمن حقًا بالحوار والسلام، فابدأ بالاعتراف بحق الجنوب العربي في استعادة دولته، فهذا هو الأساس لأي حوار حقيقي يمكن أن يؤدي إلى حل عادل ودائم.